** ما هي الأساليب الحكيمة في دعوة زوجي للخير، وحثه على الطاعة، وكذلك في الإنكار عليه فيما يُنكر؟ آمل ذكر ما يدل على ذلك من الكتاب والسنَّة، ومن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ومن تبعه بإحسان. * الحمد لله أولاً: قد أحسنت الأخت السائلة في اختيار موضوع سؤالها، ما يدل على اهتمام بالغ منها بأسرتها وعلى رأسهم رب البيت الأب، ونود من أخواتنا النساء أن يكون في بالهن وفي واقعهن مثل هذا الأمر الجليل وهو البحث عن الطرق والأساليب والوصايا في دعوة النساء – أمّاً وزوجة وأختاً وابنةً – أفراد أسرهن، فهنَّ على ثغرة عظيمة، فلتتق الله فيها، ولتحذر أن يدخل الشر أو الفساد من ناحيتها. ثانياً: مما نوصي به الزوجات الفضليات في دعوة أزواجهن إلى الخير وإنكارهن عليهم ما يرينه من معصية وسوء أشياء نرجو أن تكون موضع الاهتمام والتنفيذ، ومنها: 1. الصبر والتحمل؛ فما تراه الزوجة من زوجها من تقصير في طاعة، أو وقوع في مخالفة، لن يكون حلُّه بكلمة يسمعها من زوجته أو بموقف عملي تظهره أمامه؛ فإن إتباع الهوى والشهوات يستعصى على العبد أن يكون حله بتلك السهولة التي تظنها كثيرات، بل يحتاج الأمر من أخواتنا الزوجات إلى صبر على ما يسمعنه ويرينه من أزواجهن من تقصير في طاعة أو مخالفة لشرع الله تعالى، والتعجل في الفراق من أجل هذا أو وقوع الهجر والصدام بين الزوجين لن يجدي نفعاً، فلتصبر ولتتحمل حتى يجعل الله تعالى لأمرها فرَجاً. 2. الدعاء، فكثير من أخواتنا الزوجات يستهنَّ بالدعاء فلا يقمن به أصلاً، وكثيرات يدخل في قلوبهن اليأس إذا لم يرين استجابة الدعاء في واقع حالها مباشرة، والواجب على المرأة المسلمة أن يكون عندها الثقة المطلقة بربها تعالى، وأنه تعالى يستجيب لها في كل الأحوال إما تحقيقاً لطلبها أو دفعاً لسوء عنها أو تأخيراً للثواب يوم تلقاه، ويجب أن يكون للدعاء في حياتها أهمية بالغة؛ فهو عبادة جليلة بين العبد وربه لا شك أنه كان له الأثر البالغ في صلاح كثيرين. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: والمسلمون فى مشارق الارض ومغاربها قلوبهم واحدة، موالية لله ولرسوله ولعباده المؤمنين، معادية لأعداء الله ورسوله وأعداء عباده المؤمنين، وقلوبهم الصادقة وأدعيتهم الصالحة هي العسكر الذي لا يُغلب والجند الذي لا يخذل. 3. السمع والطاعة وطيب الألفة وحسن العشرة. وقد كانت العرب توصي بناتِها بما يوجب الأُلْفة والمودة، فتقول الأم لابنته: " كوني له أرْضاً يكن لك سماءً". فلا ينبغي للزوجة أن تكون جبلاً، ولا وادياً، بل لتكن أرضاً منبسطة، هينة لينة، يسهل التعامل معها، ليكون الزوج سماء يظلها بسقفه فيحميها، وبمثل هذا تصلح البيوت، وبمثل هذا تستقيم الحياة ويكون لها طعم رائق حتى كأن الزوج يدخل في جنة الأرض تنتظره الحور العين بجمالها وبهائها وطيب ريحها وحسن تبعلها وجمال منطقها. إن من شأن هذا أن يؤثر تأثيراً بالغاً على الزوج العاقل، ولا ننتظر من الزوجة أن تلقى زوجها بوجه عبوس قمطرير، بل تلقاه بخير ما تلقى به الزوجة الحنون زوجها الذي أوجب الله تعالى عليها طاعته وجعل له حقّاً عظيماً، ومن شأن حسن التبعَُّل والسمع والطاعة أن يوجد لهذه الزوجة الفاضلة في قلبه مكاناً عالياً ومكانة رفيعة، ومن ثَمَّ فإنه يكون لكلامها ونصحها ووعظها أثر بالغ في استقامة ترجوها منه أو مخالفة يتركها حياء منها واحتراماً لأخلاقها وسلوكها. 4. حسن تربية الأولاد، ويمكن للمرأة العاقلة أن توصل رسائل بالغة الأهمية لزوجها عن طريق حسن تربية أبنائها وبناتها، فتجعل من حسن أخلاقهم طريقاً تصل به ليترك تقصيراً في طاعة فيجد ويجتهد، وليدع معصية يكون متلبساً بها، فالمرأة العاقلة الحكيمة يمكنها جعل أولادها قدوات لزوجها المقصِّر أو العاصي إذا أحسنت توجيه رسائل النصح والوعظ عن طريقهم، فقد يستحيي هو أن يعصي ربَّه أمامهم إذا أراد التدخين – مثلاً – وهم الذين عرفوا حرمته وأنكروه على غيرهم ، ويستحيي أن ينظر إلى قناة فضائية فيها منكرات مسموعة ومرئية وهم الذين قد غضوا أبصارهم وأسماعهم عند سماعها، وهكذا تكون تربيتها وتعليمها لأولادها طريقاً سلساً قريباً للإنكار على زوجها ولوعظه ودعوته. 5. الكتب والأشرطة والفضائيات، وتستطيع الزوجة شراء كتب سهلة الأسلوب قليلة الصفحات لتضعها في أرجاء بيتها ليطلع عليها زوجها أثناء فراغه، وتستطيع برمجة اللاقط على فضائيات إسلامية فيها برامج نافعة هادفة يكفونها عناء النصح والتوجيه والإرشاد، فقد يأتي الشيطان أحد الرجال ويجعله يأبى نصح النساء! فإذا ما جاءه الوعظ والإرشاد من شيخ فاضل من أهل السنة لم يجد مانعاً من قبول كلامه، والزوجة العاقلة لايهمها أن تكون هي السبب المباشر في إصلاح زوجها وإنما سكون همها صلاحه وتكون سعادتها غامرة حينما ترى حاله تغيَّر للأفضل. 6. أصحابه وأصدقاؤه وأقرباؤه، وإذا علمت الزوجة العاقلة الحكيمة وجود أحد من أولئك من أهل الخير والفضل ولها تأثير على الناس أكثرت من دعوته وزوجته إلى بيتها ليكثر الجلوس مع زوجها، ولعلَّ ذلك أن يكون سبباً في هدايته وصلاحه. 7. مما ينبغي للزوجة العاقلة الحكيمة استعماله ليكون لها مكانة في قلب زوجها: إكرام أهله والعناية بهم، فتكثر من إقامة الدعوات في بيتها وتتفقدهم بالهدايا، ومن شأن ذلك أن يوجد لها قبولاً عندهم ومن ثمَّ عند زوجها، ويمكنها استثمار ذلك في نصح توجهه، أو موعظة تبلغها، أو حكم توقفه عليه، ولهلَّ ذلك أن يكون له أثر طيب عليه. 9. تجنب النصح والوعظ أمام أولاده، فإن من شأن ذلك أن يجرح كرامته، وأن يجعل ذلك عذراً له في رفض كلامها ومنعها من تكرار التحدث به، بل وقد يسبب ذلك من بعض العصبيين في ضربها أمام أولادها فلا تستفيد تغييراً لوضعه ولا ترى صلاحاً لحاله. ونسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يريهم الحق حقّاً ويرزقهم أتباعه، ويريهم الباطل باطلاً ويرزقهم اجتنابه. والله أعلم المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب