حنان قرقاش يبدو أن رياح التغيير الثورية الشعبية، التي تهب على عدد من البلدان العربية، حاليا، ومنذ عدة أسابيع، قد ألقت بظلالها، على الكثير من مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية، ليس في هذه الدول نفسها فحسب، وإنما امتدت ليشمل تأثيرها، بقية البلدان الأخرى، التي تبدو حاليا في حالة استقرار وهدوء، كالجزائر مثلا، ففي الوقت الذي قلبت ثورة الياسمين نظام الحكم في تونس، وأجبرت رئيسها المخلوع زين العابدين بن علي على الفرار، وأحالت ثورة ال25 يناير، بمصر الرئيس السابق أيضا حسني مبارك، وأولاده وحاشيته، ليس على التقاعد الإجباري فحسب، وإنما على السجن الاحتياطي، يكتفي الجزائريون بمتابعة كم الأحداث والأخبار عبر القنوات الفضائية والجرائد، والنشرات الإخبارية، هذا في الوقت الذي تعرف الثورات في كل من ليبيا واليمن وسوريا تصعيدا خطيرا. وبالحديث عن سوريا بالذات، فان الأمور تبدو معقدة أمام عدد من الشبان البزناسية بالجزائر الذين يعتمدون على الاسوالق السورية اعتمادا كبيرا في جلب السلع خاصة ما تعلق بتجارة الألبسة النسوية وملابس الأطفال، غير ان تطور الاحتجاجات بأرض الشام، وحالة الاحتقان والتوتر الكبيرة التي تعيشها عدة محافظات سورية حاليا، إضافة إلى سقوط عدد كبير من الضحايا، والتعامل الأمني الصارم مع المتظاهرين هناك، اخلط حسابات، المهتمين بالأسواق الدمشقية، من التجار الجزائريين، وأجبرهم إما على تغيير وجهاتهم ناحية أسواق أخرى، كالأسواق التركية، التي تجتذب بدورها نسبة كبيرة من البزناسية الجزائريين، وتشهد سلعها طلبا كبيرا، لاسيما النسوية، أو الانتظار إلى حين انفراج الأزمة بسوريا، وان كانت تبدو بعيدة نوعا ما، وتدر تجارة الملابس النسوية وملابس الأطفال تحديدا أرباحا معتبرة على ممارسي هذا النشاط، من الشبان، سواء من أصحاب المحلات، أم من أصحاب الطاولات الفوضوية في الأسواق الشعبية وغيرها. في هذا الإطار يقول احد الشبان الذي يمتلك محلا لبيع الملابس النسوية الجاهزة بسوق عين النعجة، انه ومنذ اندلاع الاحتجاجات في سوريا قبل عدة أسابيع، لم يقم بتجديد السلعة الموجودة بمحله، وان كان يعمل على جلب سلع جديدة من تركيا، سواء سافر بنفسه، أو من خلال وسطاء آخرين يتعامل معهم في العادة، أما ما يتعلق بالعباءات والجبات وبعض القطع النسوية الأخرى التي كانوا يعتمدون في جلبها على الأسواق السورية، فإنها مؤجلة إلى إشعار آخر، مضيفا أن وغيره من زملائه التجار الذين كانوا يسافرون إلى سوريا دوريا، وفي فترات كثيرة من السنة، يتخوفون بشدة حاليا من التوجه إلى هناك، وأكثر ما يخيفهم هو التعرض إلى مصادرة سلعهم، أو الاعتقال، ما قد يجعلهم يخسرون أموالهم وربما حياتهم، ولذلك فإنهم يفضلون التريث، وانتظار ما ستنتهي إليه الأوضاع بهذا البلد الشقيق، وإلى حين ذلك، تبقى تركيا الوجهة المفضلة على ما يبدو سواء للجارة أو للسياحة والاستجمام، بعد أن تأثرت السياحة بعدة بلدان عربية، كتونس ومصر وسوريا، بفعل الثورات الشعبية والاحتجاجات والمظاهرات العنيفة التي تشهدها، حيث رهنت هذه الأخيرة كل أشكال الدخول إليها لغرض السياحة من جديد، رغم المحاولات الكبيرة التي تبديها لأجل إعادة إنعاش قطاعها السياحي، وإعادة جلب الزوار إليها من جديد، خاصة بالنسبة لتونس ومصر.