ذكرت مجلة »فورين بوليسي« الأمريكية أن الرئيس المصري حسني مبارك يواجه حاليا حرجا شديدا بسبب استمراره بالمشاركة في حصار قطاع غزة، في نفس الوقت الذي تنخفض فيه شرعيته وسط شكوك حول صحته ومستقبل النظام بأكمله. وقالت المجلة إن الاعتداء الإسرائيلي على قافلة »أسطول الحرية« ألقى الضوء على دور مصر والذي وصفته ب »الشريك الصامت« لدولة الاحتلال في حصار القطاع، مما يعد تطورا مزعجا لمصر، التي تنكر أداءها أي دور في الحصار، على الرغم من إغلاقها معبر رفع الحدودي منذ سيطرة حركة حماس على القطاع قبل حوالي ثلاث سنوات. وأشارت إلى أنه على الرغم من أن مصر قررت فتح المعبر لتجنب غضب مواطنيها، فإنها منعت وصول قافلة مساعدات أعدتها نقابة الصيادلة في الإسكندرية من الوصول إليه، زاعمة أنه من الممكن أن يتسبب الغضب حول المعبر في »زعزعة استقرار مصر؟«، مما قد يضاعف من تكلفة مشاركة النظام في الحصار. واعتبرت المجلة أن مصر فقدت ذرائعها السياسية والأخلاقية على المستويين المحلي والإقليمي للاستمرار في موقفها من المعبر بعد الغضب العارم على ما يراه الكثيرون تعاونا مصريا مع إسرائيل لمعاقبة سكان القطاع على »تصرفات« حماس. وزعمت »فورين بوليسي« أن قلق النظام المصري من فوز حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية في يناير 2006، يعد سببا لسلوكه ذلك النهج، وخصوصا بعدما تمكنت جماعة الإخوان المسلمين من الحصول على 20 ٪ من مقاعد البرلمان، حيث رغب النظام في إفشال تجربة حماس، كما لفتت إلى قول مصطفى الفقي، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان، إن مصر لن تقبل بإقامة »إمارة إسلامية« على حدودها الشرقية. وأكدت المجلة أنه على الرغم من دعم القاهرة لحركة فتح سرا وعلانية منذ فوز حماس، حيث خصصت وجودا مخابراتيا كبيرا في القطاع، فإنها فشلت في احتواء حركة حماس، مضيفة أن ذلك يعتبر فشلا شخصيا لعمر سليمان رئيس المخابرات المصرية الذي قضى 5 سنوات يزور خلالها القطاع وتتوافر لديه خطة لقلب صعود حماس. كما لفتت إلى أن مطالبة الولاياتالمتحدة وإسرائيل بتشديد الحصار على تهريب الأسلحة إلى القطاع، دفعت مصر إلى الشروع في بناء جدار فولاذي يفصلها عنه، بجانب أن إدارة أوباما تعمل على تحسين علاقتها بالنظام، حيث تنازلت عن الضغوط التي كانت تمارس سابقا من أجل مساندة حقوق الإنسان والديمقراطية الحقيقية في مصر. وختاماً، اعتبرت المجلة أن إغلاق معبر رفح لا يمكن الدفاعُ عنه أكثر من ذلك، مع تظاهر المئات في القاهرة وفي أرجاء مصر مع هتاف المتظاهرين بشعارات مناهضة لمبارك ويربطون بين النظام وإسرائيل صراحة خلال الأيام القليلة الماضية. كانت صحيفة »الغارديان« البريطانية ذكرت في عدد سابق لها أن فتح معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة، وضع مبارك في حيرة بين التضامن العربي وبين علاقته مع الجارة إسرائيل. وقالت الصحيفة: »إن كثيرين من سكان غزة الذين كانوا عالقين على المعبر قبل فتحه، تحدثوا عن المأزق الذي وجد فيه مبارك نفسَه بعد الهجوم الإسرائيلي على أسطول الحرية«. وأكدت الصحيفة أن مبارك في حيرة شديدة بين تهدئة الغضب الشعبي بسبب تصرفات إسرائيل العدائية وبين الحفاظ على علاقة وثيقة بإسرائيل في الوقت ذاته، وهي العلاقة التي تضمن حصول مصر على ما يقرب من 2 مليار دولار من المساعدات الأمريكية وهي الأموال التي يرى المحللون أنها ضرورية لنظام مبارك الذي فقد شعبيته للاستمرار. وتقول الصحيفة إن الأوضاع في المعبر تثير الشكوك حول حقيقة فتحه فعليا، ففي الوقت الذي تعج فيه بوابة المرور من مصر إلى غزة بحركة الشاحنات التي تحمل المساعدات الطبية والغذائية وعودة الفلسطينيين العالقين إلى القطاع تظل البوابة الأخري للمرور من غزة إلى مصر وكأنها خالية. "حصار غزة" وتشن اسرائيل منذ جوان 2007 حصارا خانقا على غزة، وتشارك مصر بفعالية في هذا الحصار ضد »إخوانها« الفلسطينيين من خلال غلق معبر رفح وتدمير الأنفاق على رؤوس الفلسطينيين ما أدى إلى مقتل المئات منهم داخل الأنفاق، فضلاً عن إقامة جدار فولاذي بعمق 30 متراً تحت الأرض لإحكام الحصار على غزة وإجبار حماس على الاستسلام لاسرائيل. وأدى الحصار الخانق الذي فرضه الاحتلال على أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني، إلى ما يلي: * وفاة 500 ضحية من ضحايا الحصار إما بسبب نقص الدواء أو لعدم تمكنهم من السفر للعلاج في الخارج خلال ألف يوم من الحصار. * 50٪ من أطفال قطاع غزة يعانون من أمراض فقر دم وسوء التغذية، وخاصة من يقطنون في المخيمات والمناطق الحدودية. * قرابة مليون فلسطيني يعتمدون على المساعدات الإغاثية. * 80 ٪ من سكان غزة يعيشون تحت خط الفقر. * 65٪ معدل البطالة خاصة بين عنصر الشباب والخريجين الجامعين. * 2 دولار معدل دخل الفرد اليومي في غزة. * نفاد 88 صنفاً من الأدوية المهمَّة، وفي مقدمتها أدوية الأمراض النفسية، ومرضى الدم، وعلاج الكبد الوبائي، وحليب تخصصي للأطفال. * النقص في المستهلكات والمهمات الطبية بلغ 120 صنف، منها مهمات القسطرة التشخيصية، والقسطرة العلاجية، ومستلزمات العلاج الكيماوي، وخيوط جراحية. * إغلاق آلاف المصانع بسبب عدم دخول المواد الخام واحتجاز بضائع لتجار فلسطينيين في موانئ إسرائيلية، وتعطل آلاف العمال نتيجة الإغلاق وندرة وجود عمل لهم. * عدم وجود كميات من الغاز الطبيعي للصيد البحري وفقاسات التفريخ للدواجن. * عدم توفير الكميات المطلوبة من الأسمدة والمبيدات الحشرية ومستلزمات الإنتاج الزراعي كالنايلون والخراطيم والبذور الأمر الذي يهدد بانتشار أمراض زراعية لا يحمد عقباها. * عدم تمكن القطاع الزراعي من تصدير المنتجات الزراعية. * 90 ٪ من مياه الشرب في غزة غير صالحة للشرب بسبب تلوثها. * محطة توليد الكهرباء تعمل بقدرة 60٪ بسبب تعرض معداتها لقصف إسرائيلي وعدم السماح بدخول بديل، إضافة لتقليص كميات الوقود المورد لها من الجانب الإسرائيلي.