يقبل الكثير من الجزائريين خلال فصل الصيف على استهلاك الشواء، خاصة بالنسبة للذين يقصدون أماكن النزهة والاستجمام أو من الشباب الذين يقضون سهرات طويلة يتسامرون في أحيائهم وبالقرب من منازلهم، بالإضافة طبعا إلى كثيرين ممن يفضلون استهلاكه في وجبات غذائهم وعشائهم، نظرا لطعمه المميز الذي يفضله العديد من الجزائريين كبارا ونساء، كما أنه يعد أحد أهم الأطباق الرئيسية المعروضة عبر مختلف المطاعم ومحلات الأكل الخفيف التي تحتل مساحة كبيرة عبر مختلف الأحياء والشوارع العاصمية. ومع اقتراب فصل الصيف يزداد تهافت الكثيرين على الشواء في كل مكان، كما تتضاعف بشكل كبير الطاولات المختصة في هذا المجال، والتي يقوم عليها في الكثير من الأحيان بعض الشبان الذين يجدون فيها فرصة مناسبة لتحقيق أرباح معتبرة خلال الصائفة، على اعتبار أن الشواء يعتبر من أكثر الأكلات والأطباق الخفيفة التي يكثر الطلب عليها خلال هذه الفترة من السنة. ولذلك يلاحظ الكثيرون الارتفاع المفاجئ والكبير لعدد الطاولات المنصوبة هنا وهناك، والتي ينطلق العمل عليها ابتداء من ساعات المساء ويمتد إلى غاية ساعات متأخرة من الليل، تلبية لطلبات الكثير من الشبان الساهرين والعائلات التي تقصد بعض الأماكن التي تكون قريبة ومحل إقبال من طرف العائلات الجزائرية. ولعل السمة الغالبة على طاولات الشواء الفوضوية تلك، هو أسعارها البسيطة التي تكاد تكون في متناول الجميع، وهو ما يكسبها زبائن كثيرين ودائمين، إذ لا يتعدى عود الشواء ال15 دج وأحيانا يعرض ب10 دنانير فقط، ما يجعل التهافت عليها كبيرا للغاية، هذا بغض النظر عن الشروط الصحية التي من الواجب الحرص عليها والانتباه لها، وكذا طرق عرض وحفظ تلك اللحوم، وحتى طريقة شيها، والمواد المستعملة وطاولات الشواء الخاصة بذلك، وغيرها من الأمور التي قد لا ينتبه إليها الكثير من الجائعين المغيبين برائحة الشواء الشهية من جهة والمستسلمين لصيحات بطونهم الجائعة من جهة أخرى، ولا يختلف في ذلك الكبار عن الصغار مادام أن كثيرا من الأطفال والمراهقين هم زبائن أوفياء لباعة الشواء على تلك الطاولات العشوائية المنتشرة في كل مكان تقريبا، بل أن من الأطفال من يكون غذاؤه وعشاؤه لديه مع علم تام من قبل أوليائه الذين لا يعتبرون أن الأمر قد يشكل أية خطورة على صحة أطفالهم، مع أن العكس هو الصحيح دون شك. أول ما يجب الانتباه إليه هو أن لا أحد يعلم مصدر تلك اللحوم، وإن كان بعضهم قادرا على كسب ثقة زبائنه بسبب طول مدة تعامله معهم، إلا أن انعدام ثلاجات تضمن المحافظة على اللحوم وفق شروط صحية آمنة والأطعمة الأخرى القابلة للتلف بسهولة في درجات حرارة تزيد عن 30 درجة مئوية لأكثر من ساعة واحدة خصوصا في فصل الصيف يجعل الأمر مشوبا بالخطورة، وهو للأسف الشديد ما لا يلقي إليه الكثيرون بالا، سيما في ظل انعدام رقابة صارمة على نشاط طاولات الشواء الفوضوية هذه المنتشرة في كثير من الأحياء وبمحاذاة عدد من الأسواق، في ظروف أقل ما يقال عنها إنها كارثية، هذا ناهيك عن مخاطر استعمال الفحم وإهمال نظافة المشاوي، وكذا الإزعاج الكبير المنبعث من تصاعد الدخان الكثيف الذي يتسبب في الكثير من الضيق والقلق والإزعاج للمارة ولسكان العمارات المجاورة، ناهيك عن الفوضى الكبيرة التي يحدثها الزبائن الملتفون حول طاولات الشواء خاصة في الأحياء الشعبية. وكشفت الدراسات الحديثة إلى أن كثرة تناول اللحوم المشوية يؤدي إلى تزايد فرص الإصابة بالعديد من الأمراض السرطانية، حيث أكدت ذات الدراسات وجود 300 مركَّب سام في الدخان المتصاعد من الفحم، منها 47 مركبا من مركبات الهيدروكربونات عديدة الحلقات ذات التأثير المسرطن، فعندما يتم حرق فحم الشواء تنبعث أنواع كثيرة من الملوثات في الهواء الجوي، وتشمل هذه الملوثات جسيمات الفحم والعناصر النادرة، إضافة إلى العديد من العناصر مثل الكبريت والنيتروجين والأيدروكربونات، وبعضها مواد ذات خطورة كبيرة مثل ثاني أكسيد الكبريت، وخاصة عندما يتأكسد إلى حامض الكبريتيك، ويتفاعل جزء منه مع بعض العناصر الموجودة في الجو لتكوين مركبات كبريتية دقيقة الحجم، كما أن قطرات الدهون التي تسيل نتيجة شواء اللحم منه تسقط على ألسنة اللهب ذات الحرارة العالية فتتكون مركبات سرطانية منها تتصاعد مع الأبخرة لتلتصق باللحم، لذلك ينصح الخبراء بالحد من استخدام شوايات الفحم بسبب ما يتمخض عنها من تلوث للهواء وما تصدره من انبعاثات غازية ضارة بالصحة، وتقليل تناول اللحوم المشوية على الفحم قدر الإمكان مع التأكد من عدم الاتصال المباشر بين اللحوم وألسنة اللهب.