بين الإهمال والتخريب والنهب.. والترميم.. هذا هو حال غالبية آثارنا.. وهو ما يعني أن تلك الآثار التي تعد كنوز الجزائر بحق في خطر، ويكفي أن نعرف بأن تهريب الآثار يأتي في المرتبة الثانية على لائحة نشاطات المهربين بعد تهريب المخدرات لندرك حجم الاهتمام الذي ينبغي أن نوليه لقضية حماية كنوزنا التي لا تقتصر على ترميم الآثار المهددة بالانهيار، وإنما تتعداها إلى حفظها من كل أعمال التخريب، وإنهاء حالة الإهمال التي تعيشها بعض الآثار والمواقع الأثرية، وتبدو هنا جهود وزارة الثقافة المبذولة في هذا الاتجاه غير كافية في ظل إهمال بعض الجماعات المحلية.. وبينما بذلت وزارة الثقافة في السنوات الأخيرة جهودا لا يمكن إنكارها ل"رفع الغبن" عن كثير من المواقع الأثرية، والآثار الموجودة في العديد من ولايات القطر الوطني، ونجحت في إعادة البريق إلى كنوز الجزائر المتناثرة هنا وهناك، أخفقت السلطات المحلية في العديد من مناطق الوطن في القيام بواجبها المطلوب إزاء آثار الجزائر، حيث توجد بعض المواقع التراثية التي ترقى إلى وصف الكنوز في حالة يرثى لها، وتتعرض كثير من الآثار للنهب، والتخريب، ويتسبب الإهمال في عدم استغلال كنوزنا الأثرية سياحيا، فبعض المواقع العتيقة في بلادنا يمكنها أن تدر مبالغ كبيرة بالعملة الصعبة على الخزينة العمومية، وتساهم في توفير مناصب شغل كثيرة لو تم استغلالها على النحو المطلوب، واستغلالها المثالي يبدأ بترميمها وصيانتها، ومن ثمة حمايتها من الناهبين والمخربين، ثم إحاطتها بالمرافق الضرورية التي يستخدمها زوارها، ثم الترويج لها في وسائل الإعلام الداخلية والأجنبية، مثلما تفعل بعض الدول، وما ذلك بالأمر المستحيل، ويمكن التدليل على ذلك ببعض المواقع الأثرية بولاية تلمسان التي تحولت قبل سنوات إلى مراحيض على الهواء الطلق عافاكم الله ومرتع للمتشردين والمنحرفين، ومزارع للماعز والأبقار، ولكن بفضل إرادة الدولة في إعادة الاعتبار لها، شاهدنا كيف أصبحت تلك المواقع مزارات سياحية تسر الناظرين، وتستقطب السائحين.. وحين نشاهد توافد السياح على بعض المواقع الأثرية في بلادنا، وتهافت اللصوص على آثارنا، ندرك أن الجزائر تنام فعلا على ثروة أثرية، وتمتلك كنوزا تستحق التقدير والحماية، ويمكنها أن تتحول إلى منتوج سياحي بامتياز.. ومن الغريب أن ترصد الدولة ملايير الدينارات للعناية بالآثار وترميمها، وحماية التراث الجزائري، وتتحول بعض الآثار إلى أماكن للانحراف أو مزارع للأبقار..