"تأبى الرماح إذا اجتمعت تكسرا ً··· وإذا افترقت تكسرت آحادا"·· هكذا قال شاعر عربي قديما·· وهكذا تعامل الكيان الصهيوني مع "رماح" الشعب الفلسطيني، فهو يدرك أنه لا يستطيع كسرها إن اجتمعت، فعمد إلى بث الفرقة بينها، ثم "اختلى" بحركة المقاومة الإسلامية، حماس، في غزة، ففعل فيها الأفاعيل، وعاش شعب فلسطين، بسبب الانقسام الداخلي وغطرسة الصهاينة ولامبالاة العالم، الويل·· وبعد سنوات من أخبار اليأس والتيئيس، وبعد عقود من النكبات والمآسي العربية والإسلامية، يبدو أن أوان أخبار البشائر قد آن، وأن زمن الوهن والهوان قد ولّى، وأن عصر تحرر العرب والمسلمين من الذل وتحرير فلسطين قد حان·· وحين يعانق الفلسطيني أخاه الفلسطيني في القاهرة التي ظلت على مدار سنوات خلت رمزا للتطبيع مع بني صهيون وعاصمة للتآمر على القضية الفلسطينية، فلا يمكن للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها أن يشعروا بغير الفرح والاستبشار، فإنهاء الانقسام الفلسطيني هو الخطوة الأولى على طريق تحرير فلسطين، وبوضعهم لخلافاتهم واختلافاتهم جانبا يكون قادة مختلف الفصائل الفلسطينية قد دقوا المسمار الأول في نعش الكيان الصهيوني، لتبقى الآمال معلقة بقوة على ما ستفعله هذه الفصائل في ميدان المقاومة الشريفة·· إن المصالحة الفلسطينية حدث مبهج يستحق أن تقام من أجله الأفراح التي تكون مقدمة لثورة حقيقية على الصهاينة·· ثورة طال انتظارها وتبدو قريبة اليوم أكثر من أي وقت مضى، رغم كل العوائق والمثبطات·· لقد كانت المصالحة الفلسطينية في القاهرة أمس مختلفة تماما عن كل المصالحات الفلسطينية السابقة، حيث بدا أن الفلسطينيين قد تعلموا من أخطائهم السالفة، وبدا أيضا أن القاهرة قد تحولت من عاصمة للتطبيع مع الصهاينة إلى قلعة للمقاومة ومركزا حيويا لخدمة القضية الفلسطينية·· ولا شك أن فرحتنا بعودة مصر العروبة إلى حضن الأمة ليست بأقل من فرحتنا بالمصالحة الفلسطينية التي تُحزن الصهاينة·· وترعبهم أيضا·