بقلم الشيخ الدكتور/يوسف جمعة سلامةخطيب المسجد الأقصى المباركوزير الأوقاف والشئون الدينية السابق الحمد لله الذي أنعم علينا بالإسلام وشرح صدورنا للإيمان ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد ? صلى الله عليه وسلم ? وعلى آله وأصحابه أجمعين ... وبعد لقد تابع الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده نتائج وتوصيات الملتقى العربي الدولي لنصرة الأسرى بالجزائر ،حيث اعتبر تلك التوصيات إنجازًا حقيقيًا لقضية الأسرى، وتحولاً في مسارها من المحلي للعربي والدولي ، وإضافة نوعية لنصرتهم وإعادة الاعتبار لقضيتهم كقضية محورية أساسية. كما وثمن الشعب الفلسطيني بكل شرائحه وفصائله دور الرئيس الجزائري السيد / عبد العزيز بوتفليقة وحزب جبهة التحرير الوطني لرعايتهم لهذا الحدث الضخم لنصرة وحرية الأسرى الفلسطينيين، كما وثمنوا دور اللجنة التحضيرية للملتقى وكافة المشاركين بالملتقى. لقد كان هذا الملتقى عالمياً بكل معاني الكلمة حيث شاركت فيه أكثر من ألف شخصية عربية وإسلامية ودولية، كما كان المؤتمر والحمد لله ناجحاً بكل المقاييس، حيث إن الملتقى كان فرصة لإطلاق حملة عالمية لنصرة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال ، وتحويل قضية الأسرى في سجون الاحتلال إلى قضية ضمير عالمي وعلى كل المستويات القانونية والسياسية . إن هذا الملتقى الذي خُصّص لنصرة الأسرى الفلسطينيين ليس طارئاً وجديداً على الجزائر قيادة وشعباً ، فما زال الشعب الفلسطيني يذكر لفخامة الرئيس السيد / عبد العزيز بوتفليقه بأنه أول من أسمع صوت الشعب الفلسطيني في الأممالمتحدة إبان رئاسته للجمعية العامة وتمكين الشهيد الرئيس/ ياسر عرفات من إلقاء خطابه المعروف في الأممالمتحدة سنة 1974م، كما أن أرض الجزائر الطاهرة قد شهدت إعلان الدولة الفلسطينية سنة 1988م . إن مواقف الجزائر قيادة وشعباً إبان الحرب الهمجية على قطاع غزة ستبقى محفورة في ذاكرة الشعب الفلسطيني، من إرسال الطائرات الإغاثية ، وإرسال الوفد الطبي الجزائري لتضميد الجراح ، وإرسال مئات وحدات الدم ليختلط الدم الجزائري بالدم الفلسطيني من جديد، كما اختلط عبر التاريخ على أرض الجزائر الطاهرة ، و أرض فلسطين الحبيبة . إن مواقف الجزائر الرسمية والشعبية المساندة للحق الفلسطيني لا تعد ولا تحصى، فهي سائرة على درب الرئيس الشهيد / هواري بو مدين الذي رفع شعار ( نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة). لقد أبرز هذا الملتقى معاناة الشعب الفلسطيني، فمعظم الشعب الفلسطيني قد تعرض للسجن وأذى السجان في مختلف سجون الاحتلال المنتشرة في كافة أرجاء الوطن. إن قضية الأسرى هي القضية المركزية التي تشغل اهتمام كل أبناء الشعب الفلسطيني . وهل ننسى أسرانا الأبطال ؟! ، وكيف لنا أن نغفل لحظة عن سيرتهم العطرة ، ومواقفهم المشرفة ؟! من الذي كتب وثيقة الوفاق الوطني ؟! من الذي يحث شعبه على الوحدة والتعاضد والتكاتف ؟! من الذي يمسك بالبوصلة المتجهة إلى الأقصى و القدس العاصمة الأبدية للدولة الفلسطينية ؟! إنهم إخوتنا وأحباؤنا الأسرى ، فهم القابضون على الجمر ، الصابرون على أذى الجلاد ، الذين ينتظرون بصبر ساعة الفرج القريب إن شاء الله . إن الواجب علينا تجاه إخواننا الأسرى أن نسعى إلى المطالبة بإطلاق سراحهم ، وتبني قضاياهم وشؤونهم ، وكفالة أسرهم وذويهم ، وهذه إحدى توصيات هذا الملتقى الميمون، فجزي الله الجميع خير الجزاء. إننا من بيت المقدس وأكناف بيت المقدس نناشد المجتمع الدولي بضرورة التدخل لوضع حد لمأساة نحو ثمانية آلاف أسير من أبناء شعبنا يتواجدون في السجون الإسرائيلية، وترتكب بحقهم شتى أنواع القمع والتعذيب، كما نطالب المؤسسات الدولية ذات الصلة بالعمل على حماية أسرانا من آلة القمع الإسرائيلية، كما ونطالب الأشقاء في الأمتين العربية والإسلامية بضرورة الضغط على الجهات الدولية ذات العلاقة من أجل العمل على إطلاق سراح هؤلاء الأبطال ، وقد أوصى المؤتمر بضرورة تفعيل الاهتمام بقضية الأسرى بمختلف جوانبها وأبعادها الإنسانية والقضائية، بما يفيد في إنهاء معاناة الأسرى والإسراع بالإفراج عنهم . الجزائر ... وإنهاء الانقسام الفلسطيني كما رفع المشاركون في الملتقى العربي الدولي لنصرة الأسرى في سجون الاحتلال نداء عاجلاً لكل فصائل وشرائح الشعب الفلسطيني من أجل إنهاء الانقسام والعمل على وحدة الصف بين جميع الفصائل الفلسطينية، فالشعب الفلسطيني في أشد الحاجة إلى رص الصفوف والقلوب والجهود ، وكما قال الشاعر : تأبي الرماح إذا اجتمعن تكسرا وإذا افترقن تكسرت أحادا هذا دليل واضح على حرص الجزائر قيادة وشعباً على وحدة الشعب الفلسطيني ، لإدراكهم لأهمية الوحدة الوطنية وأثرها ، فمن خلالها يتحقق النصر ، فالثورة الجزائرية المجيدة لم يكتب لها النصر إلا بعد توحد جميع الجزائريين في بوتقة واحدة، عنوانها جبهة التحرير الوطني ، وهدفها تحرير الجزائر من دنس المحتل الفرنسي. لقد توحدت كل الفصائل والشرائح الفلسطينية حول قضية الأسرى على أرض الشهداء والثورة أرض الجزائر الشامخة ، فجدير بالقيادات الفلسطينية جميعها أن تترفع على الجراح ، وأن تجمع شملها وتوحد كلمتها وأن تطوي صفحة الخلاف ليكون الشعب الفلسطيني واحداً موحداً ، لنعيد للقضية الفلسطينية حيويتها وقوتها وبريقها ، ولنحقق أهدافنا المنشودة وفي مقدمتها حق العودة، وخروج جميع الأسرى والمعتقلين ، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف إن شاء الله . نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوحد كلمتنا ويجمع شملنا، ويحفظ بلادنا ومقدساتنا, وأن يحفظ على الجمهورية الجزائرية أمنها واستقرارها ورخاءها وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين www.yousefsalama.com