لم تعد لبعض المسافرين الحرية في اختيار أماكنهم بحافلات النقل العمومي أو الخاص بعض أن فرض بعض الملتحين والمنقبات قانونهم الخاص بهم، خاصة وأنهم هدفوا في الآونة الأخيرة إلى احتلال مكانين مرة واحدة لكي لا يقربهم احد، ويكون مصير من تجرأ على ذلك التأفف وربما منعه من الجلوس، ولو قرُب المكان بحسن نية سواء أكان رجلا أو امرأة وهو الأمر الذي أزعج الكثير من المسافرين بعد أن الغي حقهم في اختيار المكان الذي يحقق راحتهم. نسيمة خباجة من منا من لم يصادفه ذلك الموقف ولو لمرة، وهو الموقف الذي ادخله ربما في الكثير من المرات في مشاكل هو في غنى عنها، مردها استعمال حقه في ركوب الحافلة واختيار احد الأماكن بنية طيبة ليواجه صد البعض أو ربما مغادرتهم المكان فور جلوسه، حتى تحوم من حوله شكوك عدة والسبب وما فيه هو رفض بعض الملتحين من ذوي الاقمصة والسروايل القصيرة، أو حتى المنقبات الاختلاط مع الآخرين في الحافلات رفضا تاما. وهناك الكثيرون من أزعجهم الموقف ورأوا فيه تعصبا وتشددا من طرف هؤلاء، خاصة وأنهم ليس من حقهم فرض أماكن معينة دون غيرها على المسافرين مهما كانت الدوافع والأسباب، فوسائل النقل كما يعلمه الكل سخرت للاستعمال المزدوج من طرف الجنسين مع مراعاة شروط التخلق والأدب، وهي الشروط التي يحترمها البعض ويضعون لها حسابا، إلا أننا لا ننكر خرقها من طرف البعض الآخر من منتهزي الفرص الذين جعلوا من تلك الوسائل مكانا للتحرش بالنسوة وانتهاك حرمتهن بما يفرضه خبثهم وانعدام ضميرهم ومروءتهم. إلا أن الأمر لا ينطبق على الكل خاصة وان هناك من الرجال من التزموا وتمسكوا بنخوتهم ورجولتهم بل ووضعوا أنفسهم في مرتبة المدافعين في خضم المواقف المخجلة التي تحدث أمام أعينهم والتي تتجرعها النسوة والفتيات. وهو الدافع الذي دفع فئة الملتحين والمنقبات من المسافرين إلى تعميم الوضعية على الكل وباتوا يغادرون أماكنهم بمجرد جلوس احد المسافرين أمامهم حتى يحس أن به جربا أو عدوى مرض خطير أو انه من كوكب آخر، هذا إن سلم من التافف ووصل الأمر بالبعض حتى إلى رفض جلوس الآخرين أمامهم والتعارك مع المسافرين. وهي الظاهرة التي لطالما تكررت بوسائل نقلنا التي أضحت فضاء واسعا للعديد من الآفات على غرار العراكات الروتينية إلى غيرها من المواقف الحاصلة بها بسبب عدم تعايش المسافرين فيما بينهم مهما طال المشوار أو قصر. في هذا الصدد اقتربنا من بعض المحطات لرصد آراء المسافرين في النقطة المثارة التي عارضها البعض وأيدها البعض الآخر تبعا للظروف والمعطيات المحيطة بالحياة اليومية التي باتت صعبة من كل الجوانب، من بينها جانب النقل كجانب أكثر من ضروري في حياة المرء بغرض التنقل إلى العمل، الدراسة وغيرها من الأماكن الأخرى. قالت منال طالبة أنها بحكم دراستها تجد نفسها مجبرة على استعمال حافلات النقل الخاص من اجل التنقل إلى الجامعة وقد صادفت الموقف مرارا وتكرارا، فهي على الرغم من كونها متحجبة لم تسلم من التصرفات الصادرة من طرف بعض الملتحين والذي تؤدي في معظم الأحيان إلى سوء الطن بهم وتعود بالسلب على سمعتهم، ففي كثير من الأحيان يدهشها مظهر احدهم وهو "يلوذ بالفرار" من مكان الجلوس بعد محاذاته الجلوس، وكأنه رعب من حمل عدوى مرض ما، ناهيك عن التاففات والتعويذات التي تنطلق من أفواه البعض وكأنهم رأوا شيطانا أمامهم وليس بشرا محترمين لتختم بالقول أنها ترفض الظاهرة وتجد فيها تعصبا وتشددا. أما مروة فقالت أنها ترتاح إلى الجلوس بمحاذاة بعض الملتحين لأنها سوف تتفادى التحرشات الصادرة من طرف البعض، لكن الرفض الحاصل من طرفهم جعلها تفر إلى الجلوس بمحاذاة أي كان في الحافلة إلا فئاتهم كون أن ذلك سيؤدي بها إلى العراك معهم في ظل تلك التعويذات المنطلقة من أفواههم حتى ولو التزمت من حاذتهم بالجلوس أقصى احتياطاتها لعدم الاقتراب منهم وملامستهم في ظل التدافع الذي تفرضه تحركات الحافلة. وهو الأمر الذي يتجرعه الرجال من طرف بعض المتجلببات والمنقبات اللواتي يمقتن جلوس الرجال بمحاذاتهن في وسائل النقل ولو كلفهم ذلك الوقوف طوال المشوار مهما كانت نية الشخص سيئة أو حسنة. ونجدها ممارسات تتقلص نوعا ما من حرية الشخص على متن تلك الوسائل. وعلى الرغم من احترامنا لهؤلاء الفئات لا ننفي أن البعض منهم طغى التشدد والتعصب على معظم سلوكاته والتي يرفضها الآخرون خاصة وانه من الواجب احترام حرية الآخرين وعدم المساس بحقوقهم كما يفرضه ديننا الحنيف.