رغم ارتفاع أسعار النفط والغاز ** قال الخبير الاقتصادي سليمان ناصر أستاذ الاقتصاد في جامعة ورقلة بخصوص تأثير ارتفاع أسعار النفط والغاز على اقتصاد بلاده إنه بعد التحسن النسبي لأسعار النفط والتي تجاوزت 81 دولارا للبرميل خاصة بعد اجتماع أوبك وشركائها في الجزائر أنه من الصعب أن تنتعش خزينة الجزائر على المدى القصير بالنظر إلى تقلص احتياطي الصرف ما يشير إلى أن الجزائر بحاجة إلى وقت أطول للتعافي مالياً. وأوضح ناصر في تصريح لوكالة سبوتنيك الروسية أنه لا يعتقد بأن الجزائر يمكن أن تستفيد من هذا الارتفاع في الوقت الحالي لأن حجم العجز في الميزانية السنوية للبلاد كبير. وأفاد سليمان ناصر بأن عجز الميزانية في الجزائر التي تحتل الترتيب التاسع من حيث أكبر الدولة المصدر للنفط أوبك قفز من 1200 مليار دينار جزائري (1 دولار أمريكي يساوي 118 دينار جزائري حاليا) عام 2017 إلى 1900 مليار دينار جزائري خلال العام المالي الحالي. ومن المقرر أن يصل إلى 2000 مليار دينار جزائري في موازنة العام المقبل (2019) ولفت الخبير الاقتصادي إلى أن لجوء السلطات إلى إجبار البنك المركزي على اتباع سياسة نقدية غير تقليدية ممثلة في التيسير الكمي (طبع النقود من دون تغطية) يجعل الدين الداخلي يتفاقم حيث فاقت الكمية المطبوعة من النقود حتى الآن ما يزيد عن 30 مليار دولار. وأشار المحلل الاقتصادي إلى أن المؤشرات الحالية تشير إلى استمرار التحسن في أسعار النفط خلال الأشهر القادمة ورغم أن تلك الزيادة من المفترض أن تنعش خزانة الدولة الجزائرية وتسهم في تقليل عجز الموازنة إلا أن التجارب السابقة للحكومة الجزائرية في التعامل مع ارتفاعات أسعار النفط السابقة لا تدعم هذه الفرضية مفسرا بأن الجزائر لم تستفد من الارتفاعات السابقة لأسعار النفط بسبب اعتماد اقتصادها كليا على تصدير النفط وعدم لجوئها إلى تنويع الاقتصاد خاصة بعد أن لجأت إلى مصدر آخر للأموال وهو طبع النقود وهو ما تعرفه الصحافة الجزائرية ب بالتمويل غير التقليدي . ارتفاع الأسعار وعن آلية استفادة الجزائر من الارتفاعات السابقة في أسعار النفط قال ناصر إن النفط (مع الغاز) يشكل أكثر من 96 بالمائة من صادرات الجزائر ومن ثم مصادرها من العملة الصعبة وكانت أسعار النفط قد شهدت طفرة في الأسعار في عامي 2011 و 2012 حيث بلغ سعر برميل النفط خلال هذه الفترة 147 دولار وهو ما ارتفع على إثره احتياطي الجزائر من النقد الأجنبي خلال تلك الفترة إلى 194 مليار دولار في نهاية سنة 2013 غير أنه في منتصف جوان 2014 انهارت أسعار النفط ووصلت إلى أدنى سعر وهو 28 دولارا للبرميل خلال عام 2016 ليعود إلى بعض التحسن خلال السنوات الأخيرة. وأضاف أن اعتماد الاقتصاد الجزائري على النفط والغاز بشكل أساسي ساهم في تآكل احتياطي النقد الأجنبي للبلاد بصورة متسارعة مما جعل المسؤولين الجزائريين يفكرون تحت ضغط الأزمة في تنويع الاقتصاد وإيجاد بدائل أخرى للنفط ولكن لم تستطع الحكومات الجزائرية المتعاقبة تحقيق هذا الهدف لعدة أسباب. أين الاستشراف؟ وعدد المحلل الاقتصادي الجزائري 4 أسباب لعدم قدرة الجزائر على الاستفادة من الزيادة السابقة في أسعار النفط أولها عدم وجود جهاز للاستشراف لدى الدولة والذي يساعد على التنبؤ بالأزمات وبالتالي التخطيط المستقبلي لمواجهتها إذ لم يكن هناك أي استشراف بحدوث أزمة انهيار أسعار النفط مما أدخل البلاد في أزمة مالية بعد انهيار تلك الأسعار وللأسف كانت قد استحدثت كتابة دولة (وزارة) للاستشراف خلال السنوات الماضية ولكنها ألغيت بعد أشهر قليلة. وحدد ناصر السبب الثاني في عدم الاستجابة لآراء الخبراء وتحذيراتهم للمسؤولين خلال الحكومات المتعاقبة من مغبة الاعتماد الكبير على النفط والمحروقات عموما وعدم الإسراع في برامج تنويع الاقتصاد خلال الأريحية المالية للبلاد. وأكد الخبير الاقتصادي على أن أبرز الأسباب هي عدم الاستغلال العقلاني للموارد المالية الكبيرة التي توفرت للجزائر خلال مرحلة ارتفاع أسعار النفط فكانت تستعمل في تقديم قروض ميسرة للشباب لإقامة مشاريع غير مدروسة بطريقة علمية أو في رفع الأجور بعد كل احتجاج. رفض ضغوط ترامب وهناك سبب آخر حدده ناصر في عدم وجود رؤية مستقبلية واستراتيجية على المديين المتوسط والطويل لبلوغ أهداف مرسومة في 2020 أو 2030 مثلا وعلى ضوء تلك الاستراتيجية يتم تكييف البرامج التنموية التي لا تتغير بتغير الأشخاص والمسؤولين وحتى القوانين وهو ما تعاني منه الجزائر كثيرا في السنوات الأخيرة. وكان أعضاء منظمة الدولة المصدرة للبترول أوبك قد رفضوا في اجتماعهم الأخير في منتصف شهر سبتمبر الماضي بالجزائر زيادة إنتاجهم من النفط رافضين الاستجابة لضغوط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ما أثر إيجابيا على أسعار النفط التي أخذت في التصاعد فقفز خام برنت إلى 81 دولارا للمرة الأولى منذ 4 سنوات بل وتوقع الخبراء بأن يصل إلى 100 دولارا مع بداية العام المقبل (2019) .