بعد تلاشي رعب الكوليرا النفايات تعود مجدّدا إلى الشوارع! يبدو أن النظافة صارت عملة نادرة لدى البعض وأصبحت تقترن ببعض الظروف بحيث وما إن استعادت أحيائنا نظافتها ولبست حلة جديدة تزامنا مع ظهور وباء الكوليرا عادت الصورة السوداء لأغلب الشوارع وتراكمت عبرها النفايات وتحولت الى شبه مفارغ عمومية وعاد الكل الى سلوكياتهم المشينة برمي النفايات في كل مكان دون احترام مواعيد إخراج أكياس النفايات من منازلهم ناهيك عن الرمي العشوائي عبر الشوارع والمساحات الخضراء فالكوليرا ورغم مساوئها كان لها وجه ايجابي في تحلي البعض بالسلوكات النظيفة بصفة مؤقتة. نسيمة خباجة رغم سهر مختلف السلطات المحلية على تحقيق نظافة المحيط إلا أن السلوكات العشوائية لبعض المواطنين إن لم نقل أغلبهم قضت على الجانب الجمالي للأحياء بحيث اضحى بعض المواطنين غير مسؤولين عن نظافة أحيائهم ولا يهتمون سوى بنظافة منازلهم أما العمارة والحي هما خارج مجالات اهتمامهم بسبب الأنانية وحب الذات كطباع تميز بها البعض وغياب روح الجماعة وللأسف مما حول بعض الأحياء الى زبالة -أكرمكم الله- الأمر الذي غيب الجانب الجمالي للأحياء وأدى الى تشويه شوارع العاصمة وغيرها من المدن والسبب الرئيسي هو غياب السلوكات الحضارية في تحقيق النظافة وعدم التحلي بروح المسؤولية التي تضمن نظافة المحيط على الرغم من الأهمية القصوى لتلك العوامل في الحفاظ على البيئة وتجنب الأمراض ومختلف الكوارث البيئية والصحية. انعدام الوعي واللامسؤولية على الرغم من الحملات التحسيسية التي تطلقها الجمعيات ووسائل الإعلام حول ضرورة الاعتناء بنظافة المحيط وحفظ النظافة الا ان ذلك الشرط نجده غائبا عن معظم شوارعنا واحيائنا وقفزت الظاهرة الى الطرقات السريعة والمساحات الخضراء بحيث امتلأت مختلف الأماكن بالنفايات بمختلف انواعها ونجد على راسها قوارير المياه والأكياس البلاستيكية اللذان يعدان رأس المشكل فأينما ولينا انظارنا الا ونشاهد اكياسا تتطاير هنا وهناك باختلاف ألوانها من دون ان ننسى القارورات البلاستيكة التي صارت رفيقا دائما على قارعة الطرقات وبالمحطات وبوسائل النقل فانعدام ثقافة النظافة لدى البعض جعلهم يتركون مخلفاتهم أينما حلوا وارتحلوا دون أي إحساس بالمسؤولية أو الذنب بالمشاركة في اتساخ المحيط بتلك المخلفات حتى ولو كانت مجهرية بدءا بالنفايات الكبيرة والمتوسطة الحجم وصولا الى تذاكر الحافلات وأغلفة الحلويات واللبان فرغم الحجم المجهري لتلك المخلفات إلا انها تساهم في اتساخ المحيط وفي انهاك عمال النظافة بحملها وانتشالها من الطرقات. اما عن الأحياء فحدث ولا حرج بحيث عادت أكوام الزبالة من جديد عبرها وهو ما وقفنا عليه بحي قاريدي 2 بالقبة بحيث كان الحي في وضعية حرجة وانتشرت به النفايات من كل جانب وبعد ظهور وباء الكوليرا عرف الحي حملة تنظيف واستعاد بريقه ولمعانه لأيام وما أن اختفى رعب الكوليرا حتى عادت اكوام الزبالة للحي رغم انه نقطة راقية إلاأن العبور منه تشمئز اليه النفوس بسبب انتشار الاكياس البلاستيكية والقارورات البلاستيكية وغيرها من المخلفات الأخرى التي ساهمت في اتساخ المحيط والحي ذكرناه على سبيل المثال لا الحصر كون ان احياء اخرى تعاني من ذلك الجانب اكثر بسبب غياب النظافة والسلوكات العشوائية في التخلص من النفايات في كل مكان حتى ان هناك من يتجراون على رميها من الشرفات ونحن في الألفية الثالثة وفي زمن التطور والرقي إلا ان التخلف لازال يميز البعض وللأسف في ظل غياب الوازع الديني والأخلاقي. الردع والغرامات كحلول اقتربنا من بعض المواطنين لرصد آرائهم حول تلك الآفات التي هي من صنع بعض المواطنين فقالوا الكثير السيد مصطفى قال ان المناظر عبر الأحياء تشمئز لها الأنفس بحيث غرقت في الفوضى وعدم النظافة بسبب انعدام مسؤولية البعض ومساهمتهم الكبيرة في اتساخ تلك الاحياء دون ادنى اهتمام مما ادى الى انعدام النظافة و البعد عن الرقي والتمدن وقال إن بعض جيرانه لا يحترمون مواعيد إخراج النفايات ويخرجونها في كامل ساعات اليوم مما يؤدي الى بقاءها مركونة بعد مرور شاحنات التنظيف في الصباح كما أن بعض الأطفال وحتى الكبار يرمون بعض المخلفات في أي مكان وهو سلوك غير مقبول وأضاف أن اللجوء الى الردع وتطبيق الغرامات هي حلول ملزمة للابتعاد عن تلك الآفات وان استلزم الأمر المتابعة القضائية لهؤلاء الدين يلوّثون المحيط فالنظافة هي من الإيمان وديننا الحنيف يحثنا على النظافة في المأكل والمشرب والملبس والمسكن إلا ان تلك المعايير هي غائبة وللأسف عن البعض. تلك السلوكات زادت من شقاء عمال التنظيف وبات يستعصى عليهم جمع النفايات ويبذلون جهودا كبيرة في تنظيف الأحياء بحيث عادة ما يشتكون من الرمي العشوائي وعدم احترام مواعيد إلقاء الفضلات فاللجوء الى الجانب الردعي وفرض غرامات اضحيا أمرا ملزما لتحقيق نظافة المحيط وهو ما تسير على ركبه العديد من الدول المتطورة التي تفرض غرامات على من يتخلص من مخلفاته على مستوى الشوارع فبإيطاليا يغرم ب 600 دولار من يرمي باعقاب السجائر وراحت سنغافورة الى منع العلكة بالنظر الى مخلفاتها السلبية على المحيط وفرضت تجريم الفعل وتتراوح العقوبة بين الغرامة والسجن النافذ كما قررت بلدية العاصمة الكورية الجنوبية سيول تغريم كل من يبصق العلكة في الشوارع وذلك في إطار مساعيها لتنظيف المدينة وتقرر فرض غرامة بقيمة 50 ألف وون (40 دولارا) على أي شخص يضبط وهو يبصق العلكة في شوارع العاصمة من أجل بيئة أفضل فإلقاء المخلفات عبر الطرقات والشوارع والأحياء هو سلوك متخلف يستوجب الردع ونتمنى ان يتجسد في الجزائر بعد فشل كل المحاولات والحملات التحسيسية لتنظيف المحيط وبات الجانب الردعي أمرا ملزما.