القدرة، السمعة الحسنة، المهارة والخبرة، هي غالباً المعايير التي يعتمدها المدرّب عندما يجري عملية الإختيار الشاقة للمنتخب الوطني الذي سيشارك في كأس العالم. ولكن في بعض الأحيان، وتحديداً لدى اختيار مهاجم، يجعل المستوى الراهن القرار أمراً سهلاً، ويزيح الصفات والإعتبارات الأخرى جانباً. لم يجمع إيدسون بادل في رصيده أكثر من 11 دقيقة مع المنتخب الأمريكي عام 2003 في مباراة ودّية مع منتخب فنزويلا، ولم يشارك في أي من مباريات تصفيات كأس العالم جنوب أفريقيا 2010 ، ولا في الكأس الذهبية »الكونكاكاف« ولا في كأس القارات العام الماضي. غير أنه بدأ رحلته في الدوري الأمريكي 2010 مع فريقه لوس أنجلس غالاكسي مسجّلاً تسعة أهداف في سبع مباريات. وكان هذا الرصيد، معطوفاً على تفاهمه مع زميله في الفريق وصانع ألعاب المنتخب لاندون دونوفان، كافياً لجعل مدرّب المنتخب بوب برادلي غير قادر على تجاهل المهاجم المخضرم المعروف بسرعته. وهكذا قفز بادل إلى صدارة الصف متجاوزا مهاجمين آخرين مثل إيدي جونسون وفريدي آدو والمخضرم براين تشينغ الذي لطالما أثبت أنه يستحق الإعتماد عليه. تألق متواصل واصل اللاعب المولود في نيويورك تألقه. فقد سجل هدفين (الأول برأسه والثاني بقدمه) في الفوز الصريح للمنتخب الأمريكي على المنتخب الأسترالي 3 -1 في مباراته الودّية الأخيرة قبل أن يبدأ حملته في كأس العالم 2010 أمام منتخب إنجلترا القوي في روستنبرغ في 12 جوان وكانت المفاجأة الأخرى في خط الهجوم الأمريكي ضم هيركوليس غوميز الذي اقتحم المنتخب بعدما نال لقب هدّاف الموسم مع فريقه المكسيكي بويبلا. وسجّل الهدف الأمريكي الثالث والأخير في المباراة. وجدير بالذكر أن اللاعب غير المعروف روبي فيندلي من فريق ريال سولت لايك قدّم أداء طيباً في المباراة. الواقع أن الباب يبدو مفتوحاً لبادل مع استبعاد المهاجم المعتاد جوزي ألتيدور بسبب إصابة في الكاحل، خصوصاً أنه يبدو »الوريث الشرعي« في لعب دور المهاجم المقاتل والمشاكس لتشارلي ديفيس الذي يغيب عن جنوب إفريقيا بعد تعرضه لحادث سيارة. سأسجل في المونديال قال بادل لموقع »الفيفا« »من الرائع دائماً أن يسجل اللاعب أهدافاً، وخصوصاً إذا كان مهاجماً، فهذه مهمته. لقد تحسنت ثقتي بنفسي، وساعدت الفريق في تحقيق فوز طيّب قبيل انطلاق رحلتنا في أكبر مسابقة في العالم«. وأضاف هدّاف الدوري الأمريكي الذي كان انتقاله من صفة المهاجم الخطير ولكن الميّال دائماً إلى كونه ضحية الإصابات الجسدية إلى صفوة اللاعبين الأمريكيين مذهلاً: »كل شيء يحصل بسرعة كبيرة. أنا أحاول استيعاب الأمر، وأشعر بأنني أنتمي إلى حيث أنا الآن«. بدل الورقة الرابحة وصف بوب برادلي مدرب المنتخب الأمريكي اللاعب بادل بالورقة الرابحة في تشكيلة فريقه، وحسب بوب برادلي أن بادل لا يوزّع المديح يميناً ويساراً: »لقد بدأ يرتاح أكثر مع المجموعة، وأمام أستراليا رأيتم ما كان يفعله في الدوري الأمريكي، أي اغتنام الفرص وحسن إنهائها«. أما حارس المرمى تيم هوارد فكان أكثر إفصاحاً في كلامه عن زميله المهاجم عندما قال: »يبدو أن كل كرة يلمسها إيدسون تتحول إلى هدف هذه الأيام«. حسّ تهديفي وسرعته صاروخية تكمن الميزة الأساسية لبادل إلى جانب حسّه التهديفي في سرعته الصاروخية، أن يمتهن كرة القدم. فوالده كان لاعبا شبه محترف ولد في جامايكا وامتلك وأدار أكاديمية لكرة القدم في الضواحي الشمالية لنيويورك. كما كان مشجعاً وفياً لأسطورة البرازيل بيليه عندما لعب لفترة مع نيويورك كوزموس في أواخر السبعينات من القرن الماضي، وقرر أن يطلق على إبنه الأول اسم »الملك«. وقال بادل الأب مؤخراً: »لم أشأ تسميته بيليه حتى لا أضع عليه ضغطا كبيراً. هكذا قررت أن أعطيه الاسم الأول من أسمائه«، قاصداً بالطبع الإسم الكامل للجوهرة السوداء الذي يُعتبر على نطاق واسع أعظم لاعب في التاريخ إيدسون أرانتيس دو ناسيمينتو. وعندما سئل إيدسون بادل عن هدفيه في مرمى أستراليا اتجهت أفكاره بسرعة إلى والده وقال لموقع »الفيفا« باسماً بفخر: »لست متأكداً من أنه عرف أني سجلت. لكن الكلام ينتقل بسرعة، وبالتالي ربما عرف. في أي حال سأتصل به هاتفياً قريباً جداً«. 11 هدفا في 26 مباراة سجّل بادل 11 هدفا في 26 مباراة عام 2000 لفريق لونغ آيلاند راف رايدرز، من الدرجة الرابعة في الهرم الكروي الأمريكي، انتقل وقتها إلى الدرجة العليا المنشأة حديثاً. وبين عامي 2001 و2005 سجل 42 هدفاً في أكثر بقليل من 100 مباراة لفريق كولومبوس كرو من أوهايو، إلا أن الإصابات وتجربتين غير ناجحتين في نيويورك وتورونتو بدت وكأنها أوقفت تقدّمه. ولحسن حظّه، كان انتقاله عام 2007 إلى لوس أنجلس جالاكسي وفرصة اللعب مع ديفيد بيكام ودونوفان أمرين ساعداه في التحوّل إلى اللاعب الذي لطالما أظهر أنه قادر على أن يكونه. مرشح للعب أساسيا قد يكون بادل في التشكيلة الأساسية. وقد ختم بادل كلامه بالقول: »لم أشعر منذ مجيئي إلى جنوب إفريقيا بأنني لست في مكاني الصحيح، وأنا لا أريد إلا المساعدة بأي طريقة ممكنة«. قال بادل ذلك وعيناه تلتمعان أملاً وحماسة في الأروقة المعتمة لملعب رويمسيغ في ضواحي جوهانسبورغ.