قد يحتل بعض العشاق الحدائق، وقد يحاولون الاختفاء عن الأنظار في الأحراش، وقد يستأجرون "ديكيات" وقد يستلفون شققا مفروشة، وقد لا يفعلون كل ذلك، أي أنهم لا يستحون من أن يقوموا بممارساتهم أمام الناس جميعا، وذلك داخل سيارات يركنونها أينما اتفق. مصطفى مهدي من منا من لم يمرّ يوما، بالسيارة، أو حتى في الحافلة، من طريق سريع، ولم يشاهد سيارة مركونة على حافة الطريق، وبها رجل وامرأة لم يكلفا نفسيهما حتى التخفي عن الأنظار من اجل ممارسة الدعارة، بل إنّ أكثر ما استطاعاه أن يجهزا السيارة بزجاج أسود، حتى لا يراهما من يعرفهما، هذا فقط، أمّا أن يكون من يطلع على تلك الممارسات شخص لا يعرفانه فهذا لا يهم، والمأساة أنّ الكثير من هؤلاء المنحرفين، أو ضعاف النفس، لا يفكرون في عواقب ما يفعلون، لا في أن تتوقف دورية أمن، ولا في أن يمرّ رجل مع أسرته فلا يحتمل ذلك المنظر، فيتهجم عليهما، ولقد كنا في الطريق المؤدية إلى زرالدة، على يمين الطريق كانت هناك أحراش، ركن فيها أحدُهم سيارته، وراح يمارس مع الفتاة التي كانت تجلس إلى جانبه ممارسات لا أخلاقية، أمّا السيارة فكانت مجهزة بزجاج أسود في جزئها الخلفي فقط، وهو الأمر الذي جعل أمرهما مفضوحاً، ورغم ازدحام السيارات، إلاّ أنهما لم يتوقفا، إلى أن جاءت دورية من الدرك، فتوقفت، وأزعجت"العشيقين المسكينين" لكن يبدو أنّ الشاب الذي كان داخل السيارة، لم يقدر عواقب فعلته، فعندما سأله الشرطي عن فعلته، أجاب بأنه داخل سيارته الخاصّة، وبإمكانه أن يفعل ما يشاء! فسأله عن الزجاج الأسود، فأجاب الشاب أنه قد تمّ سحب قانون الطوارئ، وأنّ بإمكانه اليوم أن يضع زجاجا أسود أو أحمر، وأنه حر. هذه الإجابة التي جعلت المواطنين الذين كانوا بالقرب من الموقف بين ساخر وغاضب وناقم على الشاب قليل الحياء، الذي لم يكتف بفعلته، بل راح يدافع عن نفسه بكل وقاحة، وجرأة عجيبتين. وهي جرأة غيره من أشخاص بعضهم يتخذ من مواقف السيارات مكانا، أو مخبئا لكي يمارس فيه ما يحلو له، وحتى وإن صادف ذلك مرور بعض المواطنين، فهو لا ينته، وما قاله لنا سمير، وهو حارس موقف سيارات، يشبه حادثة صاحبنا المُنتفع بسحب قانون الطوارئ على طريقته الخاصّة، إذ أنّ سمير فوجئ بأحد المواطنين رفقة خليلته في سيارة من ذوات الدفع الرباعي، وزجاجها اسود هي الأخرى، فوجئ به، أو بهما يمارسان، ما وصفه سمير، بالعلاقة الجنسية شبه الكاملة، وقد أذهله الأمر، وما أذهله أكثر شيء أنه عندما طلب من صاحب السيارة ومن معه مغادرة الموقف، تذمر السائق قائلا:"مور الفيمي وشفتونا!" أي أنه لم يكن يحسب حسابا حتى لمن يمكن أن يراه، او لا يراه، ويؤكد لنا سمير، أنّ موقف كثيرة تحدث له مع هؤلاء العشاق "المغبونين" الذين إمّا أنهم لا يجدون أماكن يمارسون فيها تلك الخلاعة، وإمّا أنّ الواحة بلغت منهم درجتها، وصار الحياء عندهم آخر شيء يفكرون فيه، حتى أصبحوا لا يفكرون إلا في نزواتهم، وحتى قانون الطوارئ استعملوه لذلك.