عادة ما يحتل بعض الشباب الأحياء والشوارع لكي يحولوها إلى مواقف خاصة، يفرضون على كل السائقين الذين يركنون سياراتهم الدفع، لكن ماذا لو حاولت أن تركن سيارتك في الحي الذي تسكنه، وأسفل شرفة بيتك، وطلب منك شاب قد يكون غريبا عن الحي أن تدفع له أجرا؟ مصطفى مهدي "أخبار اليوم" سلطت الضوء على هذه الظاهرة التي تبدو غريبة، ولكنها للأسف موجودة، وواقعا يعيشه المواطنون الذين يعانون يوميا، مع أشخاص أرادوا أن يفرضوا قوانين خاصة بهم، يفرضونها على غيرهم، ومنها أن يحتلوا الأحياء، ويجبروا ساكنيها على أن يدفعوا لهم أجرة لكل ليلة، بل إن بعضهم يطلب أن يكون الدفع شهريا، أو ارتباط شهري يدفع المواطن، لكي يحرس له شخص غريب لا يثق فيه، السيارة التي يركنها في الحي، وكثير من المواطنين يفعلون، أي أنهم يدفعون لهؤلاء الشباب، ليس خوفا على السيارة من السرقة، بل خوفا عليها منهم، فإن رفضت الدفع يعني أنك تعرض سيارتك وحتى بيتك للخطر· حي المجاهدين، حي راقي من أحياء شوفالي، حاول البعض في الآونة الأخيرة استغلاله، بعض الشباب الذي لا يسكنون بالحي، ولكنهم راحوا يفرضون على السكان أن يدفعوا لهم أجرة لكي يحرسوا لهم سياراتهم، وهو الأمر الذي أثار استغرابهم، فكثيرون منهم يسكنون الحي منذ عشرات السنوات، ولم يحدث أن طلب منهم أحد أن يدفعوا له، كما أن الشاب لا يسكن حتى في الحي، ولم تحدث سرقة لكي يخاف الناس على سياراتهم، لكن بعضهم وافق على ذلك، وآخرون لم يفعلوا، ما جعل الشباب يتعرض لسيارة أحد المواطنين، فكان الشاب المتهم الأول، واتفق بالتالي سكان الحي على طرده، أما في حي باسكال فالأمر لا يختلف كثيرا، ولو أن مجموعة الشباب التي صارت تسيطر على موقف الحي تسكن في ذات الحي، ويقول لنا رؤوف، إن الأمر صار عاديا، 600 دينار تدفعها كل عائلة إلى هؤلاء الحراس، ورغم أن البعض حاول أن يعترض، إلا أن الجميع يعلمون أن الاعتراض يساوي الانتقام، وأنهم لا يفعلون سوى تعريض سياراتهم للتلف، فجميع السكان يعلمون ذلك، ولا أحد منهم يتحدث· في سوسطارة نفس الشيء، شباب يحاولون فرض سيطرتهم، وقد وقع الأسبوع الماضي شجار بين هؤلاء الشباب، ومواطنين من سكان الحي، حيث أن أحد الشباب تجرأ على سرقة سيارة رجل لم يوافق على الدفع، فما كان من الرجل إلا أن خرج ليلا، وضرب الشاب على رأسه فأرداه صريعا، ولأن الشاب من سكان الحي، والرجل غريب، أو لم يقدم إلا مؤخرا، فإنّ سكان الحي انتفضوا للدفاع عن الشاب، أما الرجل فقد أحضر أقاربه وأصدقاءه، وانتهى الأمر بشجار كبير· شبان آخرون يذهبون إلى أكثر من ذلك، حيث أنهم يصنعون بطاقات وهمية لسكان العمارات، فيها علامة السيارة، واسم الشخص، والعمارة التي يسكن فيها، وطبعا الثمن، والتي عادة ما يتراوح بين 600 و800 دينار للشهر، بالنسبة للسيارة الواحدة، وهو ما كان يفعله نسيم، 19 سنة، في حي طرولار، توقف عن الدراسة في سن مبكرة، ولم يجد عملا، أو هذا ما قاله لنا، إلا أنه يعمل كحارس لموقف عمومي، وقد دافع عن نفسه بشدة، عندما تحدث لنا عن عمله، وعن تلك البطاقات التي يوزعها بين البشر، والتي قال إنها ليست للتمويه، ويشرح:"هي بطاقات لتنظيم الحي، ولكي يدرك الجميع أنني يمكن أن أكون مسؤولا في حال ما إذا تعرضت السيارة إلى التلف أو السرقة، فقد وضعت اسمي على البطاقة، ولا أتهرب من أية مسؤولية، صحيح أنني لست عاملا بالبلدية، ولكني أملك ضميرا، ثمّ إني لو استطعت أن أترك هذا العمل منذ الغد، سأفعل، ولكني لم أجد عملا محترما، فقد فعلت هذا مضطرا"·