كثيرا ما نلوم المواطنين على أنهم يستعملون سياراتهم دون الحاجة الملّحة إليها أحيانا، ففي ساعات الذروة تجد أشخاصا قد خرجوا إلى الطريق للتجوّل فقط، وكان بإمكانهم استعمال الحافلات، أو حتى السير على الأقدام، ولكنهم لايفعلون لقلة الوعي بما يسببونه من اكتظاظ، وكذلك فساد على البيئة وتلويث لها· لكن هذه القاعدة ليست عامة، فمواطنون آخرون من جهتهم فكروا في أن يتحدوا ويقوموا بمبادرات جميلة وهي التنقل إلى العمل سوية والعودة كذلك مع بعض، رغم أنّ كل واحد منهم يملك سيارته الخاصّة، لكن روح المسؤولية دفعتهم إلى أن يقرروا التنقل بسيارة واحدة، على الأقل ذهابا وعودة من وإلى العمل، وهو ما أكده لنا سفيان، 32 سنة، والذي قال لنا عن الموضوع: لابدّ أن يتفهم كلّ واحد منا أنّه مسؤول، أو له جزء من المسؤولية عن محيطه، وعن كل ما يحدث في مدينته، فكيف نشتكي من الازدحام ونحن من يحدثه، وإذا ما سألت أيا كان تملص من المسؤولية وأجاب أنّ الناس كلها لا تهتم، وفي الحقيقة لابدّ من مبادر، فأنا وأصدقائي الثلاثة، كل منا يملك سيارة، ومع هذا نفضّل الذهاب إلى العمل بسيارة واحدة، نتبادل فيما بيننا الأيام، وقد تمكنا من أن نقنع أصدقاء لنا بفعل نفس الشيء، أي أن يستعملوا سيارات بعضهم البعض، هذا إذ كان يسكنون قريبا من بعض، فالازدحام صار خانقا في المدينة، وأصبح الواحد منا يخرج من بيته مبكرا، ولكنه لايصل إلى العمل إلاّ متأخرا، وهو الأمر الذي جعلني أفكرّ في أن الحل الوحيد هو الاشتراك في السيارة، ولما لا استعمال الخط الأزرق في الطرقات السريعة والذي من المفترض أن يكون مخصصا لهذا· أمّا الربيع 50 سنة، فقد كانت له رؤية أوسع، حيث حدثنا عن تأثيرات السيارات ودخانها على البيئة، وتسببها في تلوث غير مسبوق، وهو الأمر يقول لنا، الذي جعله يفكر في أن استعمال السيارة دون الحاجة إليها يعتبر جريمة، ويوضح ذلك قائلا: لقد أفسدنا بيئتنا بأيدينا، فنحن لا نفعل شيئا لكي نحافظ عليها، ويجب ألا نتحجج بالمصانع الملوثة ونقول إنها لم تترك شيئا، بل لابد على كل واحد منا ومن مكانه أن يفعل ولو القليل، لعلّه يرضي ضميره، أنا أقطن ببلكور وزميلي في العمل في ساحة أول ماي، وآخر في حي العافية، ونعمل جميعنا في القبة القديمة، وفكرنا في أن نستعمل سيارة واحدة في الذهاب إلى العمل والعودة، صحيح أنّ ذلك يجعلنا لا نتجه مباشرة إلى مقر العمل، ولكن بالمقابل فإننا ندّخر سيارتين اثنتين، فعوض استعمال ثلاثة نستعمل واحدة· لكن البعض أبدى رفضه للفكرة، ويشرح لنا مراد ذلك بقوله: صحيح أنه على كل واحد فينا أن يتحلى بروح المسؤولية وأن يفعل ما يقدر عليه حتى لايحدث ازدحاما مروريا، ولكن بالمقابل أنا لا أستطيع الذهاب مع زملائي إلى العمل، ذلك أني قد أحتاج إلى السيارة لكي أتبضع مثلا، أو أزور صديقا لي بعد العمل، أو أي شيء آخر، ولايمكنني أن أطلب من زميلي أن يوصلني بسيارته، وحتى هو قد تكون له مشاغل أخرى، خاصّة وأنه ليس لي برنامج محدد في يومي، فقد أعود مباشرة بعد العمل إلى البيت، وقد أتأخر في العمل، أو أتجه إلى مكان آخر، فهذا الحل ليس عمليا، على الأقل بالنسبة لي·