من سنن الله الكونية في خلقه اقتراف المعاصي سواء علم العبد بتلك المعصية أم جهلها ولذا شرع الله لعباده -امتناناً منه وتفضلاً- الاستغفار والتوبة. قال تعالى-: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً} [النساء: 110]. وقال -صلى الله عليه وسلم-: قال الله تعالى: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي يا ابن آدم لو أنك أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة [حسنه الألباني] وقال -صلى الله عليه وسلم-: والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة [رواه البخاري]. قال علي رضي الله عنه-: عجبت لمن يهلك ومعه النجاة قيل: وما هي؟ قال: الاستغفار . وقال تعالى-: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 135]. وقال -صلى الله عليه وسلم-: سيد الاستغفار أن تقول: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت قال: ومن قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة [رواه البخاري]. وعن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من قول: سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه [رواه مسلم]. ومن آثار الذنوب والمعاصي: ظلمة القلب وحرمان العلم وضيق الرزق وقصر العمر ومحق البركة واستجلاب غضب الرب ونزول الكوارث والزلازل والبراكين ومفارقة حزب الرحمن ومصادقة حزب الشيطان وضياع اسم الإيمان والاتصاف بالفسوق والعصيان. ولعل من أخطرها أن أثر المعصية لا يقف عند نفسك فحسب بل يتعدى ليكون آفة تفت في عضد الصف المسلم وكم من مرة أوتيت الجماعة المسلمة من ذنوب ومعاصي أبنائها! فكان خطر المعصية أشد من خطر العدو وكان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يرد عاق والديه من صفوف الجهاد خوفاً من أثر معصيته وكان يقول: إنكم لا تنصرون عليهم بعدد ولا عدة ولكن تنصرون بتقوى الله فإن كنتم في المعصية سوء هزموكم بعددهم وعدتهم. فاحذر أن تكون سبباً في هزيمة المسلمين. يا صاحب الذنب لا تأمن عاقبة ذنبك واعلم أن ما يتبع الذنب أعظم من الذنب نفسه فإن عدم استحيائك ممن على يمينك وعلى شمالك وأنت تقترف الذنب -ترتكب الذنب- أعظم من الذنب وإن ضحكك عند الذنب وأنت لا تدري ما الله صانع بك أعظم من الذنب وإن فرحك بالذنب إذا ظفرت به أعظم من الذنب وإن حزنك على الذنب إذا فاتك أعظم من الذنب وإن خوفك من الريح إذا حركت ستر بابك وأنت ترتكب الذنب ولا يضطرب فؤادك من نظر الله إليك أعظم من الذنب . أخي الحبيب التوبة التوبة.... قبل أن تأتي النوبة. الإنابة الإنابة..... قبل غلق باب الإجابة.