انخفضت أسعار النفط مدفوعة بتخمة في الإمدادات الأمريكية والشكوك حول ما إذا كانت السعودية وروسيا ستتمكنان من خفض الإنتاج بمعدلات كافية تمتص تخمة الإمدادات النفطية في السوق والمقدر لها أن تبلغ نحو 1.4 مليون برميل يومياً في العام المقبل. وكان وزير النفط السعودي خالد الفالح قد شكك في لقائه مع وكالة بلومبيرغ يوم الثلاثاء في ما إذا كانت روسيا ستدعم خفضاً كبيراً في إنتاج المنظمة البالغ حالياً 32.5 مليون برميل يومياً حسب الإحصائيات الرسمية للمنظمة. وقال الفالح أوبك والمنتجون خارجها لا يزالون يدرسون ما يجب عمله بشأن خفض الإنتاج والكمية التي يجب خفضها . وعلى الرغم من التصريحات التي أدلى بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول دعمه خفض الإنتاج إلا أنه تصريح للاستهلاك السياسي وليس مرتبطاً بالواقع كما يقول مراقبون إذ إن الشركات الروسية تعكف على زيادة إنتاجها وترتبط بعقود مع السوق الصينية تحرص عليها وغير راغبة في إجراء خفض يذكر في الإنتاج. وحسب وكالة بلومبيرغ فإن روسيا ترغب في خفض الإنتاج بنحو 150 ألف برميل يومياً فقط. وهذا رقم ضئيل مقارنة بالكمية التي ترغب السعودية في خفضها والمقدرة بنحو 1.3 مليون برميل يومياً. وتوصلت منظمة أوبك في اجتماعها الأخير في فيينا يوم 23 جوان الماضي إلى توافق حول زيادة الإنتاج بنحو مليون برميل يومياً بدءاً من شهر جويلية الماضي حيث رفعت وروسيا الإنتاج بمقدار 200 ألف برميل يومياً إلى أعلى من 11 مليون برميل يومياً كما رفعت السعودية إنتاجها إلى 11.3 مليون برميل وذلك وفقاً للأرقام التي أعلنت عنها لمكتب المنظمة في فيينا. ويحدث هذا الخلاف بعد عامين فقط من خروج الدول النفطية من دورة انهيار كبير في أسعار النفط حملها إلى أقل من 30 دولاراً للبرميل في عام 2016 وكانت نتيجتها خسارة مئات المليارات للدول العربية. وتواجه السوق النفطية خلال العام المقبل مجموعة من التحديات التي تهدد أسعار النفط بدورة انهيار جديدة من بين هذه المهددات الحرب التجارية التي تخفض النمو العالمي للطلب النفطي المقدر بنحو 100 مليون برميل يومياً وكذلك تنامي إنتاج النفط الصخري في أمريكا وتراجع أسواق الأسهم في الوقت الذي حذرت فيه الحكومة الصينية من تنامي العوامل المعاكسة للاقتصاد ومع توقعات بأن تعلن اليابان عن انكماش الناتج المحلي الإجمالي لربع سنوي آخر. وفي لندن وبسبب هذه الضغوط والشكوك بشأن نجاح اجتماع أوبك في الخروج بنتائج تحقق امتصاص التخمة النفطية انخفضت أسعار النفط أمس الأربعاء. وفي التعاملات الصباحية في لندن حسب رويترز بلغت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت 61.14 دولاراً للبرميل منخفضة 94 سنتاً أو ما يعادل 1.5 مقارنة مع الإغلاق السابق. كما بلغت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 52.44 دولاراً للبرميل متراجعة 81 سنتاً أو 1.5 . وتوقع مصرف بنك أوف أمريكا ميريل لينش أن تبلغ أسعار خام برنت وخام غرب تكساس الوسيط في المتوسط 70 دولاراً و59 دولاراً على الترتيب في العام المقبل 2019. ولكن هذه التوقعات لا تدعمها عوامل العرض والطلب وربما تدعمها فقط ظروف الاضطراب الجيوسياسي في العديد من مناطق الطاقة الحيوية بالعالم. ومن غير المعروف حتى الآن كيف ستتطور قضية حظر تصدير النفط الإيراني وسط التهديدات المتبادلة بين طهرانوواشنطن. وقال مصدران في أوبك أمس الجمعة إن إيران تبدو العقبة الأساسية في اتفاق أوبك بشأن إنتاج النفط في الوقت الذي لم توافق فيه السعودية أكبر منتج في المنظمة على إعفاء طهران التي تخضع لعقوبات أمريكية. ومن المقرر أن تجرى اجتماعات في فيينا مع المنتجين من خارج المنظمة بقيادة روسيا. وتفاوتت مواقف المنتجين بين طلب الاستثناء من تخفيض الإنتاج والموافقة عليه والتفاؤل بالتوصل إلى اتفاق جيد للسوق. وقال وزير الطاقة في كازاخستان كانات بوزمباييف أمس الجمعة إن بلاده مستعدة لخفض إنتاجها النفطي وإنها ستجري تخفيضات بالتماشي مع أوبك والمنتجين المستقلين. وأوضح الوزير للصحفيين: سنخفض الأمر يعتمد على المحادثات والتخفيض بشكل متناسب مثل الجميع مضيفا أن تخفيضات إنتاج النفط إجمالا ستتوقف على عدد من دول أوبك وأن موقف بلاده متماثل مع السعودية بعد مباحثات مندوبها . من جانبه قال وزير الطاقة الإماراتي إنه متفائل بأن أوبك ستتوصل إلى اتفاق جيد للسوق هذا في ظل الحديث عن عقبة إيرانية بفعل العقوبات الأمريكية المفروضة عليها. ونقلت وكالة رويترز عن مصادر في المنظمة قولها إن إيران وفنزويلا وليبيا سيحصلون -على الأرجح- على استثناءات من خفض الإنتاج. في حين قال وزير النفط النيجري إن بلاده لم تطلب استثناء من تخفيضات أوبك. من جانبها نقلت وكالة تاس للأنباء عن مصادر روسية قولها إن وزير الطاقة ألكسندر نوفاك عقد اجتماعين ثنائيين منفصلين مع كل من وزير الطاقة السعودي ووزير النفط الإيراني قبيل الاجتماع الرئيسي لمنتجي النفط في فيينا امس الجمعة بشأن تخفيضات الإنتاج. وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يمارس ضغوطا على أوبك منذ أشهر دعا المنظمة إلى الامتناع عن رفع أسعار النفط مع رغبته مواصلة مساعدة المستهلكين الأميركيين. وكتب في تغريدة نأمل أن تبقي أوبك على تدفق النفط كما هو دون قيود. العالم لا يريد ولا يحتاج أن يرى أسعار النفط ترتفع . لكن وزير النفط والطاقة السعودية فالح الفالح صرح الخميس أن الولاياتالمتحدة ليست في موقع يسمح لها بأن تملي على أوبك سلوكها. وقال الفالح إن واشنطن ليست في موقع يسمح لها بأن تقول لنا ماذا علينا أن نفعل مضيفا لا أحتاج إلى إذن أحد لخفض الإنتاج. وبلغ إنتاج أوبك في أكتوبر 32 99 مليون برميل يوميا حسب وكالة الطاقة الدولية فيما أعلنت السعودية عن زيادة في إنتاجها في نوفمبر.