أ. ماسينيسا تقصد أعداد كبيرة من هذه الفئة من المصابين بالامراض العقلية والمتشردين والمتسولين ولاية بجاية بالخصوص عند حلول الربيع حيث ترتفع فيه درجة الحرارة وتساعدهم هذه الاجواء في افتراش مختلف الشوارع والاحياء ليلا ونهارا ولا أحد يزعجهم عما يقومون به من طلبهم للصدقة لكسب قوت عيشهم, كما أنهم يحسون بالامان لاسيما وأنهم لا يتعرضون للاعتداءات الجسمانية أو الضرب من طرف العناصر الشريرة التي تسرق منهم بعض الدينارات التي يقومون بجمعها من هنا و هناك لاقتناء حاجياتهم من الاطعمة والسجائر وغيرها من الامور. نرى حشودا من هؤلاء الاشخاص يفرون من مناطق مسقط رأسهم وينزحون ن بكثرة في اتجاه ولاية بجاية. الولاية تفتقر لمراكز تكفل يرى أطباء مختصون ببجاية أن نزوح هذا العدد الهائل من الاشخاص المصابين بالامراض العقلية ,وكذا المتشردين والمتسولين يرجع الى العجز الكبير الذي تعرفه الجزائر في المراكز الاجتماعية المخصصة في استقبال هذه الفئة من المجتمع الذي أصبح يرفضهم, كون هذه الفئة أصبحت تسبب لهم المشاكل والقلق وفي بعض الاحيان الاعتداءات التي تطال المارة خاصة الاناث. وفي هذا الصدد, وأثناء قيامنا بهذا التحقيق التقينا بالرجل محند. م الذي عرفنا عليه أحد سكان تاسكريوت, ويقول هذا المتحدث انه كان يدرس في الجامعة في الثمانينيات وعندما تخرَّج في الجامعة بشهادة ليسانس في اللغة العربية واجتاز امتحانا في المادة المذكورة وأخذ احسن علامة وتم توظيفه وشغل منصب استاذ اللغة الحية في احدى المتوسطات ببلدية خراطة وكان يساعد التلاميذ المقبلين على مختلف الاختبارات في الاجابة على مختلف المواضيع. وعن سبب الحالة التي أصبح عليها هذا الاستاذ الشاب الذي أصيب بمرض عقلي, يقول محدثنا أنه كان تلميذا مجتهدا الى درجة أنه لا يتوقف في مطالعة دروسه واستمر على نفس الطريقة لسنوات طويلة حتى بدأ يقفد وعيه بعدما أصيب بالجنون سنة 1990 ومنذ ذلك الوقت وهو يصارع مرضا عقليا الى غاية أن قدم استقالته, بحيث عوض أن يدخل في عطلة مرضية سا رع وقدم استقالته الى مفتش المقاطعة, هذا الاخير نصحه بالاستقالة ووظف في مكانه أحد أقاربه ومنذ ذلك الوقت لا يكلم هذا الشاب احدا على الاطلاق, تجده جالسا بمفرده أو يكلم نفسه, وفي بعض الاحيان تجده واقفا وسط الطريق يطلب سيجارة أو ينظم حركة المرور وتارة حينما يجوع يتقدم الى المخبزة ويقدم يده للحصول على خبزة, وهذه هي حياة العمري التي لم تلق مساعدة من طرف مسؤولي الحماية الاجتماعية التي اتصلنا بها مرارا ليأخذوا هذا المريض الى المصلحة الاستشفائية للامراض العقلية. الامثلة كثيرة يمكن سردها عن حشود من هؤلاء الاشخاص, يقول الحاج الطاهر أن هذه الحشود من المتشردين والمتسولين واصحاب الامراض العقلية تختفي في بعض الاحيان حينما تكون هناك زيارة مسؤول كبير الى الولاية, وعند الانتهاء من الزيارة يظهر هؤلاء المرضى من جديد فبمجرد عودتهم تجد كل الاماكن التي تكثر فيها الحركة حطوا فيها رحالهم ومتاعهم المتكون من الاغطية والافرشة والاواني.. انه ديكور مؤسف ساهمت في تصميمه الجهات المعنية التي تخلت عن مسؤولياتها وهي الصورة المشوِّهة لهذه الولاية الرائدة في الجانب السياحي. وقال شاهد عيان وهو تاجر وسط مدينة بجاية: أين هم أولئك الذين يتربعون على كراسي فاخرة وكأنهم لا يعلمون ما يدور خارج مكاتبهم؟ ويضيف قائلا عن هؤلاء المساكين منهم من يحترف البحث داخل القمامات والبعض الاخر ينظم حركة المرور, فهذه الفئة لا خوف منهم أبدا, الا ان هناك فئة من هؤلاء المرضى يزرعون الرعب وسط المواطنين بالاعتداء عليهم وحتى الضرب في غالب الاحيان. جرائم واعتداءات وروى مواطنون بقطنون وسط مدينة بجاية جريمة قتل على المباشر راح ضحيتها تاجر اثر هجوم وحشي تعرض له من قبل أحد المصابين بمرض عقلي, حيث قام هذا الاخير بمباغتة الضحية وهو يتأهب لفتح محله التجاري بواسطة ما يشبه خنجرا وراح يغرزها بكل قواه الى أن لفظ أنفاسه الاخيرة. وتحدث مواطن آخر عن جريمة قتل ثانية, بعدما أقدم شاب أصيب بمرض عقلي على قتل والدته بواسطة آلة حادة, الحادثة هذه تركت استياءً عميقا في وسط سكان الحي. تصرفات هؤلاء الاشخاص المتشردين والمصابين بمرض عقل , بحيث يسيرون وسط الطرقات و يعرقلون حركة المرور كثيرا ما تتسبب في وقوع حوادث مرورية, لا ينجو منها لا المواطن ولا السائق, وفي هذا الصدد كشف الدرك الوطني ببجاية في تقريره الاخير أنه أحصى العديد من هذه الحوادث كان سببها الاشخاص المتشردون والمتسولون والمصابون بمرض عقلي الذين لا يفرقون بين الليل والنهار حيث لا يتوقفون عن نشاطهم وتراهم يسيرون حفاة الاقدام وعراة الاجسام في عزِّ الشتاء ولا يحسون بالبرودة الشديدة أو الحرارة المرتفعة في الصيف.