انتشرت ظاهرة التسول في أوساط المجتمع الجيجلي بشكل كبير، على غرار ما هو حادث في كل ولايات الوطن وبطريقة ملفتة للانتباه، خاصة وأن الأشخاص الذين جعلوا من التسول مصدرا أساسيا لرزقهم وربحهم السريع، أصبحوا اليوم وكل يوم يحتلون المساحات والمواقع الرئيسية للمدينة قبل أن يختموا نشاطهم التسولي بالوقوف عند أبواب المساجد عقب كل صلاة جمعة، مزاحمين بفعلتهم هذه الجمعيات المدنية المرخص لها قانونا بجمع التبرعات لتجديد وبناء بيوت الله على مستوى البلديات لاسيما النائية منها. ورغم أن التسول جريمة يعاقب عليها القانون إلا أن المتسولين، وليسوا كلهم بمحترفين لهذه المهنة، الأغلبية منهم تعاني أوضاعا اجتماعية جد قاسية أفرزتها مخلفات الأزمة الأمنية التي شهدتها ولاية جيجل ما بين سنة 1992 وسنة 1997، ومع استمرار هذه الأزمة الأمنية بالمناطق الجبلية النائية وفي غياب أية أرقام رسمية تتعلق بالمتسولين أو بوتيرة نشاطهم ورقم أعمالهم، كان لزاما علينا الدخول إلى وسطهم والحديث معهم ومراقبة البعض الآخر منهم واستطلاع حقيقة الشبكات المنظمة التي تشرف على نقل المتسولين وتوزيعهم وتقديم الوجبات الغذائية لهم. بالمختصر المفيد، البحث عن »أمّنا« الغولة التي تشغل الأطفال وتحميهم من التشرد في آن واحد. قبل الشروع في عملهم والتوزع عبر النقاط والتجمعات الحساسة أو ما يعرف بأماكن »الاستنزاف«، يجتمع المتسولون في الصباح الباكر عند المحطة الشرقية لنقل المسافرين من أجل تناول قهوة الصباح في الهواء الطلق، وهي تتضمن حسب شهادات حية ومعاينات ميدانية، الحليب ب "الكارواسون" للمتسولات وعصير البرتقال كمادة إضافية للرضع والصغار الذين يتم استعمالهم واستغلالهم كواجهة لجلب العطف واستنزاف الجيوب، ثم تأتي مرحلة الانتشار، ولكل متسول مكانه ولكل متسولة مكانها أيضا، والويل كل الويل لمن أراد تجاوز المعمول به والمتعارف عليه، فكثيرا ما صادفتنا شجارات عنيفة بين المتسولات بسبب الأماكن. أما بدايتنا نحن فكانت بوضع المتسول (ب. العربي) وهو من ولاية برج بوعريريج يبلغ من العمر 48 سنة، تحت المراقبة الشديدة، وهذا بعد جلوسنا معه والحديث إليه عن سر أو بالأحرى دوافع اختياره لمهنة التسول التي أرجعها إلى الأمراض المزمنة التي يعاني منها حسب الوثائق المقدمة لنا من طرفه. العربي حاول أن يكون صريحا معنا بعد أن منحناه 50دج، غير أن صراحته بالنسبة إلينا كانت غير كاملة، فهو يقول إنه يمارس التسول بولاية جيجل لمدة أسبوعين أو ثلاثة أسابيع متتالية ثم يعود بعدها إلى مسقط رأسه بولاية البرج بعد أن يكون قد جمع -حسب تصريحاته- ما بين 6000 إلى 7000 دج، مؤكدا أن مداخيله اليومية تتراوح ما بين 350 إلى 400 دج. لم نشأ أن نكون ثقلاء الظل على العربي المتزوج والأب ل 6 أبناء، فقد فضلنا إنهاء الحديث معه بسرعة مع وضعه تحت رقابة شديدة ودائمة رصدنا من خلالها جميع تحركاته والأماكن التي يمارس فيها مهنته بداية من عمارات فيلاج موسى مرورا على البريد المركزي، ونهاية يومه بشارع الأمير عبد القادر أين رافقناه دون أن يشعر بنا إلى أحد محلات الهاتف العمومي بالشارع الأخير، حيث يقوم هناك بتحويل القطع النقدية التي يجمعها كل يوم إلى أوراق مالية من فئة 1000 دج وهذا شرطه »البرايجي«، يحوّل عند صاحب »الطاكسيفون« ما بين 4600 إلى 4800 دج ولقد نشأت بينه وبين صاحب المحل ألفة وصداقة بعد أن تحول إلى زبون أيضا يقوم بشكل دوري بإجراء سلسلة من المكالمات الهاتفية التي يطمئن فيها على أهله وأفراد أسرته ويسأل الأبناء إذا ما كانوا قد اشتروا للشاحنة قطع الغيار التي تنقصها ويوصيهم مع التشديد عليهم بعدم شراء الحديد والرمل والإسمنت حتى يعود وهذا بعد سؤالهم عن أسعارها في السوق، مما يدل على أن »سي العربي« الذي حاول إيهامنا بأن مداخيله اليومية تتراوح ما بين 350 إلى 400دج يملك شاحنة ويقوم ببناء مسكن جديد بمسقط رأسه بولاية برج بوعريريج وما خفي كان أعظم. متسول آخر »محلي« احترف هذه المهنة مع سبق الإصرار والترصد بعد أن تعرض في سنة 1984 إلى حادث عمل طفيف، وبمجرد مغادرته للمستشفى تحول إلى متسول »محترف« وصار يربط رجله اليمنى بعد ثنيها بسلك معدني. مدخوله الشهري -حسب المقربين منه- يتراوح ما بين 10 إلى 15 مليون سنتيم والرقم غير ثابت، غير أن الثابت في قضية وحكاية (المختار) أنه اشترى من ديوان الترقية والتسيير العقاري الشقة التي يقيم فيها بإحدى العمارات السكنية ومحلين تجاريين بمبلغ 69 مليون سنتيم، وقد أراد من وراء شراء المحلين إنشاء مخبزة عصرية وحديثة فيهما، غير أن مشروعه التجاري هذا لم يتم بسبب معارضة السكان له عند عرض المشروع للملائمة وعدم الملائمة. مشكلة هذا المتسول أنه يعشق مهنة التسول حد الجنون وقد رفض التخلي عنها رغم تدخلات بعض أقاربه ممن يشغلون مراكز أمنية حساسة في الدولة ويتقززون من تصرفاته، حيث رد عليهم بأن لا دخل لهم في حياته الخاصة وأن مدخوله الشهري يعادل مدخولهم السنوي من وظائفهم السامية. المختار يعتمد في مهنته وتسوله على مجموعة من الحيل في إطار تغيير الشكل، فحينما يتسول بولاية جيجل والمناطق التابعة لها يقوم بربط رجله اليمنى، وحين يتسول بولايات أخرى مجاورة يقوم بربط رجله اليسرى حتى يعطي بعض الراحة لرجله اليمنى ولا يتسبب في إصابتها بإعاقة حقيقية جراء ثنيها وربطها باستمرار، وأحيانا أخرى يتخلى عن استعمال السلك المعني الذي لا يفارق جيبه ويعتمد أسلوبا جديدا يقوم من خلاله بجر رجله اليمنى أثناء سيره. ومن أطرف ما وقع له أن لجنة ولائية من إحدى المديريات قامت بزيارته فجأة من أجل تسوية بعض الأمور والمستحقات المادية العالقة بينه وبينها. وبمجرد رؤيته لأعضاء اللجنة من بعيد سارع إلى ربط رجله بالسلك المعدني غير أن أحدهم فك رباطه وأكد للمتسول بأن حيلته لم تعد تنطلي على أحد. فاكهة المتسولين أو بالأحرى فاكهة استطلاعنا هذا تتمثل في المتسول رشيد القسنطيني الذي احترف التسول بولاية جيجل مع الانتقال في أحيان أخرى إلى ولاية بجاية التي يعترف بأن سخاء أهلها جعله يزورها ويتسول عبر شوارعها ومدنها كلما شحت جيوب الجيجليين. رشيد كثير الكلام وكثير الصراحة وكثير التسول أيضا، لا يخجل من مهنته بل تجده متفتحا ويتبادل الحديث مع الجميع دون عقدة، قليلا ما يغضب، أغضبته والدته مرة واحدة وهي الأخرى متسولة محترفة بولاية قسنطينة، والسبب أنها قامت مؤخرا بشراء سيارة جديدة لشقيقه العاطل عن التسول، رشيد لم يعارض فكرة شراء والدته سيارة جديدة لشقيقه، وإنما عارض فكرة بقاء هذا الأخير عاطلا عن العمل ومترددا في اقتحام مهنة التسول التي تجلب الملايين. مداخيل هذا المتسول المرح الذي يعرف كيف يستنزف جيوب المواطنين ويعرف كيف يضحك على ذقونهم ويجبرهم على تبادل الابتسامات معه، تتجاوز مع مداخيل والدته المتسولة حدود ال 25 مليون سنتيم شهريا، وهو مبلغ يفوق ب 50٪ مرتب رئيس الجمهورية. هذا المتسول دائم السير والتنقل عبر الشوارع راجلا أحيانا، ومستقلا أحيانا أخرى حافلات النقل الجماعي يعتمد في تسوله على المثل الشعبي القائل »دير روحك مهبول تشبع الكسرة« أو بعبارة أخرى يخلط »النية بلهبال«. وبما أن التسول صار مصدرا للاسترزاق وكسب المال عن طريق النصب والاحتيال واستئجار الأطفال والرضّع واصطناع عاهات وإعاقات من أجل استنزاف جيوب الناس خارج نطاق التسول بسبب الفقر والظروف الاجتماعية الصعبة، فلا عجب في أن يمارس الجميع جريمة التسول مادام القانون غائبا في هذا الموضوع، ففي ولاية جيجل وعلى مدار سنة ونصف (2006 - 2007) لم تعالج الجهات المعنية سوى 04 قضايا تم عرضها على وكلاء الجمهورية، ثلاثة من هذه القضايا استفاد أصحابها من الإفراج، فيما تم إيداع متسول واحد فقط الحبس المؤقت السنة الماضية. هذا التسامح القانوني هو الذي فسح المجال لكل من هبّ ودبّ ولكل عاقل ومجنون ولكل عامل وعاطل ممارسة التسول، ومن بين كل هؤلاء موظفة بالولاية تتقاضى حوالي مليون سنتيم شوهدت أكثر من مرة وهي تمارس مهنة التسول عند أبواب المساجد عقب كل صلاة جمعة، والغريب في الأمر أن هذه الموظفة العزباء التي تتقاضى ما بين 9000 إلى 10000دج شهريا من وظيفتها الحكومية تقيم في فندق بمبلغ 15 ألف دج شهريا. أما متسولو الحدود الجزائرية- التونسية الوافدون على جيجل من جبال الجرف بولاية تبسة، الذين دخلوا التراب الجزائري قادمين إليه من تونس سنة 1960 -حسب تصريحات كبير هذه العائلات- يقيمون بالكلم الثالث على بعد أمتار قليلة من شاطئ »الشالات« داخل أكواخ مصنوعة من "الباش" وأعواد الشجر، سعر الكوخ الواحد من حيث تكلفة إنجازه لا تتعدى ال 1000دج غير أن قيمته عند هذه العائلات ذات اللقب الواحد تقدر بعشرات الملايين، بل مئات الملايين. زيارتنا للمكان كانت أشبه بالدخول إلى أحد أفقر الأحياء البرازيلية أو الدخول إلى معاقل »الزولو« أيام الميز العنصري بجنوب إفريقيا.. الخطر كل الخطر أن تدخل هذه المنطقة ليلا فهي تعج بالمنحرفين والسكارى والشواذ والعاهرات، وحسب أحاديث بعض السكان النازحين من المناطق النائية بجبال بلدية جيملة وجبال بني خطاب ببلدية تاكسانة، فإن المنطقة ومنذ قدوم »التونسيات« واحترافهن التسول وتورطهن في مختلف أشكال الفساد الأخلاقي شهدت مشادات وشجارات عنيفة وعمليات سطو عديدة، راحت ضحيتها العاشقات والمحبات والعاهرات، وكثيرا ما تدخلت مصالح الدرك الوطني في محاولة لتطهير المنطقة وحماية النازحين من مثل هذه الاعتداءات. وفي اليوم ا لموالي لزيارتنا هذا الحي، قمنا بإخضاع المتسولات »التونسيات« إلى الرقابة والمتابعة خاصة وأن شائعات عديدة ترددت حول إجبارهن من طرف أزواجهن على ممارسة التسول وإلا تعرضن للطلاق، بل إن إحداهن تقول إن زوجها يقوم بتفتيشها وتفتيش صغارها بما فيهم الرضع بحثا عن أي دينار تخفيه الزوجة المتسولة بعد اقتطاعه من المدخول اليومي للتسول.. مدخول يذهب في مقارعة الخمرة ومضاجعة النساء »حاشا النساء«، وبعبارة أدق مضاجعة العاهرات والساقطات بأموال الصدقات الممنوحة للمتسولات من جيوب المواطنين الذين لا يبخلون تحديدا على هؤلاء »التونسيات«، خاصة وأنهن بارعات في طلب الصدقة باسم أولادهن الأيتام. رغم أن لهؤلاء الأيتام جدا تجاذبنا معه أطراف الحديث ولهم أيضا آباء من صلب هذا الجد المتمتع بكامل قواه الصحية بدليل أننا تركناه حين زيارتنا لأكواخهم بالكلم الثالث يقوم بمهمة جلب مياه الشرب ومياه الغسيل.. والغريب في الأمر أن هؤلاء المتسولات اللواتي جعلن المحطة الشرقية للمسافرين مركزا رئيسا لتسولهن وممراتها مطعما خاصا بهن يتناولن فيه فطورهن في الصباح الباكر وهو يتكون من الحليب و"الكارواسون" وعصير البرتقال وتناول بعدها وجبة الغذاء بشراء كل ما لذ وطاب من المساحة التجارية المتواجدة خارج المحطة، الغريب، أنهن وبمجرد ما يرفع أذان صلاة العصر، وتقل فيه حركة العمال والموظفين العائدين إلى بيوتهم يسارعن إلى مسجد الشاطئ القريب من المحطة لاستنزاف جيوب المصلين والحصول على القطع النقدية ذات فئة 50 و100 دج وأحيانا أوراقا مالية من فئة 200دج، في وقت وجد فيه القائمون على هذا المسجد صعوبات كبيرة في الحصول على الهبات والتبرعات المالية لإتمام بعض الأشغال الجارية به، حتى أن إمام مسجد عمر بن الخطاب بحي أيوف كان يحث رواد مسجده على الدفع بسخاء لمسجد الشاطئ الذي كانت يومها »مخمرة« بجانبه قبل أن يقرر صاحبها غلقها، وكأن إمام مسجد عمر بن الخطاب لا يعلم، وهو لا يعلم، بأن أموال رواد مسجد الشاطئ تذهب للمتسولات »التونسيات« وبعدها إلى جيوب أزواجهن لتبديدها على الخمر والنساء، وليتهن كن نساء بل عاهرات وساقطات تعاف الحيوانات على مضاجعتهن، وكثيرا ما اعتمدت المتسولات في اقتحامهن لمداخل المساجد على الجانب الديني في مخاطبة المصلين والدعاء لهم بأن يتقبل الله صلاتهم وأعمالهم بينما يعتمدن خارج المساجد على طلب الصدقة باسم الأيتام ويحددن طلبهن ب 05 دنانير من أجل شراء خبزة، والحقيقة أن ما تجمعه متسولات الحدود الجزائرية- التونسية من المساجد يوميا وفي صلاة الجمعة والمناسبات الدينية وخاصة في شهر رمضان المعظم يعادل مرتين ما يجمعه كل المتسولين والمتسولات عبر كامل مناطق الولاية، ودليلنا في هذا، الغضب الذي انتاب المتسول »البرايجي« من هيمنة »التونسيات« على سوق التسول واستحواذهن على النصيب الأكبر والوفير من صدقات المواطنين والمحسنين والمغفّلين أيضا، حيث يعلم البعض منهم بأن »للتونسيات« هواتف نقالة يقمن بشحنها ببطاقات تعبئة من فئة 500دج ويقمن أيضا بتعبئة وتحويل أرصدة مالية أخرى نحو أرقام هاتفية لم نتأكد إذا ما كانت لعشاقهن أم خاصة بأزواجهن أو أفراد أسرهن إن كانت لهم أسر أصلا. والحقيقة أن عالم التسول غريب وعجيب وفيه من الطرائف ما يجعل المثل القائل »هم يضحك وهم يبكي« ينطبق على هذه المهنة التي يصعب على المستول التخلي عنها بالنظر إلى سهولة الحصول على المال من خلالها والمبالغ اليومية الكبيرة، غير أن هناك من خرج من هذه الشبكة العنكبوتية، ومنهم الشاب (ريبوح) البالغ من العمر حوالي 30 سنة وهو من الشباب الذين أنعم الله عليهم بالقوة والصحة بدليل أن جماعة أرادت أن تتحدّاه بأن يتناول 01 كيلوغرام من معجون التمر »الغرس« فتحداهم هو بأن أضاف لهذه المادة الحلوة جدا ما هو أحلى منها علبة مربى المشمش وأكلهما معا. (ريبوح) وحتى نتأكد جيدا من قوته وصلابته وسلامة جسده من أي مكروه يعمل اليوم في إطار الأشغال الحرة الشاقة، حيث يحمل 04 أكياس إسمنت دفعة واحدة وما يماثلها من أكياس السميد، ويشحن بكلتا يديه ما بين 08 إلى 10 قطع من الآجر، احترف في البداية التسول، كان يقصد الأسواق الشعبية بأثواب رثة وبالية، ويصرخ فيها بأعلى صوته لجلب عطف المواطنين ومخاطبة شغاف قلوبهم وكان له ما أراد، حيث تهاطلت عليه الأموال، حتى أن مداخيله اليومية وصلت في الكثير من المرات إلى مليون سنتيم، وكان بإمكانه مواصلة التسول لكنه توقف عنه فجأة وصار رجلا بأتم معنى الكلمة، يكسب أجرته اليومية التي لا تقل عن ال 2000 دج من عرق جبينه، بل وصار بعدها محبوبا من طرف الجميع، والكل ينتظر عرس (ريبوح) ليغنوا ويرقصوا معه ويشاركوه الفرحة، بعد أن رقص هو في جميع أعراس المنطقة التي يقيم فيها. وبعيدا عن توبة ريبوح، ونية رشيد، وحيلة المختار، ووقاحة »التونسيات« وطيبة العربي، وجشع الموظفة الحكومية، فإن المؤكد بخصوص العينات التي وردت في استطلاعنا هذا أنها عينات حقيقية احترفت التسول ولن ترضى عنه بديلا، خاصة وأن مداخيل الكثير منهم تقدر بملايين السنتيمات شهريا، وتبقى مداخيل متسولات الحدود الجزائرية- التونسية اللواتي ينتمين إلى عائلة واحدة، الأعلى في قائمة إيرادات المتسولين والمتسولات، فإذا كان البرايجي والقسنطيني والمختار الجيجلي يحصلون على ما بين 12 إلى 15 مليون سنتيم شهريا فإن المتسولات »التونسيات« أو الجرفيات، نسبة إلى جبال الجرف بولاية تبسة، يحصلن على ما قيمته 45 مليون سنتيم شهريا والرقم أكثر من هذا بكثير بدليل أن واحدة منهن ومن فرط وقاحتها صرخت في وجه أحد المواطنين وأكدت له بأنها أحسن منه وأنها تربح 03 ملايين في اليوم الواحد، وهي تقصد بهذا مداخيل العائلة الكبيرة المتكونة من أربع أسر تقودهم عجوز تتسول حتى في البلديات النائية والأسواق الشعبية، مع العلم أن التونسيات أو الجرفيات يستفدن من نصف يوم راحة فقط طوال الأسبوع ويكون مباشرة بعد صلاة الجمعة التي توافق نهاية تسولهن الأسبوعي على أبواب المساجد. أما حجم المداخيل فقد يصل عند مجموع هذه الأسر أو العائلة الكبيرة إذا ما أخدنا بالتصريح الاستفزازي للمتسولة إلى ما يقارب ال 90 مليون سنتيم شهريا تذهب كلها إلى جيوب أزواجهن ومنها مباشرة إلى جيوب الساقطات والعاهرات وباعة المشروبات الكحولية، فمتى يصحوا »الجواجلة« من غفلتهم ويتصدقون بأموالهم على الأيتام الحقيقيين أو يتبرعون بها للمساجد. ياسر عبد الحي