توقعات باستمرار الانكماش وتراجع الأداء تحذيرات من انهيار الاقتصاد الوطني ف. هند يحذر خبراء ومتتبعون من إمكانية حصول انهيار اقتصادي حقيقي للجزائر في ظل اضطراب الوضع السياسي وانعكاسات الحراك الشعبي الذي وضع نشاط عدة قطاعات على المحك حيث تتقاطع توقعات العديد من المؤسسات المالية في العالم حول انكماش الاقتصاد الجزائري في ظل دخول البلاد مرحلة انتقالية دستورية يتولى رئيس مجلس الأمة فيها عبد القادر بن صالح منصب رئيس الدولة إلى حين إجراء الانتخابات الرئاسية في 4 جويلية المقبل. ونشر موقع العربي الجديد تقريرا مخيفا عن ملامح سوداء لآفاق الاقتصاد الوطني وقال أن أولى التوقعات المظلمة حملها صندوق النقد الدولي الذي تنبأ بانكماش الاقتصاد الجزائري هذه السنة متأثرا بتواصل الأزمة الاقتصادية يضاف إليها امتداد الأزمة السياسية التي تعيشها الجزائر منذ 22 فيفري. وأعاد الصندوق ضبط توقعاته الخاصة بالنمو لسنة 2019 حيث تحدث عن نسبة 2.3 بالمائة مقابل 2.7 بالمائة في توقعات شهر أكتوبر على أن ينخفض النمو إلى 1.8 بالمائة سنة 2020. وحسب الصندوق فإن التضخم في الجزائر الذي ظل سنة 2018 محصوراً في حدود 4.3 بالمائة سيرتفع إلى 5.6 بالمائة سنة 2019 وإلى 6.7 بالمائة سنة 2020. وتتقاطع توقعات صندوق النقد المتشائمة مع تقرير مركز الأبحاث الأميركي كابيتال إكونوميكس الذي أشار إلى دخول الجزائر في حالة ممتدة من عدم الاستقرار بعد استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. كما توقع المركز أن يكون هناك على الأقل ضعف في النمو الاقتصادي للبلاد مع وجود احتمالات لتعرض الجزائر لأزمة حادة في ميزان مدفوعاتها خلال العامين المقبلين. وتأتي هذه التقارير على الرغم من عدم إصدار الجزائر لبيانات اقتصادية كافية وعدم وجود دلائل على اضطراب إنتاج وتصدير النفط والغاز حتى الآن إلا أن المؤسسات البحثية والمالية رجّحت معاناة الجزائر لبعض الوقت بسبب تأثر الإنفاق الرأسمالي للشركات هناك خلال الفترة الحالية. وكانت الحكومة الجزائرية قد توقعت استقرار النمو في سنة 2019 عند 2.9 بالمائة عند إعدادها موازنة البلاد للسنة الحالية وذلك بسبب تراجع الإنفاق العام مقارنة بالسنة الماضية. ويرى الخبير الاقتصادي والمستشار لدى الحكومة سابقاً عبد الرحمان متبول أن توقعات صندوق النقد واقعية والدليل أن الحكومة الجزائرية التي تعودت على تضخيم مؤشراتها بدت متزنة هذه المرة . ويلفت إلى أن الصندوق عدل توقعات النمو لأخذه بالاعتبار ركود الاقتصاد منذ مطلع فيفري والمنتظر أن يتواصل إلى نهاية جويلية في حال قبول الشعب الجزائري بقيادة بن صالح للمرحلة الانتقالية وإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها . ويضيف المتحدث أن تراجع النمو كان منتظراً بعيداً عن التطورات السياسية فالحكومة الجزائرية قلصت ميزانية التجهيز ب17 بالمائة في موازنة 2019 ما يعني إنفاقا عاما أقل من السنة الماضية أي مشاريع تجهيزية واستثمارات حكومية أقل وبما أن الاقتصادي الجزائري هو اقتصاد ريعي مبني على عائدات النفط فالإنفاق الحكومي هو محرك الاقتصاد بصفة عامة . وينتظر أن يصاحب انكماش معدلات النمو في الجزائر تواصل السنوات المالية العجاف بسبب تواصل تهاوي عائدات النفط وتسارع تآكل احتياطي البلاد من العملة الصعبة. ويعتبر الخبير المالي فرحات علي أن مرور الجزائر بأزمة مالية حادة وارد إن لم نقل إنه مؤكد. فالميزان التجاري للجزائر في الثلاثي الأول من السنة الحالية سجل عجزاً فاق 4 مليارات دولار حسب أرقام الجمارك بسبب تراجع عائدات النفط مقابل ارتفاع الواردات بعد تحرير الاستيراد مطلع السنة الحالية. ما يعني توجه الحكومة نحو الاحتياطي للصرف مجددا وامتصاص العجز دون أن ننسى أن عجز الخزينة العمومية سيبلغ 34 مليار دولار . ويتابع علي لأن اضطراب عمل الحكومة من جراء الحراك الشعبي ودخول البلاد المرحلة الانتقالية سيؤثر على تسيير الاقتصاد. فحكومة تصريف الأعمال همها الوحيد هو الخروج من هذه المرحلة بأخف الأضرار ومن أجل ذلك كل الطرق مباحة بما فيها استنزاف الاحتياطي إلى آخر دولار . وتشير توقعات الحكومة إلى استمرار تآكل احتياطات الصرف بالعملة الصعبة خلال عام 2019 لتتدحرج إلى 79.7 مليار دولار عند نهاية السنة الحالية ثم 76 ملياراً في 2020 ثم إلى 33.8 ملياراً نهاية 2021 رغم أنها أرقام تبدو بعيدة عن الواقع بحكم سرعة التآكل التي كانت أعلى من المتوقع. وتلخّص الأرقام التي توقّعتها الحكومة الجزائرية المتعلقة باحتياطي البلاد من النقد الأجنبي امتداد الوضعية الحرجة لاقتصاد الدولة العضو في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) للسنة الحالية بل وحتى خلال السنتين المقبلتين. إذ تشير التوقعات الرسمية إلى سرعة تآكل احتياطي العملة الصعبة لدى البنك المركزي الجزائري متعدياً الخطوط الحمراء مستقبلاً. وكانت احتياطات الجزائر من النقد الأجنبي عند مستوى 97.33 مليار دولار في نهاية ديسمبر 2018 وفق بيانات البنك المركزي الجزائري وبدأت الاحتياطات بالتراجع منذ النصف الثاني من 2014 متأثرة بانخفاض أسعار النفط في السوق الدولية لتنهي بذلك 8 سنوات متتالية من الارتفاع إذ تخطت الاحتياطات 194 مليار دولار في نهاية 2013.