مع انتشارها الواسع والأسعار التنافسية لأجهزة الهواتف النقالة ذات الوسائط المتعددة والتي صارت في متناول أغلبية المواطنين تقريبا حتى بالنسبة للأطفال والمراهقين، يلاحظ انتشار ظاهرة أخرى مصاحبة للاستعمال المفرط واليومي لجهاز الهاتف المحمول الذي يحتوي بالإضافة إلى الفيديو والكاميرا على مشغل الموسيقى العالي، وعليه صار عاديا جدا أن نشاهد عبر العديد من الطرقات والأماكن أشخاصا من مختلف الفئات والأعمار يضعون سماعات الأذن الموصولة بالهواتف النقالة وهم في عالم آخر بعيد تماما، ومنهم من تصل أصوات الموسيقى التي يستمع إليها إلى الآخرين نظرا لقوة الصوت المنبعث منها دون أن يشعر هو بأي إزعاج ودون أن يسبب له ذلك أي ألم أو إحراج مع الآخرين، وإذا كانت ظاهرة استخدام سماعات الأذن قد راجت بشكل كبير للغاية فساهمت في زيادة انعزال الناس عن بعضهم وانفراد كل بنفسه في أي مكان يتواجد فيه، فإنها من جهة أخرى تحتوي على مخاطر صحية كبيرة قد يغفل عنها هؤلاء، خاص من الأطفال والمراهقين الذين لا يستجيبون بسهولة للنصائح كما أنهم لا يتخذون الحذر الواجب عليهم اتخاذها نظرا لجهلهم بالعواقب المترتبة عن الإفراط في هذه العادة مستقبلا واغترارهم بصغر سنهم وشبابهم، ما يدفعهم إلى المخاطرة دون حساب العواقب، حيث تشكل هذه الطريقة في الاستماع إلى الموسيقى سواء عبر أجهزة الأم بي 3 أو الأم بي4 أو الهواتف النقالة متعددة الوسائط خطورة كبيرة على الأذن، إذ تتزايد احتمالات الإصابة بنقص السمع أو الصمم نتيجة الذبذبات التي تتلقاها الأذن جراء استعمال هذا النوع من الأجهزة، هذا ناهيك عن المخاطر الأخرى التي يمكن أن تتسبب فيها كحوادث المرور نظراً لعدم انتباه مستعملي هذه الأجهزة إلى أصوات السيارات أو أصوات التحذير وغيرها من المخاطر التي قد يتعرض لها الإنسان عادة في الطريق نظرا لأن سمعه وعقله منشغل بالاستماع والإنصات لما ينبعث من أغان أو موسيقى وغيرها من التسجيلات الأخرى من هاتفه النقال أو أجهزة الام بي3 أو الام بي 4 التي تراجع استعمالها بعد أن صارت الهواتف النقالة متعددة الوسائط متوفرة للجميع تقريبا. وقد أشارت مصادر طبية مختصة في أمراض الأنف والأذن والحنجرة أن هناك أكثر من 5 آلاف مصاب بضعف السمع ثم الصمم لدى الشباب على وجه الخصوص في الجزائر في السنوات الثلاث الأخيرة ولا يزال هذا الرقم قيد الدراسة من قبل أطباء مختصين. ولا يعكس هذا العدد الحقيقة طبعا إذ يتعدى عدد الإصابات هذا الرقم بكثير ما يتطلب المزيد من الاهتمام والإرشادات الموجهة إلى مستخدمي هذه التقنيات خاصة على مستوى الأسرة والمؤسسات التربوية ووسائل الإعلام والمراكز الصحية. وحسب بعض الدراسات الطبية فإن الاستماع الدائم إلى الموسيقى بواسطة الأجهزة المحمولة دون الانتباه لشدة الصوت المرتفع ومخاطرها يتسبب بتلف الخلايا السمعية من شعيرات التقاط الصوت وحتى خلايا الأذن الداخلية التي تتلف تلفا دائما لا يمكن معالجته، وعليه وجب رفع درجات التحذير والوقاية من مخاطر أجهزة الاستماع إلى الموسيقى المحمولة، وكقاعدة أساسية فإنه عندما تبلغ شدة الصوت حدا لا يسمح بسماع أصوات أخرى مثل رنين الهاتف أو جرس المنزل فإن ذلك ينذر بالخطر.