لا يمكن أن نتجاهل الوظيفة الفعالة التي يقوم بها الهاتف النقال في أيامنا هذه، خصوصا ونحن في عصر السرعة، حيث تنتقل الأخبار في لمح البصر بوجود التكنولوجيا الجديدة وخاصة التقدم في صناعة هذه الهواتف بمختلف أشكالها وتنقياتها. ولكن المخيف في الأمر هو السلبيات الموجودة فيه كاستخدام فئة التلاميذ من المراهقين للهواتف بطريقة تؤذيهم فتجعلهم منحرفين خلقيا. انتشار الهواتف بين التلاميذ يجعلهم أكثر عرضة للانحراف إن الذي شد انتباهنا، هذه الأيام، هو امتلاك التلاميذ وبمختلف أعمارهم للهواتف النقالة وبمختلف ماركاتها. والعجيب في الأمر أنهم قد يمتلكون هواتف آخر طراز فتجد الرنات المختلفة التي تحمل مختلف الموسيقى ولعل أغلبها الأغاني الرايوية أو الغربية، زد على ذلك تقنية التصوير والكاميرا، حيث نجدهم، وللأسف، يحملون بعض الصور الخليعة والمخلة للحياء المنقولة من الانترنت ودون أية رقابة لا من طرف الآباء ولا حتى من طرف المؤسسات التربوية، حيث أصبح التلميذ الذي لا يتجاوز عمره 12 سنة يشاهد في هذه الهواتف النقالة أشياء خطيرة ودنيئة قد تحرك نزواتهم وهم في أول عمرهم، مما يؤدي بهم إلى ما لا تحمد عقباه. وفي هذا الصدد تقربت جريدة ''الحوار'' إلى إحدى المؤسسات التعليمية التربوية ''إكمالية عباس لغرور'' بالمدنية للحديث في الأمر مع بعض التلاميذ. يقول ''رفيق'' وهو تلميذ في السنة الثالثة متوسط: ''أنا أملك هاتفا نقالا من طراز معروف وفيه جميع شروط التقنيات الحديثة للهاتف النقال كالصور والغناء والكاميرا، كما أن هاتفي يحمل العديد من الصور لنساء كثيرات بمختلف أشكالهن وأشاهد فيه أفلاما لا تتجاوز الست دقائق وأنقل هذه الأفلام إلى أصدقائي في هواتفهم النقالة للاستمتاع بها، كما أن جميع زملائي في المدرسة يحملون هواتف من الطراز الغالي ولا يقبلون من آبائهم شراء أقل من ذلك''، وهذا ما يؤكد التدليل المفرط للآباء لأبنائهم ولا يهتمون بالعواقب الوخيمة التي ستحدث من وراء لا مبالاتهم. ولتأكيد الأمر ومعرفة رأي الأساتذة في هذه الظاهرة تحدثت إلينا الأستاذ خديجة حيث تقول: ''نحن نعاني داخل القسم من هذه الظاهرة الجديدة وهي انتشار الهواتف بين أوساط تلاميذنا من أصغر مستوى إلى أكبره أي ابتداء من تلاميذ السنة الأولى متوسط إلى غاية تلاميذ السنة الرابعة متوسط، حيث إنه ما إن ندخل إلى القسم ونشرع في الدرس حتى يباشر أحد التلاميذ وخفية في سماع الأغاني المسجلة داخل الهاتف أو بعث SMS إلى زملائه من التلاميذ سواء الذين هم داخل القسم أو إلى القسم الآخر، أو ازعاجنا برنات ولا يمكن اكتشاف من الذي قام بفعلته وكل هذا يجعل التلاميذ خارج جو الدرس فيضيع الوقت الأكبر من الحصة بين مد وجزر أي بين الأستاذ والتلاميذ. والأدهى من ذلك أن بعض التلاميذ يحضرون هواتف نقالة تحمل ''كاميرا'' وقد حدث في الأسابيع القليلة الماضية أني وجدت تلميذا في الصف مع زميله وهو يشاهد عبر الهاتف فيلما قصيرا يحمل صورا تقشعر لها الأبدان، وهي صور خليعة منافية للمكان المقدس الذي نحن فيه هذا المكان الذي لا يصح فيه سوى التربية والتعليم''وتضيف الأستاذة ''ولأن القانون المدرسي التابع للمنشور الوزاري والممضى من طرف أولياء التلاميذ أنه يمنع منعا باتا استخدام الهاتف النقال داخل القسم وإذا ما تم القبض على التلميذ وهو يحمل الهاتف النقال فإنه من حق الإدارة أخذ الهاتف والاحتفاظ به إلى غاية شهر جوان، أي إلى غاية نهاية السنة الدراسية، ولكن وللأسف نشاهد بعض الظواهر السلبية لدى الكثير من الأولياء حيث أنهم يشترون الهواتف النقالة بتقنيات حديثة ثم يقدمونه إلى أبنائهم للتباهي في أوساط التلاميذ وعند أخذ هذه الهواتف وتسليمها إلى الإدارة فتجدهم مهرولين في اليوم التالي للمطالبة بأخذه حتى وإن وجد فيها صورا لا تليق بالمكان ولا حتى بسنهم الحساس، لذلك فتجد الأولياء ينكرون كل الإنكار أن أبناءهم هم المسؤولون عن ذلك، محاولين بذلك رفع المسؤولية عن أبنائهم، ثم يؤكدون أنهم أبناءهم لن يحملوا هواتف نقالة مرة ثانية وإذا بهم في اليوم التالي تجد ذلك التلميذ يتبختر بنفسه مؤكدا انتصاره على الكل، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على قدرة وسيطرة الأبناء على آبائهم، وهذه الظاهرة في الحقيقة قد تفشت في أوساط مدارسنا بمختلف مستوياتها''. للهواتف النقالة إيجابياتها أيضا.. لا يمكن أن ننكر أو نتجاهل الخدمات التي تقدمها لنا الهواتف النقالة فهي وسيلة اتصال سريعة تساعد على التواصل بين طرفين وهكذا الحال مع التلاميذ، حيث أنهم يحبذون أخذ الهواتف معهم حتى يكونوا على اتصال مع آبائهم خاصة إذا تأخروا مثلا عند الرجوع إلى البيت، فبإمكان الأم أو الأب أن يتصلا بابنهما للتأكد من سبب التأخر والحالات كثيرة ومختلفة باختلاف الظروف. ولهذا تؤكد لنا السيدة ''فريدة'' أستاذة العلوم الطبيعية حيث تقول ''أجد الهاتف النقال مفيدا جدا بالرغم من سلبياته لدى التلاميذ خاصة المراهقين منهم، لكن لا يمكن نكران أن الهواتف النقالة وسيلة للاطمئنان على أبنائنا وهم بعيدون عن أوليائهم وخارج منازلهم. فقد تكون هذه الوسيلة كطريقة مراقبة لأبنائنا عن بعد، وأنا شخصيا لدي ابن في ثانوية الفضيل الورتيلاني بالحامة ولكن المنزل في المدنية، وأحيانا يتأخر ابني في دخوله إلى البيت ولأطمئن عليه ما علي إلا الاتصال به لأتأكد عن حاله وعن مكانه''. ثم تضيف السيدة فريدة ''أنه من المفيد أن نقدم لأبنائنا الهواتف النقالة لكن لا داعي لإعطائهم هواتف تحمل تقنيات هم في غنى عنها كالصور والكاميرا وغيرها، فعلينا أن نعود أبناءنا على وسائل بسيطة وفي وقت الحاجة وتكون المراقبة مستمرة حتى يشعروا بأن الأولياء أمامهم ووراءهم على الدوام، خاصة بظهور مثل هذه التقنيات الجديدة المفيدة والمضرة في نفس الوقت مثلها مثل الانترنت وما تحمله من أشياء عظيمة وخطيرة في نفس الوقت.