يجتاز هذه الأيام التلاميذ المقبلون على شهادة التعليم المتوسط، قبل أن يلتحق بهم تلاميذ القسم النهائي في الثانوية، وتختلف التحضيرات من تلميذ لآخر، حتى أنّ البعض منهم يلجئون إلى أسهل طريقة، وهي الغش، ولكنّ عادة ما يكونون في مواجهة أساتذة لا يعرفونهم، وقد لا يتفطنون لحيلهم، ولكن أساتذة آخرين لا يكتفون بالحراسة، بل يُحضرون أنفسهم لكلّ الحيل التي يمكن أن يلجأ إليها التلاميذ، وبعدما تحدثنا مع هؤلاء، ننصح بعض التلاميذ أن لا يلجئوا إلى الغشّ هذه السنة. مصطفى مهدي تتعدد طرق الغش وتتنوع، خاصّة في العصر الذي نعيشه، والتي فيه الكثير من الوسائل التكنولوجية التي يمكن أن يلجأ إليها التلميذ، وتساعده في مخادعة الأستاذ، وخاصة بعض الأساتذة الذين لا يفقهون في تلك الوسائل شيئا، ويمكن بالتالي اللعب على عقولهم بسهولة، لكن، ولحسن الحظّ هناك أساتذة آخرون أكثر تفطنا لتلك الممارسات، بل إنهم يدرسون كل الطرق التي يستعملها التلاميذ في الغش قبل دخول الامتحان، وأكثر من ذلك يتصدّون لها وسائل وطرق "يتلفوها" للتلميذ كذلك، ولقد قابلنا عددا من هؤلاء الأساتذة الذين اجمعوا على أنهم مستعدون لكل ما يمكن أن يستحدثه التلميذ في طريقة في الغش، وأنهم "درسوا" طيلة السنة الدراسية كل ما يمكن أن يفعله التلميذ، بل أن بعضهم اكتسب شهرة في المؤسسة التي يعمل فيها، فأصبح المُمتحنون يتأكدّون من أنهم لن يقدروا على الغش إذا ما حرسهم هؤلاء. وكانت البداية من ثانوية المقراني، بعدما أن سمعنا عن الأستاذ إسماعيل بلبشير، والذي عرف في المؤسسة بأنه شديد مع التلاميذ الذين يغشّون، وأنّ له طرقاً غريبة في كشفهم، وفي الحراسة، ورغم أننا وجدنا صعوبة في العثور عليه مع نهاية السمة الدراسية، إلاّ أننا في النهاية قابلناه، عندما عرضنا عليه الموضوع الذي نودّ الحديث فيه استغرب وقال: "أحاول أن احرس تلاميذي جيدا هذا فقط"، لكننا علمنا أنّ له الكثير ليقوله، فعندما سألناه عن الطرق التي ينتهجها يجيب: "بما انكم عثرتم عليَّ فلا بد أنكم قابلتم بعض الطلبة الذين حدَّثوكم عن طريقة الحراسة الخاصّة بي، ولكني في كل مرة أغيِّرها، فانا أتماشى مع الجديد، وطرق الغش التي يبتكرها التلاميذ، وأقول لكم إنها لا تخلو من إبداع، فقط أحاول أن أكون أكثر إبداعا منهم، والتلميذ لا يعلو على الأستاذ حتى في هذا". وقص علينا محدثنا عن كثير من الحوادث التي اعترضته، منها: "في مرة اكتشفت أن التلاميذ يستعينون كثيرا بالهواتف النقالة في الغش، وهناك تلاميذ يخفونه في أماكن لا استطيع تفتيشها، وخاصة البنات، فدخلت عليهم مرة، وطلبت منهم أرقام هواتفهم جميعا، استغربوا، ولكن لم يخطر ببالهم السبب، فأعطوني أرقامهم، وجربتها، ثم طلبت منهم إقفال الخط، وكنت خلال الامتحان اتصل بهم، فمن كان هاتفُه لا يزال مفتوحا أدرك انه يخفي شيئا، وأراد احدُهم أن يتحايل، فوضع رقما سريا بحيث يكون الهاتف مفتوحا، لكن لا استطيع الاتصال به، ولكن سمعت رنة الرسالة التي وصلت تقول أنّ فلاناً اتصل بك، ولكني لم اكرر هذه الطريقة، لأني أعلم أنهم في مرة قادمة سيتخذون احتياطاتهم، ولكني سأفعل، ربما، مع تلاميذ آخرين". أستاذٌ آخر بنفس الثانوية، لم يرغب بالإفصاح عن اسمه، ولكنه اشتهر مثل زميله بصرامته، يقول مازحا: "مع الوقت أصبح كشف التلاميذ الذين يغشّون، ليس ضرورة فحسب، ولكن مُتعة، وفعلت ذلك حتى في البكالوريا البيضاء، حيث كنت صارما مع التلاميذ". وعن الطريقة التي يعتمدها دائما، يقول: "أحيانا، وعندما احرس قسما فيه تلاميذ لا يعرفون بعضهم بعضا، أضع بينهم جاسوسا، يجلس في الخلف كأنه تلميذ، ولكنه يشير لي بهؤلاء الذين يغشّون، والذين يراهم". أمّا الأستاذة حميدة. ق، بمتوسطة باستور، فقالت لنا: "تتنوع طرق فضح وكشف التلاميذ بتنوع طرق الغش، وطيلة مسيرتي الدراسية كنت أكشف هؤلاء الغشاشين، حتى صاروا لا يغشون، وصار الزملاء يوكلون لي مهمة حراسة الأقسام الصعبة، وقبل أن أدخل الامتحان ادرس كل طرقهم، يساعدني في ذلك ابني التي يطَّلع على تلك الحيل الشريرة".