مع بداية السنة الدراسية الحالية 2010 / ,2011 قررت وزارة التربية الوطنية، إجراء امتحانات استدراكية لصالح التلاميذ الراسبين المتحصلين على معدل عام من 9.50 إلى ,9.99 حيث لم يتمكن هؤلاء من الانتقال إلى السنوات الأعلى، وتجري الامتحانات الاستدراكية في المواد التي لم يتحصلوا فيها على نقاط أعلى من 10 على مستوى الأطوار التعليمية الثلاثة، لكن هذا الأمر لقي استهجانا من طرف الأساتذة والمعلمين الذين أكدوا أنه ليس في صالح التلاميذ، ولا يزيد إلا من تدهور المستوى التعليمي لهم· يندرج هذا الإجراء في إطار تطبيق المنشور الوزاري الذي أقر بالسماح بإعادة السنة لكل التلاميذ الراسبين في الأطوار التعليمية الثلاثة من سنوات الابتدائي، المتوسط، الثانوي، بما فيها التلاميذ الراسبين في امتحانات شهادة البكالوريا لأول مرة، حيث أرسلت الوزارة تعليمة متعلقة بضرورة السماح لجميع التلاميذ الراسبين في البكالوريا من اجتياز هذا الامتحان داخل أقسام نظامية عادية، مع فتح أقسام خاصة للتلاميذ الراسبين لأكثر من مرتين حسب معدلاتهم وسنهم، وكذا حسب إمكانية المؤسسة التربوية من حيث توفّرها على القسم والأساتذة المدرسين، كما ألزم المنشور ذاته، الذي وزع في شكل تعليمة لمديريات التربية، انتقال تلاميذ السنة الأولى والثانية متوسط بالإنقاذ ابتداء من معدل 9 نهاية الموسم الدراسي الماضي، وأقر المرسوم على أن أي انتقال في الطور الثانوي لا يتم إلا بعد حصول التلميذ على معدل 10 من ,20 وهو ما كان وراء لجوء مديريات التربية إلى فرض تعليمة لمؤسساتها التربوية لتمكين انتقال عدد من التلاميذ ممن حصلوا على معدل يتراوح ما بين 9.50 و9.99 من أجل الانتقال إلى السنوات المقبلة· هذا الإجراء، هناك بعض المؤسسات التربوية من قامت بتطبيقه مباشرة بعد استلامها التعليمة، وهناك من رفض تطبيقها، خاصة في الثانويات التي تركت لها الوصاية الحرية في إعادة التلاميذ الراسبين وكذا المطرودين· وبخصوص هذه الامتحانات الاستدراكية، أكد أغلب الأساتذة أنها غير بيداغوجية وغير تربوية تؤدي إلى انخفاض المستوى العلمي للتلميذ أكثر من أن تنفعه وتنقذه، وهناك من الأساتذة من اعتبروه إجراء سياسيا هدفه تبيان للرأي العام مدى اهتمامها بالتلاميذ ومستقبلهم، وعليه يبقى التلميذ وسيلة تجرب به مدى نجاعة قراراتها وإصلاحاتها دون الاهتمام بالمستوى العلمي· ------------------------------------------------------------------------ رأي الأساتذة :ماذا يقول الأساتذة في قرار وزارة التربية ؟ بن جلول عبد الوهاب (أستاذ العلوم الفيزيائية): ''هذا القرار ارتجالي كباقي القرارات الفاشلة للوزارة'' للأسف الشديد، قرار وزارة التربية الوطنية المتعلق بإجراء امتحانات استدراكية للتلاميذ الراسبين، هو كباقي القرارات التي تتخذها في أوقات غير مناسبة، حيث وضع دون دراسة وبصفة ارتجالية فقط نتيجة الضغط، فمن المفترض أن يتم إعلام التلميذ بوجود امتحانات استدراكية في نهاية السنة الدراسية، حتى يتسنى للتلميذ تحضير نفسه في العطلة، فمن الناحية البيداغوجية، التلميذ في هذه الفترة بالذات يكون قد اقتنع بفكرة الإعادة، وهو الآن في القسم الذي يعيد فيه يدرس بصفة عادية، وفي لحظة يتم استدعاؤه لاجتياز امتحان استدراكي لإنقاذه، فكيف للتلميذ أن يستفيد من الخطأ ومراجعة أخطائه السابقة، وتحسين قدراته العلمية، فالتلميذ في هذا الوقت يرى الوزارة كوسيلة لإنقاذه، ولا يهم مستوى التلميذ في حد ذاته، فمن الناحية التربوية هذا الامتحان الاستدراكي غير مجدٍ، إضافة إلى أنه يطعن في التقرير والتقييم الذي يعده مجلس القسم في نهاية السنة، وبالتالي فهو يضر بالمنظومة التربوية ككل وليس التلميذ فقط، ولهذا فقرار الوزير بن بوزيد غير منطقي وارتجالي هدفه ترقيع الفشل الموجود في القطاع لا غير· عز الدين بن موسى (أستاذ رياضيات): ''الوزارة متناقضة مع القانون وهي تضر بالتلميذ أكثر مما تنفعه بقراراتها'' في الحقيقة، من غير المعقول أن نأتي بعد صدور تقرير مجلس القسم خلال نهاية السنة، مع بداية موسم جديد ونصدر قرارا بإجراء امتحان استدراكي للتلاميذ الراسبين، ويتم نقلهم إلى السنة الأعلى، هذا غير منطقي وغير عملي وبضر بالتلميذ أكثر مما ينفعه بحجة إنقاذه من الإعادة، وحتى ولو كان الاستدراك لا بد على الوزارة أن تعلن عنه مع نهاية السنة من أجل أن يحضر التلاميذ أنفسهم· وعلى الرغم من ذلك، فإن وزارة بن بوزيد قد اخترقت القانون بفرضها امتحان آخر على التلاميذ، ويتجاوزها قرار مجلس القسم الذي يقيّم التلميذ خلال نهاية السنة وأساتذته هم الأدرى بمستوى التلميذ وليس الوزارة، وبالتالي لا داعي لقرارات مجلس الأقسام كل نهاية السنة، إضافة إلى ذلك لا يعقل أن يراجع التلميذ دروسه بعد مرور أكثر من 3 أشهر على العطلة، ولا يمكن أن يتم تقييم التلميذ خلال حصة أو ساعة من الامتحان الاستدراكي، ولا نعلم كيف يكون الاستدراك والتقييم؟ فالوزارة قرارها ارتجالي فقط، تحاول من خلاله تبيين للرأي العام أنها تبحث عن مصلحة التلميذ، على الرغم من أن الجميع يعلمون أن مصلحة التلميذ الراسب هو إعادة السنة أحسن· خلادي (أستاذة فيزياء): ''هي فرصة ثانية للتلميذ لاستدراك فشله لكن بشروط'' قرار وزارة التربية الوطنية منطقي وفي مصلحة التلميذ، لكن إذا كان مدروسا بطريقة جيدة، لكن كما هو عليه الآن فهو غير مجدٍ، هو قرار يعطي الفرصة للتلميذ باستدراك فشله خلال السنة الدراسية الماضية، الذي كان إما لظروف اجتماعية أو أسباب عائلية، المهم أن رسوبهم فيه ظلم كبير، وبهذا القرار يمكن إنقاذهم، إلا أن التلاميذ الذين لديهم معدلات دنيا لا يمكن لهم الاستدراك، فالتلميذ الذي لديه معدل 9 من 10 لا يختلف كثيرا من حيث المستوى عن التلميذ الذي لديه معدل 10 وناجح، فلماذا هذا الاختلاف· للإشارة، وعلى الرغم من أهمية الاستدراك على مستوى التلميذ لكنه في الغالب لا ينجح ولا يعبّر عن تقييم حقيقي للتلميذ، حيث أن أغلبية التلاميذ الذين يجتازون الاستدراك لا ينجحون، وبالتالي يعيدون السنة· أعراب (أستاذ اللغة العربية): ''الاستدراك نوع من أنواع الغش المقنن هدفه هدم مستوى التلميذ وليس إنقاذه'' في الحقيقة، قرار الاستدراك لإنقاذ التلاميذ هو نوع من أنواع ''البريكولاج'' الذي تمارسه الوزارة في المنظومة التربوية، لأن التلميذ في الحقيقة يقيّمه طاقم مجلس الأساتذة بالمعدل الذي يكون خلال نهاية السنة، وهذا الطاقم هو الذي يقدر التلاميذ النجباء والذين لم يسعفهم الحظ في النجاح من التلاميذ ذوي المستوى الضعيف، لكن أن تأتي الوزارة وتنزل علينا بمناشير تلزمنا بإجراء امتحانات استدراكية للتلميذ الراسب لإنقاذه، فهذا غير منطقي، ولا يوجد ما ننقذ فيه، بل يجب أن يعيد، والسبب وراء هذا المنشور الوزاري هو تكييف المؤسسة التربوية مع مسألة الاكتظاظ التي تعرفها، وهذا غير تربوي، وإعادة تقييم التلميذ وإعطائه فرصة أخرى ليست بالعملية البيداغوجية بل هي تعليمات سياسية محضة ليست في صالح التلميذ ولا في صالح المدرسة، بل تؤثر سلبا على مستوى التحصيل العلمي، وتعتبر هذه ممارسات ترقيعية للمستوى الحقيقي للتعليم في الجزائر، وتعليمات الوزارة شفقة على التلميذ لما وصل إليه من مستوى متدني، وبالتالي فإن الامتحانات الاستدراكية ليست في صالح التلميذ، والمدرسة على حد سواء بل يعتبر أداة هدم لمستوى التحصيل العلمي له، ويكرّس الإخفاق المتواصل للتلاميذ، ولهذا فالتلاميذ ليسوا بحاجة إلى قرارات استثنائية وبطولية من الوزير بن بوزيد لإنقاذهم، والتي تعتبر محاولة من محاولات الغش المقنن· ------------------------------------------------------------------------ 3أسئلة إلى: أحمد خالد (رئيس اتحاد جمعيات أولياء التلاميذ) : الاستدراك فرصة للتلميذ لربح سنة دراسية هل تعتبر قرار وزارة التربية الوطنية بإجراء امتحانات استدراكية للتلاميذ الراسبين في صالح التلميذ ويخدم المنظومة التربوية؟ المنشور الوزاري الذي أقرته وزارة التربية الوطنية حدد الطورين الابتدائي والمتوسط من أجل برمجة امتحانات استدراكية للتلاميذ الراسبين، الذين لم يسعفهن الحظ في النجاح في الامتحانات الرسمية خلال السنة الدراسية، بينما ترك الحرية لمدراء الثانويات في كيفية إعادة التلاميذ الراسبين والمطرودين، وهذا المنشور هو في صالح التلميذ بالدرجة الأولى، ولكن هناك بعض النقائص التي تعيبه· ما هي النقائص التي توجد في هذا القرار؟ قرار الاستدراك مهم جدا بالنسبة للتلاميذ، كما قلت سابقا، لكن هذا كان سيحقق نتائج إيجابية لو تم دراسته جيدا قبل الإعلان عنه مع نهاية السنة الدراسية، وليس مع بداية عام جديد يكون التلاميذ الراسبين قد هضموا فكرة الإعادة وتكيفوا مع القسم الذي يعيدون فيه، ولهذا من المفترض على الوزارة عند اتخاذها مثل هذا القرار أن تعلن عنه قبل نهاية السنة، حتى يتسنى للتلاميذ الراسبين وأوليائهم التحضير جيدا من أجل اجتياز الامتحان الاستدراكي، وتعويض النقائص، إضافة إلى أن هذا القرار لا يحدد طريقة إجرائه ولا يحدد الدروس التي يجتازها التلميذ، بل يترك الحرية للأساتذة والإدارة، وبالتالي هذا الأمر لا يؤدي إلى نتائج إيجابية· هل يؤثر ذلك على التحصيل العلمي للتلميذ، وماهي إيجابيات هذا القرار؟ أحيانا، يمكن أن يكون تأثير الاستدراك سلبي على المستوى العلمي للتلاميذ، لكن إذا لاحظنا أن أغلب التلاميذ الذين يجتازون الاستدراك لديهم معدلات قريبة من المعدل العام ,10 أي 9 أو ,9.50 وهم في الحقيقة لا يختلف مستواهم عن مستوى من عندهم معدل ,10 وبالتالي فظلم كبير أن لا نعطي لهم فرصة ثانية من أجل الانتقال، وربح سنة من الدراسة أحسن من الإعادة، خاصة وأن أغلب التلاميذ الذين يعيدون السنة في المتوسط أو الابتدائي يكون لديهم مشكل في السنة الرابعة متوسط، حيث إذا لم يتحصلوا على شهادة التعليم المتوسط يكونون عرضة للطرد بسبب بلوغهم السن القانونية والإجبارية للتمدرس أي 16 سنة، وبالتالي العمل بإجراءات الإنقاذ والامتحانات الاستدراكية من شأنه إنقاذ عدد كبير من التلاميذ الراسبين، لا سيما في السنة الأولى والثانية ثانوي، بسبب اتساع عدد التلاميذ الراسبين بمعدلات قريبة من ,10 وعليه لابد كذلك من إعطاء الفرصة لعدد من التلاميذ المطرودين من المؤسسات التربوية ممن تحصلوا على المعدل نفسه، لكنهم وجهوا إلى مراكز التكوين المهني بسبب سنهم الذي يفوق سن 16 سنة، فمن غير المعقول أن يطرد تلميذ من المؤسسة التربوية وهو متحصل على معدل قريب من ,10 بسبب سنه، فيما يسمح لآخر بإجراء الدورة الاستدراكية وإعطائه فرصة ثانية·