عالجت أمس محكمة جنايات العاصمة واحدا من أخطر ملفات القتل العمدي مع سبق الإصرار والترصّد لما يحمله من حقائق مريعة حول واقعة اغتيال رضيع لم يبلغ من العمر سنتين بعد على يد زوج أمّه "ش·ف"، لا لشيء سوى لأنه لم يتحمّل صراخه وبكاءه من شدّة الجوع، ما جعله يدان من طرف العدالة ب 10 سنوات سجنا نافذا· تفاصيل الجريمة التي احتضنتها محطّة النقل البرّية بالخروبة بتاريخ 17 أوت 2010 في حدود الساعة العاشرة ليلا تحرّكت بعدما تلقّت قاعة العمليات نداء مفاده تعرّض رضيع لسقوط عنيف، وهنا تنقّلت مصالح الأمن التابعة لمقاطعة حسين داي إلى عين المكان مرفوقة بعناصر الحماية المدنية حيث تمّ العثّور على جثّة الرضيع "ح· ريان" فتمّ نقله إلى المستشفى· وبعد تشريح الجثّة تبيّن أن الرّضيع تعرّض لدفع قوي أدّى إلى نزيف داخلي كان السبب المباشر في الوفاة· وبعد استجواب عدد من الأشخاص الذي كانوا متواجدين في مسرح الجريمة، من بينهم والدة الرّضيع وزوجها، اتّضح أن هذا الأخير قام بإلقائه على الأرض بعد خلاف بينه وبين زوجته ب "الفاتحة"· المتّهم صرّح أثناء استجوابه بأنه في ذلك اليوم كان على مستوى محطّة الخروبة برفقة زوجته ورضيعها من زوجها السابق بعدما تمّ طردهم من منزلهم العائلي، وهناك شرع الرّضيع في البكاء من شدّة الجوع فطلبت منه زوجته التوجّه لشراء علبة حليب، غير أنه رفض فدخلا في مناوشات كلامية انتهت بتنقّل الأمّ إلى محلّ بالمحطّة تاركة رضيعها برفقة زوجها، غير أن هذا الأخير لم يتحمّل صراخه فألقى به بقوّة على الأرض ففقد على إثرها وعيه قبل أن يلفظ أنفاسه نتيجة تعرّضه لنزيف داخلي· وبمجرّد عودة الأمّ شاهدت الطفل ملقى على الأرض فبدأت بالصراخ فالتفّ حولهم عدد من المواطنين الذين سارعوا لطلب النّجدة· وهي التصريحات التي تراجع عنها أمس المتّهم أمام محكمة الجنايات، مصرّحا بأنه لم تكن لديه نيّة قتل الرّضيع، وأن ما حدث هو أنه فقد توازنه فسقط الطفل دون قصد، وأن والدة الرّضيع رسمت الشكوى ضده بعد أن رفض الإعلان عن زواجهما مدنيا، غير أن الشهود الذين كانوا متواجدين في مسرح الجريمة أكّدوا أن المتّهم كان في حالة غضب ويتلفّظ بكلام بذيء· من جهته، دفاع المتّهم حمّل المسؤولية الكاملة للدولة باعتبارها الجهة المعنية بالتكفّل بهذه الشريحة من المجتمع، كما أشار إلى ضرورة استبعاد شهادة الشهود باعتبارهم من ذوي السوابق العدلية ويرتكبون جميع المحرّمات، في حين جرّمت النيابة العامّة الوقائع واعتبرتها خطيرة أدّت على إزهاق روح رضيع لم يبلغ الحلم بعد، ملتمسا إفادة المتّهم بعقوبة الإعدام قبل أن تدينه المحكمة بالحكم السالف ذكره بعد المداولات القانونية·