تتمسّك بموقفها من القضية الفلسطينية الجزائر ترفض ركوب موجة التطبيع مع بني صهيون تأكيد رئيس الجمهورية أثناء الندوة الصحفية الأخيرة وبكل ذلك الوضوح الواضح على موقف الجزائر من القضية الفلسطينية موقف سيٌحسب له ويُضافُ بقوة إلى رصيده السياسي ليس فقط لأن التعبير عن مثل ذلك الموقف يُعَدُّ شجاعة سياسية متوقعة ومنتظرة ممن يرأس الجمهورية الجزائرية بل ولأنَّ التعبير عن الموقف الداعم لفلسطين في خضم السوق الترويجية المفتوحة للتطبيع مع الكيان الصهيوني على المستوى العربي سيكون أفضل رسالة لمن لم يفهموا بعد أن الموقف من القضايا العادلة لكل دولة تحترم شخصيتها وتاريخها لا يمكن أن يكون موضع مساومات وصفقات كما يفعل أؤلئك الذين جاؤوا إلى عالم السياسة في لحظة من لحظات الخطأ في التاريخ. الموقف الأخير لرئيس الجمهورية هو أيضا رسالة إلى بعض الأوساط الشاذة في الجزائر والتي حاولت على مدار سنوات أن تفتح ثغرة في جدار الرفض الجزائري لما يُسمى بالتطبيع مع الكيان الصهيوني تحت ذرائع مختلفة ( الواقعية السياسية المصلحة الوطنية منطق العصر ) وباستخدام وسائل مختلفة ( السينما الصحافة الأدب الحركة الجمعوية ) ومضمون هذه الرسالة أنكم أيها الشاذون- فكريا وسياسيا وتاريخيا- لاتمثلون بسعيكم للتطبيع إلا أنفسكم وبؤسكم الإيديولوجي وانتماءاتكم المشبوهة... الجزائر لا يمكنها أبدا أن تركب في قطار التطبيع ولا تستطيع - ولو أرادت - أن تدخل إلى ماخور المُطبعين ولا يرتبط هذا الموقف بالجانب السياسي فقط بل إنه يمتد عميقا ليضرب بجذوره في أعمق أعماق الشخصية الجزائرية هذه الشخصية التي لا يمكن أن يعبِّر عن مواقفها أُؤلئك الشواذ الذين يريدون بلهفة وبكل وسيلة ممكنة أن يُقنعوا الجزائريين أن التطبيع مع هذا الكيان غير الطبيعي أمر عادي بل وضروري! متناسين ومتجاهلين الحقيقة التالية: لقد طبَّع البعض مع الكيان الصهيوني وآخرون يسعون إلى التطبيع ولكن أنظروا إلى كل من طبَّعوا أو الذين يسعون إلى التطبيع أنظروا إليهم وكيف أصبحوا بلا قيمة وبلا هدف ولا احترام..التطبيع ليس متناقضا مع الأسس البنائية للشخصية الجزائرية وقيم ومبادئ ثورة أول نوفمبر فقط بل هو تهديم جذري لذلك كله وبعبارة أخرى فإن الجزائر لو تُطبِّع - لا قدر الله- فلن تكون هي الجزائر ثمَّ إن اسرائيل كيان آيل للزوال والذين يتهافتون على التطبيع معها يراهنون في الواقع على الأوهام إذ لن يحققوا شيئا من وراء هذا التطبيع والشواهد على ذلك عديدة ودامغة وسنستعرض بعضا منها في مقالة قادمة بإذن الله. وأخيرا فإنَّه عند التعمق في التحليل سنجد أنَّه ليست فلسطين هي التي تحتاج إلى العرب بل العرب هم الذين يحتاجون إلى فلسطين فالعرب بعيدا عن القضية الفلسطينية يصغر شأنهم في نظر الأمم الأخرى ويصبحون أشتاتا وأوزاعا دون أهمية ولا وزن أقول ذلك : وأنا أعرف كما يعرف غيري أن فلسطين ليست قضية عربية فقط بل قضية كل المسلمين وكل الأحرار في العالم فلسطين باختصار وإن كان من المُتعذر اختصار فلسطين هي بوابة العرب وطريقهم إلى العودة إلى مكانتهم بين الشعوب والأمم واستئناف دورهم على مسرح التاريخ.