وعي الشعوب العربية يظل غير كاف كورونا.. والمناعة الإجتماعية! مساهمة: يونس بخام في حين يستهدف فيروس كورونا كوفيد 19 مناعة الإنسان الجسمية مسببا له أعراض معينة قد تسبب له خطر الموت المحدق إن لم يتم الإسراع بالتكفل به وتقديم المساعدة لجسمه حتى يتغلب على الفيروس فإن هذا الأخير يحتاج منا بالإضافة إلى مناعة جسمية مناعةً إجتماعيةً هي ولحد الساعة اللقاح الوحيد الذي توصل إليه العالم بدوله المتطورة ذات المنظومات الصحية المتطورة الذي أثبتت وهنها وتذبذبها أمام عدو بيولوجي جديد أتى من غير سابق إرهاص أو إنذار. مما لا مراء فيه أنّ وعي الشعوب العربية بما تقدمه الجهات الوصية من نصائح وإجراءات وقائية يظل غير كاف لمجابهة وباء سريع الاستشراء نظرا لعدة أسباب وتراكمات اجتماعية ونفسية ترتكز أساسا على ما يعرف لدى علماء النفس والاجتماع بالوعي الجمعي أو الضمير الجمعي وهو مصطلح ينسب لعالم الاجتماع الفرنسي إيميل دوركايم والذي يشير إلى مدى وقدرة اشتراك أفراد المجتمع الواحد في المواقف والأخلاق والتصورات إزاء أي موضوع أو مسألة إجتماعية أو أخلاقية والتعامل معها وفق ذلك التصور المشترك. لقد جاء الوباء ليعري عن المجتمعات والشعوب العربية المستوى المتدني للضمير الجمعي لديها وقابليته في مواجهة خطر كبير محدق يهدد الحياة الانسانية والتي من المفروض وأقصد الحياة الإنسانية أن تعد من بين أكبر وأهم الدوافع لتشكل وعي جمعي قوي في فترة زمنية قصيرة كنوع من الاستجابة النفسية والفورية اتجاه هذا الخطر كما هو الحال بالنسبة لجسم الإنسان حين تعرضه لكائن دخيل عليه وهو النوع الشائع من المناعة لدى عامة الناس الأمر الذي يقودنا إلى حقيقة مفادها أن المجتمعات والحكومات العربية قد غلبت أولوية الصحة العضوية على الصحة النفسية والاجتماعية من غير أن تولي لهاته الأخيرة الأهمية الكبيرة بما هي جدار دفاعي أو نوع من المناعة الحقيقية المكملة للنوع الشائع والمعروف. من نافلة القول أن جائحة الكورونا ستعيد للعلوم الإنسانية وخاصة علم النفس والاجتماع مكانتها الحقيقية لدى المجتمعات والحكومات العربية إن هي تفطنت لأهميتها التي تضاهي الطب العضوي وتقترن به اقترانا وثيقا كما يجب على الفرد العربي أن يتمتع بحد أدنى من الوعي المجتمعي من خلال إيمانه بالمسائل والمواقف المشتركة بينه وبين مكونات مجتمعه المختلفة وتطليقه للأنا المفرطة وعقلية هات تخطي راسي ! إنّ التحدي القادم بعد جائحة كورونا لن يكون تحديا اقتصاديا ولا سياسيا فقط بل سيكون تحديَّ وعيّ جمعيّ ومجتمعات ذات نسيج مجتمعي ضام قوي ومتماسك يربط بين كل المكونات دون نزعات أو نعرات نابذة ومفرقة حتى تستجيب فوريا وبقوة أمام تداعيات من قبيل كورونا أو غيرها المعروفِ ارتباطها ولا شك بمستقبل مجهول يحمل مفاجآت عدة أثبتَ التراكم التاريخي لتجارب المجتمعات السابقة أن وعيها الجمعي كان المفتاح الحقيقي لتجاوزها والمضي قدما.