نظّم العشرات من الجنود الاحتياطيين من أفراد كتائب التعبئة لمكافحة الإرهاب التابعة للجيش الوطني الشعبي صبيحة أمس، وقفة احتجاجية أمام مقرّ البريد المركزي بالعاصمة احتجاجا على ما أسموه بالتماطل في تلبية مطالبهم وانشغالاتهم وتجاهل حقوقهم المشروعة بعد كلّ ما قدّموه من تضحيات جسيمة، في وقت كانت فيه الجزائر في أمس الحاجة إليهم فلبّوا نداءها وأدّوا واجبهم على أكمل وجه، ليجدوا أنفسهم بعد أن استعادت البلاد عافيتها واستقرارها مهمّشين ومقصيين ما كافّة المنح والتعويضات والإمتيازات· عشرات الجنود الاحتياطيين الذين كانوا قد أدّوا واجبهم اتجاه الخدمة الوطنية ثمّ أعيد استدعاؤهم من جديد خلال الفترة ما بين 1995 إلى غاية سنة 1999 نظرا للأوضاع الصّعبة التي كانت تمرّ بها البلاد حينها، قالوا إنهم لا يريدون شيئا غير ردّ الاعتبار إليهم، والإلتفات إلى مطالبهم المشروعة وإنصافهم، خاصّة في ظلّ الصعوبات الاجتماعية الكبيرة التي يعانون منها، وعلى رأسها البطالة والمعاناة النّفسية والصحّية وافتقاد مصادر دخل قارّة تضمن لهم ولعائلاتهم العيش الكريم· وردّد أفراد التعبئة الذين حملوا شعارات متنوّعة على غرار (نحن أبطال مهمّشون)، (نحن مع الرئيس والجزائر يد واحدة) وغيرها من الشعارات المندّدة بالإجحاف وسياسة التجاهل الممارسة عليهم، إضافة إلى أناشيد وطنية وثورية، منادين بحياة الجزائر وحياة رئيسها الذي يرون فيه المنقذ الوحيد لهم من الوضعية التي يتخبّطون فيها بصفته القاضي الأوّل للبلاد· وتجمّع العشرات من الجنود الاحتياطيين أمام مقرّ البريد المركزي بالعاصمة قادمين من حوالي 29 ولاية، كوهران، قسنطينة، فالمة، سوق أهراس، سطيف وغيرها، مؤكّدين هذه المرّة أن اعتصامهم سيكون مفتوحا، وأنهم لن يغادروا أماكنهم إلاّ بعد الاستجابة إلى كافّة طلباتهم من طرف الجهات المعنية بعد أن ملّوا وسئموا وعود التكفّل بهم التي سمعوها طويلا دون أن يتجسّد أيّ منها على أرض الواقع· وفي سياق المطالب التي ترفعها هذه الفئة قال السيّد محوش إبراهيم في تصريح ل (أخبار اليوم) ممثّل ولاية ميلة إنهم تعبوا كثيرا من هذا التهميش ولا يريدون غير الإنصاف، ونفس الأمر عبر عنه ممثّل أفراد التعبئة عن ولاية سطيف السيّد حوري توفيق الذي قال إنهم كانوا قد قدّموا مطالبهم منذ نحو شهر كامل إلى من الجهات المعنية كوزارة الدفاع ورئاسة الحكومة وقائدي بعض النّواحي العسكرية وغيرها من الجهات الوصية ولم يتلقّوا أيّ ردّ، مطالبا بإدراجهم ضمن قانون الوئام المدني· أمّا الممثّل الولائي لعين الدفلى فقال إنه من غير المعقول أن تستفيد فئات أخرى فيما لا يتلقّى من دافع عن الوطن بحياته أيّ مقابل طيلة أكثر من 15 سنة أهملوا فيها كلّية، لا سيّما وأن كثيرا منهم لا يمارس أيّ عمل، في حين أن بعضهم تمّ فصلهم من عملهم بسبب تلبيته لنداء الاستدعاء، في حين أن حوالي 50 بالمائة منهم يعانون من أزمات نفسية وعصبية و20 بالمائة منهم لم يتمكّنوا من إتمام نصف دينهم، دون نسيان المعطوبين والذين أصيبوا بأمراض مزمنة، وحتى عائلات من توفي منهم وجميعهم يقتسمون المشاكل والمعاناة نفسها، حيث لا منحة ولا مدخول ولا تكفّل صحّي، عدا منحة 2000 دج التي لا تكاد تلبّي أبسط متطلّبات العيش· أفراد التعبئة الذين قال نفس المتحدّث إن عددهم يصل إلى أكثر من 35 ألف شخص في الوسط فقط، تتراوح أعمارهم بين 39 و45 سنة، أكّدوا أنهم لن يتنازلوا عن حقوقهم هذه المرّة إلى غاية الاستجابة لكلّ مطالبهم وتلبيتها· وفي بيان الاعتصام الذي تلقّت (أخبار اليوم) نسخة عنه، فقد حدّدت هذه الفئة مطالبها في 8 نقاط رئيسية هي الاعتراف والتقدير من أكبر سلطة في البلاد لما قدّموه للوطن، والاستفادة الكاملة من قانون المصالحة الوطنية والوئام المدني، والمطالبة بمنحة شهرية انطلاقا من المدّة المحدّدة في قانون العمل، والاستفادة من بعض المزايا في الجانب الاجتماعي كالعلاج المجّاني والأولوية في السكن، وكذا توفير مناصب عمل للذين تركوا مناصب عملهم لتلبية نداء الواجب الوطني، وفقا للوعود التي تلقّوها سنة 1995 من قائد القوّات البرّية آنذاك وإعطائهم الأولوية بالعمل في مجال الوقاية والأمن بمؤسسات الدولة وهياكل وزارة الدفاع الوطني كمستخدمين مدنيين، وتسوية وضعيتهم اتجاه الضمان الاجتماعي عن 3 سنوات خدمة وطنية و12 سنة ضمان على التقاعد منذ جوان 1995· ويلمّح الجنود الاحتياطون المحتجّون إلى أنهم سيواصلون اعتصامهم إلى غاية الالتفات إلى مطالبهم التي اعتبروها أرضية اجتماعية للحوار والإثراء من طرف الجهات الوصية·