بقلم: أمجد عرار* زلزال بيروت حطّم المرفأ وأجزاء حيوية من المدينة التي طالما عشقها العرب وتغنى بها الشعراء والمطربون لكنّه لم يحطّم النظام السياسي الذي بقي صامداً من مخلّفات العهد الاستعماري. إذا كان من شيء ينبغي أن يتحطّم فهو هذا النظام السياسي الطائفي الذي أثقل كاهل اللبنانيين وأنهكهم وحرمهم حتى من الحلم بحياة أفضل فيها الحد الأدنى من العمل ومقومات العيش. لن نتحدث عمّا حدث من زاوية كونه مفتعلاً أم لا فهذا له اختصاصيوه ومحققوه لكن المؤكد أن ثمّة إهمالاً ويجب أن تحاسب عليه الحكومات المتعاقبة منذ وصول شحنة الموت إلى المرفأ قبل ست سنوات. النظام السياسي الذي كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أحد المطالبين بتغييره نتاج دستور وضعته فرنسا وتقادم وأصبح كادوك بلغة الفرنسيين. ولكي يتغيّر النظام السياسي ينبغي صياغة دستور جديد قائم على المواطنة لا على المحاصصة الطائفية. إنهاء الطائفية السياسية بات بداية المخرج لأزمات لبنان. ومن نافل القول إن إنهاء الطائفية السياسية لا يعني إنهاء الطوائف فهذه مكونات موجودة مجتمعياً لكن وجودها لا ينبغي أن يضعها في مؤسسات الدولة بل يجب أن ينحصر في مؤسساتها الدينية لتمارس فيها عبادتها وطقوسها كما تريد. الدولة هي الخيمة التي تضم الجميع ولكي تكون آمنة وعادلة مع الجميع يجب أن يكون النظام السياسي قائماً على النزاهة والكفاءة ونظافة اليد وهذه الصفات موجود في الإنسان بناء على تعلّمه وخبرته وليس بناء على انتمائه الطائفي. لبنان يفيض بالكفاءات التي ساهمت في بناء دول وهي تتوزع على كل المجالات وقادرة على أن تجعل من لبنان دولة بمستوى سمعته التي تلمع في كل الدنيا. وهو بحاجة إلى منظومة جديدة بعيداً عن الطائفية وهذا يشمل تعزيز ثقافة تبنى على أساس أن الوطن للجميع والطائفة لأبنائها وأن من يتبوأ منصباً عليه أن يترك انتماءه الطائفي في المنزل ومؤسسة الطائفة أما في منصبه فمهمّته خدمة الجميع. بغير هذا نخشى أن تستمر معاناة اللبنانيين إلى أجل غير مسمّى.