مع افتتاح العطلة شهدت مقاهي الانترنات عبر العاصمة وضواحيها تزايد المقبلين عليها لاسيما من الأطفال والقصر بحيث وجدوا فيه المتنفس الذي يهربون فيه من واقعهم المعيش والإبحار في عالم الانترنات، ذلك العالم الوردي الذي يبنون فيه الكثير من الآمال على جميع الأصعدة، فالمهم هو الخروج عن القوقعة التي يعيشون فيها والتي يعودون إليها بمجرد تأشير العداد أسفل الكمبيوتر الذي يلتهم لهم مبالغَ كبيرة اشتكى منها الأولياء كثيرا ومن إدمان أبنائهم على الانترنات بكل ما يتربص بهم على مستواها من مخاطر تؤدي إلى انحلالهم وفساد أخلاقهم. خباجة نسيمة لم تعد مقاهي ومحلات الانترنت تسدل ستارها مع افتتاح موسم الصيف إلا في ساعات متأخرة من الليل بل ويتعدى الأمر إلى الساعات الأولى من الصباح الباكر عبر الأحياء والمقاطعات العاصمية، بحيث تجذبك أضوائها المتلألئة من بعيد ناهيك عن الحيوية التي تملا أرجائها من الداخل. وفي زيارة لنا عبر بعضها تفاجئنا بغزوها الكبير من طرف الصغار والذي فاق عدد روادها من الكبار بحيث وجدناهم عبر بعضها وهم يلتهمون بأعينهم شاشات الكمبيوتر، تقربنا من بعضهم للوقوف على مدى ارتباطهم الكبير بمقاهي الانترنت لاسيما مع العطلة. يقول ياسين، 16 عاما "مع مرور السنوات صرت أدمن على مقاهي الانترنات على رغم من الانتقاد الشديد الذي أواجهه من طرف الأهل خاصة وأنها تلتهم اكبر جزء من وقتي ومصروف جيبي الممنوح لي من طرفهم والذي قد يصل الى 250 دينار يوميا، أضف إلى ذلك تخوفهم الدائم من اصطدامي ببعض المواقع الإباحية التي تفسد الطباع والأخلاق، لكنه قال أن أكثر المواقع تصفحا من طرفه هي مواقع التواصل الاجتماعي من اجل ربط صداقات ومعارف جديدة". أما إسماعيل،17 عاما، فقال إن الانترنات هي بمثابة الأكسجين الذي يتنفسه ويختنق لو ابتعد عنها قليلا، ويمضي قرابة الأربع ساعات في مقهى الانترنت للترويح عن نفسه هناك بربط علاقات عبر "الشات" وتبادل الأفكار والتعبير عن كل ما يجول في خاطره. وما ذهلنا له هو تواجد أطفال بين سن الثامنة والتاسعة بحيث صرحوا لنا أنهم يرتادونها من اجل الألعاب القتالية وعندما سألناهم عن مواقع أخرى ملأ الخجل ملامحهم واحمرّت وجوههم فتأكدنا أنهم لا يمتنعون عن التغلغل في المواقع المشبوهة. صاحب مقهى للانترنات بباب الوادي قال أن زبائنه تتراوح أعمارهم من 9 سنوات إلى 60 عاما والكثيرُ من الجزائريين يدمنون على الانترنات للهروب من الواقع والترويح عن النفس. أما المواقع الأكثر زيارة من قبل الزبائن فهي المواقع الأوربية بدافع الهجرة والحصول على فرص للعمل، أما الصغار فيقع اختيارُهم على مواقع الألعاب الالكترونية كما أنهم يحبون كثيرا مواقع الدردشة وبعضهم يذهب إلى المواقع الإباحية ويفعلون ذلك بشكل سري أي بتقليص حجم الشاشة كي لا يراهم أحدٌ، وهناك من يذهب إلى المواقع الدينية لاسيما الملتحين وقال أن أصحاب المقاهي ليست لهم القدرة على رقابة كل الزبائن وكشف أسرارهم. وحسب ما كشفته دراساتٌ متخصصة حول التنظيم القانوني للأنترنات والجريمة الإلكترونية، فإن الجزائر صارت من بين المراتب العشر الأولى التي تحتل القمة بحثا عن كلمة "جنس" في عدد مرات البحث عن هذه الكلمة في إطار محرك بحث "غوغل"، وهي بالترتيب: ليبيا، سوريا، السودان، مصر، الأردن، عمان، السعودية، الكويت، البحرين، الجزائر. كما أن المواقع الإباحية تتصدر قائمة المواقع المتصفحة، وأن أكثر من 75 بالمائة من رواد مقاهي الأنترنت يكتفون بمشاهدتها أي أنهم يأتون خصيصا لذلك، في حين أن 99 بالمائة منهم شاهدوها ولو عرضا. وأشارت ذات الدراسات أن 72 بالمائة من الأطفال المستجوَبين في إطار هذا الموضوع، يتجولون عبر مختلف مواقع الأنترنت دون رقابة، و86 بالمائة منهم يسمح لهم أولياؤهم بالتوجه إلى مقاهي الأنترنت بمفردهم، بينما يحظى 33 بالمائة منهم بها في البيت، و66 بالمائة منهم يسمح لهم أولياؤهم بالذهاب إلى بيوت أصدقائهم للإبحار في عالم الأنترنت بحجة إنجاز البحوث. وهذه الحرية سهلت على 55 بالمائة من المستجوبين التوجه إلى الدردشة الإلكترونية، في حين ربط 35 بالمائة منهم علاقات عبر الشبكة. وبينما صُدم 46 بالمائة منهم بصور لا أخلاقية، تلقّى 30 بالمائة منهم عروضا للتعارف أو إقامة علاقات مشبوهة، وبموجب هذه المعطيات خلص فريق البحث أن الجزائريين متفتحون على التقنيات الجديدة للإعلام والاتصال، كما أن عدة أسر تتعامل معها بثقة كبيرة يعكسها السماح للأطفال باستخدام الانترنت دون مراقبة.