مراصد إعداد: جمال بوزيان أخبار اليوم ترصد آراءً حول برنامج أمير الشعراء في زمن التطبيع مع الكيان الصهيوني : الأدب ليس مشروعاً لقنص الفرص في أعين المرتقين أخلاقياً بعد ما أعلنت لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية ب أبو ظبي عن بداية التسجيل للمشاركة في برنامج أمير الشعراء للموسم التاسع سألنا شعراء من العالم العربي عن آرائهم بشأن الذين يرغبون في المشاركة والذين يمتنعون لا سيما بعد تطبيع الإمارات العربية المتحدة علاقاتها مع إسرائيل . وهل يستطيع البرنامج خطف الأضواء مثل نسخه السابقة ويحقق بعض أهدافه الثقافية وغيرها؟.. الشاعر الدكتور محمد الطاهر عيساني- الجزائر: مشاركة أو عدم مشاركة شعرائنا في برنامج أمير الشعراء ليست مهمة أصبح التطبيع مع إسرائيل موجة تجرف معها من تجرف ولا تجرف إلا من أبى..ومن يأبى سوى الشعوب الحرة الأبية ومن يقودهم من فطاحل فكر وسياسة لهم من الوفاء لشعوبهم وللقضية الفلسطينية ما يجعلهم نبراس شعوبهم وعوائق حكامهم. ما يمكن ملاحظته أن إعلان تطبيع العلاقات بين الكيان الصهيوني والإمارات العربية المتحدة واكب أحداثا يستوجب التطرق إليها بعجالة. على الساحة العربية مع تفاقم تدخلات الإمارات العربية المتحدة بإيعاز في ليبيا وفي المنطقة المحيطة بالصحراء الكبرى وكذلك إعلان هذه الدولة افتتاح قنصلية للإمارات في مدينة العيون ب(الصحراء الغربية) وإعلان وسائل إعلامنا الوطنية والخليجية معا بتاريخ 22 نوفمبر 2020 ضرورة زيادة التعاون التجاري بين البلَدَيْن ولقد غازَلَ في هذا السياق وزيرنا للمالية رجال المال والأعمال ومنهم الأثرياء الإماراتيين حيث دعاهم إلى الاستثمار بالجزائر (بَدَل المغرب).. وهو الخطاب السياسي السائد الآن في منطق الحكومة والذي يحاول أن يبعث رسائل لدولة الإمارات العربية المتحدةأن المُستثمرين الأجانب سوف يتمتعون ب امتيازات عديدة بعد الإصلاحات الاقتصادية والتجارية التي أقرتها الحكومة الرامية إلى تنويع الصادرات خارج المحروقات ..ولقد دعا وزيرنا للطاقة شهر جوان الماضي الشركات الإماراتية إلى زيادة الاستثمار في الجزائر وبالخصوص في مشاريع البتروكيماويات والطاقات المتجددة إضافة للعقارات والسياحة والزراعة ومراكز التّسَوّق الكبرى ووعدت الإمارات (المُتأزمة بدورها) مضاعفة الاستثمارات في الجزائر من عشرة مليارات دولار إلى عشرين مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة خاصة في البنية التحتية والتجارة والسياحة والعقارات وغيرها من القطاعات . يكفي القول إن الزيارة الأولى لوزير الحرب الأمريكي للمغرب العربي تعد حلقة من الحلقات التي تكرس لتطبيق برنامج الشرق الأوسط الكبير وتحويل المغرب العربي حليفا مهما بل استراتيجيا لأمريكا ومعها الكيان الصهيوني بطريقة أو بأخرى. إن الترويج الثقافي للإمارات العربية المتحدة من خلال عدة تظاهرات دولية كالحصن والمهرجان الوطني للتسامح والأخوة الإنسانية ثم مهرجان طيران الإمارات للآداب أكبر حفل توقيع للكتب.. والملفت لكل ذلك هو تدشين الإمارات العربية لمشروع ثقافي متنوع يهدف أساسا إلى أن تصير مركزا للثقافة وحاضنة للإبداع. وما برنامج أمير الشعراء للموسم التاسع سوى وجها للمشروع الثقافي الذي سيبقى رافدا أساسيا ومهما بل وركيزة للمشروع السياسي والاقتصادي لهذه الدولة. في الختام أقول إن مشاركة أو عدم مشاركة شعرائنا في هذا المشروع ليس مهما لأنه لا يغير من التوجه العام لسياسات هذا النظام المنغمس في التطبيع مع الكيان الصهيوني بمنطق مفروض من الولاياتالمتحدةالأمريكية. إن المثقف الجزائري يعيش انفصاما في مواكبة موجة التطبيع فمن جهة ومن باب الوعي بالتحديات الاقتصادية للوطن نراه يسكت عن التقارب الاقتصادي مع دولة الإمارات العربية المتحدة لكنه في المقابل يحاول أن يقاطع بالطريقة المحتشمة التي تجعل من صوته باهتا ومن صراخه مبحوحا لا يتجاوز حدودشبكات التواصل الاجتماعي. الشاعر محمد برحايل- الجزائر: أتنزه وأترفع عن المشاركة في برنامج أمير الشعراء للأسفالشّديد في الوقت الّذي كنّا نأمل فيه من الدّول العربيّة _غير المطبِّعة سابقا_ أن تتكتّل فيما بينها وتشكّل جدارا منيعا _قدر الإمكان_ نصرة لحقّ الفلسطينيّين في تكوين دولتهم على أرضهم عاصمتها القدس الشّريف..ها نحن نرى بعضها يهرول بل يركض في سباق محموم لتمتين العلاقات في شتّى المجالات مع الكيان الصّهيوني الدّخيل والغاصب! ناسية بهذا أنّها تؤسّس لانبطاح ولاحتلال شامل _لا قدّر اللّه_. أمّا ما يُروَّج له من مهرجان ثقافي ويُدعى المثقّفون إلى المشاركة فيه فلا أعتقد أنّه سيُحظى بالقَبول كسابقيه! فمَن هو هذا(المثقّف العربي الأصيل) الّذي يرضى بالمشاركة فيه وفي دويْلة أصبحت تشارك الاحتلال أفراحه وغدا سيتحتّم عليها مشاركته أتراحه! عنّي شخصيًا _ولست مثقّفا_ أتنزّهوأترفّع عن المشاركة فيه..فما بالك بالمثقّفين الحقيقيّين الأصلاء والجهابذة. الشاعر عمر طش – الجزائر: أقل ما نقدمه للشعب الفلسطيني هو مقاطعة الكيان الغاصب في كل المجالات إن الخيبة التي أصابتنا من جراء التطبيع المهين لبعض الدول العربية مع الكيان الصهيوني جعلتنا نستشعر أن الحق قد اقترب تماما كالليل فحينما يقترب انبلاج الصبح تزداد الظلمة وتشتد حتى تستطع شمس الحرية إن شاء الله على الشعب الفلسطيني الأعزل.. فكيف أضع يدي في يد شوهت بدماء إخواننا بلا رحمة؟. وأقول تطبيع مذل لأنه لم يكن واضح المعالم مستردا للحقوق أو حافظا لما تبقى من ماء الوجه هذا إن سلمنا أنه لابد من التطبيع كالنّدّ للنّد بينما و التطبيع هكذا فهو بين قوى غير متساوية ولا يعد سلما إنما هو خنوع. قدمت بذلك الكلام لندرك الفرق بين النفوس الشامخة والتي لا تأبى إلا الحق مهما حاولتها يد المغريات وبين النفوس الطامعة في(شعير الأمراء) للأسف واعتذر لمن لا يستحق من الشعراء والقراء. حينما كان الشاعر الحق هو ذلك الفرد الذي يمثل لسان حال أمته منذ قديم العصور والشاعر هو مرآة مجتمعه ووسيلة إعلامه فما باع الأولون إلا من نحسبهم ممن انسلخوا عن جلدتهم والتاريخ يشهد بذلك. وهذه النفسيات الهابطة في المعاني ليست في المجال الأدبي والثقافي فحسب بل هي في جميع المجالات فلطالما أغراها بطنها فكان همها الجري خلف ما يلقيه الأمير والإنسان الحق هو ذلك الشخص الذي يعيش لقضية أو مهمة أو رسالة يؤديها لا ذلك الذي همه بطنه و فرجه ويعلم الجميع من همه البطن والفرج إلا الحيوان أكرمكم الله بينما كرم الله بني آدم وما تكريمهم إلا بالعقل وما العقل إلا ليدرك ما يدور حوله ليجعله نبراسا للحق والفطرة التي فطر الله الناس عليها. كل الشعوب تحمل همَّ فلسطين خاصة العربية والإسلامية منها ولا اعتقد أن أي فرد من مجتمعاتنا وهو سوي الفطرة يفرط في الحق مقابل مال أو شهرة إلا مرضى النفوس و ما الشاعر إلا من هذا المجتمع وذلك ما عبر عنه كثير من الشعراء الأفاضل التي تعلو بهم الهمم عن سفاسف الأمور وزائلها. لذا لا أتوقع نجاحا لبرنامجهم هذا كسابقيه من المواسم وحسبه أن خيرة الشعراء أعلنوا مقاطعته هذا الموسم نحييهم ونشد على أيديهم ونسأل الله أن يرد أمراء الإمارات العربية المتحدة إلى الحق. إن أقل ما يمكن أن نقدمه للشعب الفلسطيني الأعزل هو مقاطعة هذا الكيان في جميع المجالات ووالله سنسأل عن ذلك وسنسأل عن كل روح طفل أزهقت أو عجوز قتلت أو شيخ لطمه هذا الكيان الغاصب أو شريف هو في سجون المحتل منذ سنوات.. إنه سلام الجبناء.. وتحية للشرفاء في كل الأرض. الشاعرة خديجة بن عادل – الجزائر: الشاعر الفطن لا تنطلي عليه حيّل مبيتة لاشك أنَّ تباين الآراء واختلاف ردود أفعال الأدباء الشعراء العرب في العالم حول مسابقة ((أمير الشعراء)) المنظمة تحت وصاية إمارة ((أبو ظبي)) أمر طبيعي بالترحيب الكامل أو الرفض التام والمقاطعة لأنه صراع فكري وثقافي في مجابهة الأصحِّ الأرشد والزبد الذي سرعان ما يرحل. في بداية مواسمها الأولى كان لجائزة المسابقة نكهة عند الشاعر العربي حيث تكون له فرصة لإبراز قدراته الإبداعية والارتقاء.. كما أنها اقتناصة ذهبية حيث يذيع صيت الشاعر عربياً وعالمياً وبهذا يكون حقق شهرة واستحقاقا يتطلب جهدا سنوات طويلة والملاحظ بعد تصريح ((إيلي كوهين)) باستراتيجية انضمام الدول العربية والأفريقية اقتصادياً وفكرياً وسياسياً لاتفاقية التطبيع مع مملكة البحرينوالإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وغيرها من الدول مثل تشاد والسودان.. تفرقت الطبقة الفكرية المثقفة بين رافض ومؤيد لسياسة إدارة الهيئة الداعمة للمسابقة. وهذا الاختراق خلق احتداما وجدالا داخل ذات الشاعر بين مشاعره وأفكاره من ضعفت نفسه ولَّى ظهره للركوب وأصبح بين فكي الذئب فريسة سهلة للسحق لأنه خيّر بين بيع القيم ويقين فكره ودينه أمام عوزه وبلادة لامبالاته. الساحة الأدبية امتلأت بالرويبضة وبائعي الضمير مقابل ملء الجيب وألقاب لا تسمن ولا تغني من جوع.. مع الأسف اليقظة في وطننا العربي أصبحت عاجزة مشلولة في ظل غزو تكنولوجي وابتكاري.. هيمنت عليه إسرائيل بالقوى الأمنية التي ترصد أي حركة رافضة وغير داعمة لسياستها عربياً وعالمياً.. فهي تسعى لضمان استقرارها وأمنها باسم السلام القوي الذي تدعمه بالتعايش والإنسانية المزعومة الزائفة بتعزيز تحالفها بطبع العديد من الدول وضمِّها للقائمة حيث أصبح العميل الخائن فخرًا في عرف قومه يتباهى بالولاء لمجلس يفض بكارة العروبة لتصبح نسياً منسيا تلاشت أحلامها مع ريح الحضيض. أما فيما يخص السؤال: هل يستطيع البرنامج خطف الأضواء؟ أقولها والحسرة تلوكني نعم لأن غالبية البشرية تركض نحو التغيير ومنها الطبقة المثقفة المخدرة! التهافت على الربح السريع على حساب الجودة لم يأتِ من عدم.. ففي النفس جنّة ونار أبيض وأسود ارتقاء للسماء أم تشبث بالتراب.. هذا الواقع الذي يفرض نفسه بين الإصرار والبقاء على المبادئ والقيم والتشدد عليها وبين الرغبة في الانصياع والتفلّت حتى تتقزم وتصغر وتختنق وسطية الاعتدال والموضوعية بكل مجالات الحياة ومنها الأدب العربي الذي أصبح على محك التطبيع مرغماً لا راغباً. الملاحظ لشروط المسابقة أن لا يتعدى السن 45 عاما مما يبين للعيان أنه برنامج لتلاقح الأفكار وتبادل الخبرات ونماء الأدب الحديث بصورة مغايرة يمكن تقبلها من الشاعر دون التوغل في الخفايا والنيات السؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا سعت إدارة الهيئة لجيل جديد تحديدًا؟! لأنهم على يقين أن الشاعر كيان إنسان يشبه البناء قوة تماسكه وضعفه ناجمة من شعوره المطلق بما يدور حوله من مغريات ومتطلبات وتصرفاته تتأتى من تشبع مرآة نفسه من العلم الذي تلاه والذي بُرمج عليه سلفاً وهو جوابه. أما الشاعر الذي صقلت خبرته منذ سنوات عديدة مديدة مدرك له عين خبيرة متطلع فطن لا يمكن لفهيم مثله أن تنطلي عليه تلك الحيل والنيّة المبيتة من برنامج درس وينفذ حسب خطة مدروسة بأدق تفاصيلها من كيان صهيوني . الشيء الذي يصقل الطبيعة البشرية وما تمر عليه من نماء أو احباطات ناجم عن العبرة التي خرج بها من مستنقع الحياة من تجاربه النفسية وتفاعله الوجداني والفكري معها بأقل الأضرار سواء أمراض محن ابتلاءات أو حتى فتن إنَّ هشاشة المشاعر هي المتحكم الأول والأخير.. في إقدام الكذب الذي تناسل وتشعب في وطننا العربي باسم المحافظة على التراث والموروث الثقافي وهي مجرد ضجَّة وفوضى إعلامية صاخبة ترفع من فرد شاعر قد تكون سيرته الذاتية متواضعة أمام عمالقة القمم الراسخين. متى تحول الأدب لمشروع قنص فرص تلاشت براءته ومسخت صورته.. من مفارقات الحياة أن تضيق وتبهت صورة الجائزة في عين روضت نفسها على الارتقاء أخلاقياً والتأمل حتى تصبح بحجم البعوضة أو أصغر.