** لقد قامت والدتي وأختي بقذف امرأة بتهمة السرقة دون دليل واضح ولقد حاولت أن أبحث في الأمر ولم أجد أي دليل على صدق هذا الادعاء وانتشر الأمر مما تسبب في إلصاق العديد من التهم بهذه السيدة وهى غافلة وبعد فترة مرضت أختي وأثناء مرضها اعترفت بأنها كانت تكذب وأن هذا الاتهام كان مكيدة، ولكن بعد أن شفاها الله عادت وألصقت بها تهمة جديدة ثم اعترفت مرة أخرى بأنها كانت كاذبة، وبعد فترة أخرى عادت وألصقت بها تهمة جديدة ولقد اشترك معها في هذه الكذبة أختي الأخرى حتى إن الأمر صار عادة. حاولت كثيراً أن أرجعهما عن هذا ولكنهما لم تستجيبا بل وجدت أن أبي وأمي يقفان في صفهما ولا يمنعاهما فقمت بمقاطعتهم حتى يعلم الجميع أن هذه الاتهامات كاذبة وحتى يعودوا إلى الله ولكن المشكلة الآن أن أمي مريضة وتطلب رؤيتي ولا أدري ماذا أفعل؟ أخشى أن تموت والدتي وهي غير راضية عني وأخشى أيضاً إن زرتها أن تتأكد هذه الاتهامات وتهدم حياة هذه السيدة البريئة. أفيدوني بالله عليكم علما بأن هذه السيدة هي زوجتي. * أخي الكريم: أسأل الله أن يدلك على كل خير وأن يريك الحق حقاً ويرزقك إتباعه، وأن يريك الباطل باطلاً ويرزقك اجتنابه. الناس مُعَّرضون في هذه الحياة للابتلاءات والمشكلات على اختلافها ودرجة قوتها وضعفها، والإنسان المؤمن بالله وقضائه وقدره يكون أكثرَهم هدوءاً وحكمة وطمأنينة ومُتزناً في المواقف التي يواجهها، مما يساعده على أن يتجاوزها بأسلوب حكيم، وبنفس هادئة. أخي الكريم: صلة الرحم للإخوة والوالدين خاصة لا عذر لك في تركها، وعليك بالصبر على أذاهم ودعوتهم، والسعي في علاج مشكلاتهم، لكن بأسلوب حكيم حصين، يبني ولا يهدم، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم". هذا مع الناس فكيف بالأهل والوالدين، فيجب عليك صلتهم بقدر، وبدرجة مناسبة مع القضية، فيمكنك أن تُظهر تضجرك وعدم رضاك لكن دون قطيعة، ويمكن مصارحتهما دون انفعال وغضب، ويمكنك أن تصلح دون انفعال وغضب، ويمكنك أن تصلح بحكمة، وذلك يجعلهم يندمون ويتألمون على أفعالهم وعلى اتهاماتهم وأخطائهم اتجاهك واتجاه زوجتك، وفي ذلك تطبيق لما أخبر عنه الله سبحانه وتعالى وحث عليه "ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم، وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم". ولا تعني صلتك بهم أن ترمي زوجتك عندهم ومخالطتهم بل احرص على أن تقلل من مخالطتها لهم، حتى يقل الاحتكاك وتقل المشاجرات. والكلام الذي يقال لك يقال لزوجتك، ولا تثيرهم ولا تكثر النقاش ولا تتشاجر معهم. اعلم أن طاعة والديك من طاعة الله ورسوله في غير معصية الله، فعليك بالمسارعة إلى إرضائهما والقرب منهما وإهداء الهدايا لهما. واجعل زوجتك تعمل ذلك مع إخوانك من إعطائهم الهدايا، فهي الوسيلة العظيمة لمحبتهم لها واستحيائهم منها. أما خوفك من كلام الناس فليس مبرَّراً لعدم تصحيح أخطائك وليس الهدف الذي تسعى إليه، بل إرضاء الله ورسوله ثم والديك وإحقاق الحق هو ما تسعى إليه، وأبشِّرك بتفريج الكربة ثم أوصيك بالمخرج والحل في مثل أزمتك وهو تقوى الله وطاعته قال تعالى: "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ". وفقك الله لكل خير وأرانا الله وإياك طريق الهدى والنور إنه على كل شيء قدير.