قد لا تكون العائلات العاصمية مضطرة إلى الهروب من المدينة وجوّها الخانق والذهاب إلى الحدائق والغابات، لاستنشاق بعض الهواء الطلق، بل إنّ بعض الشباب، خاصّة منهم المُهتّمين بالنباتات والورود الجميلة، والذي نقلوا الطبيعة بكل أناقتها إلى شارع مصطفى بن بولعيد، بيجو سابقا، والذي زرنا طبيعتهم الصغيرة تلك، وتحدثنا إليهم، وإلى بعض المواطنين عنها وعنهم. مصطفى مهدي كانت الساعة الثانية عندما مررنا بشارع بيجو، والذي يطل على ولاية الجزائر، ويستقطب الكثير من المواطنين، الذين، وإن لم يشتروا، فإنّ الفضول عادة ما يدفعهم إلى رؤية تلك الورود من مختلف الأشكال والأحجام التي يضعها هؤلاء ويبيعونها، كما أنّ المهتمين بتلك الورود كثر أو على الأقل لم تنسهم هموم الحياة وصخبها الإهتمام والإلتفات إلى تلك النباتات الجميلة، بل بالعكس من ذلك، تقول لنا الحاجة فاطمة الزهراء وزان: "ليس أجمل من الورود، أنا مثلا ليس لدي سيارة، ولم أخرج من العاصمة منذ مدة، ولكني آتي إلى هنا أشتري ورودا، وارى أخرى، ويعجبني كل ما يحضره هؤلاء الشباب، ومن الجميل أن يهتم أشخاص بالورود في مدينة صرنا لا نرى فيها إلاّ محلات الأكل السريع، وبيع الملابس، فلا بد من تشجيعهم". وعن أنواع الورود والأزهار التي تحب شراءها تقول: "أنا من العاصمة، أي أنني أحب الفل، والياسمين، والحبق، وغيرها من الأشكال الجميلة، ولوكان هذا لا يعني أنني لا أهتم بأخرى، بل بالعكس من ذلك، كل ما هو جميل وطبيعي يعجبني". السيدة نادية والسيد رؤوف مقدم زوجان كانا رفقة ابنهما صاحب الثانية عشرة سنة، قال لنا الأب:"رغم أننا نسكن في عمارة، إلاّ أنّ ذلك لم يمنعنا من أن نربي النباتات في شرفة البيت، وهو أمر جميل، أو أعتقد ذلك، هناك داخل البيت وخارجه، وفي كل ركن تقريبا نربي النباتات، وهل هناك أحسن أو أجمل من النباتات؟". إقتربنا من الشاب تبدارين سيد أحمد، وهو شاب ورث حبه للنباتات عن أبيه، يبيع بذات الساحة، يقول: "بالنسبة فقد علمني أبي كيف أربي النباتات وأهتمّ بها، وأرعاها، ولو أنّ أبي هو مهندس دولة في الحديد، إلاّ أنّ ذلك لم يمنعه من أن يهتّم بتلك النباتات ويعتني بها ويدرس عنها، أمّا أنا فليست شهادة، ولكن ما أخذته عن أبي جعلني أحب وأهتم بهذه الحرفة". وعن بداية الإشراف على المحل، يقول: "في البداية طلبنا من بلدية الجزائر الوسطى أن تمنحنا الإذن ففعلت، وكنا من قبل في ساحة البريد المركزي، أمّا اليوم فنحن في شارع بيجو كما ترون، منذ ثلاثة سنوات، ونعمل على مدار السنة، وأقوم بالاعتناء بالنباتات الداخلية منها والخارجية، أي التي تربى في البيوت في إناء، مثل "لامباسيونس" و"ليريزين لافاغرونش" و"ليبيغونيا" والتي لها أنواع كثيرة، ونباتات أيضا مثل "لوبوتوس" أمّا تلك التي تربى في الخارج، فهناك الورود والياسمين وغيرها كذلك". ولكن سيد أحمد أخبرنا عن المشكل الذي يعاني منه يقول: "في الصيف لدينا مشاكل كثيرة، لابدّ مثلا أن نغطيها، ولدينا أيضا مشكل المياه، فالنباتات تحتاج إلى الماء، ونحن يجب أن ننظفها، فأنا عندي مشتلة في بوفاريك، وأحضر الماء من بوفاريك كل يوم، وبسيارتي الخاصّة أيضا، من قبل كانت هناك صهاريج مياه، ولكن فيما بعد نزعوها ولا أدري لمَ؟ طُلب مني أن أنظف محلي لكي يبدو جميلا، خاصّة وأنه يقابل ولاية الجزائر، والإدارة العامة، ولكن لا نتيجة، لا زلنا نعاني من نقص المياه، خاصة في الصيف، حيث تحتاج النباتات إلى كل قطرة ماء، أما الزبائن فيقلون نوعا ما مقارنة بفصل الربيع".