عاد موسم الاصطياف، وعادت العائلات إلى الانتشار على شواطئ البحار، ولو أنّ بداية صيف هذا العام مميزة قليلا، حيث لم تعرف الحرارة أقصى درجاتها، إضافة إلى حدث المونديال، الذي جعل المواطنين يلتصقون بشاشات التلفزة. ومع عودة الصيف، عادت بعض المظاهر السيئة تظهر على الشواطئ. ومن المظاهر السيئة التي نراها على الشاطئ، وما أكثرها، تلك المرْكبات التي تخترق المياه بمحركاتها الضخمة وبالأصوات العنيفة التي تصدرها، فتخلف بالتالي إزعاجا للمواطنين، وربما تتسبب في إيذائهم، بل إنها تتسبب في إيذائهم، ويحدث ذلك يوميا، خاصّة في بعض الشواطئ التي تجد بها شبانا يؤجرون تلك المرْكبات ويغرقون بها الشاطئ، وتكون نتيجة ذلك اشتباكات بين المواطنين مع بعضهم البعض حولها، وحول الإزعاج الذي تسببت فيه. في شاطئ »بالومبيش« بزرالدة شاهدنا معركة بين شابين، الأوّل كان يقود مركبة »جات سكي« كبيرة، والثاني كان يسبح رفقة صديقته، ومرّ صاحب المركبة بسرعة هائلة على الشاب، وقام بإزعاج صديقته، بحيث أصابتها بعض القطرات من المياه التي كانت تخلفها المركبة، وهو الأمر الذي رأى الشاب أنه اعتداء عليه وعلى كرامته، ومحاولة للفت انتباه صديقته، فلم يغفر له زلته وشتمه، فنزل الثاني عن المركبة وضربه، وهكذا إلى أن وصلا إلى الشاطئ وهما يتبادلان الضرب واللكم، وكل واحد يتهم الآخر بأفظع الصفات، ويتهكم ويسيء إليه، إلى أن تدخل المواطنون للحيلولة بينهما، فزادوا الأمر سوءاً، حيث كان بينهم عائلة الشاب وصديقته، وأصدقاء صاحب المركبة، فتحولت المعركة إلى جماعية ولم يفد تدخل الحماية المدنية ولا باقي المصطافين لحل المشكلة. والسيئ في الأمر أنّ بعض الذين يستعملون تلك المركبات عادة ما يكونون جاهلين بكيفية استعمالها، حيث أنهم يستأجرونها لساعات معدودات، وتكون المرّة الأولى بالنسبة لهم، حيث يعطيهم الشخص الذي يؤجِّرها بعض النصائح، ثم يتركهم يستعملونها لوحدهم، وهو الأمر الذي يتسبب في الكثير من المخاطر، خاصّة مع وجود المواطنين في المياه، والحادثة التي وقعت قبل يومين تدلّ على أنّ تلك المركبات صارت بالفعل تشكل خطراً على المواطنين، وأنه وجب التوقف عندها وتنظيم هؤلاء الذين يتاجرون بها، فبسبب جشع واحد منه، أصيب أحد الأطفال إصابة بليغة، حيث أن تاجر المركبات أجَّر واحدة إلى شاب لا يعرف حتى قيادتها ولا التحكم فيها، ولأنه لم يكن على الشاطئ الكثير من المصطافين فلم يمانع من أن يؤجره إياها، وأوصاه بالحيطة والحذر وفقط، لكن الشاب ومع محاولته الإقلاع بالمركبة، انحرفت عن مسارها، وأصابت طفلا قبل يومين اسمه محمد كان يسبح بالقرب من الشاطئ وكادت أن تودي بحياته، ولكنه ولحسن الحظ نجا من الموت المحتوم، لكنّ ذلك لم يمنع نقله إلى المستشفى. الحادثة لم تخلف صدمة لأسرة الطفل وفقط، بل لكل العائلات التي صارت اليوم لا تفكر في خطر الأمواج والغرق الذي يهدد أطفالها، بل في خطر تلك المركبات العائمة، والتي يبدو أنها تترصد الأطفال في كل وقت، ولا ينفع معها وصايا الأولياء بعدم الابتعاد. وكريم واحد من الذين اختاروا المتاجرة بتلك المرْكبات المائية، وحتى بالقوارب الخشبية، والتي تبدو أقل ضررا، قال لنا إنّ له زبائن دائمين، ويعرفهم ويثق في مهارتهم في القيادة، وإنه إذا ما جاءه زبونٌ جديد، يتأكد في الأول إذا ما كان قادرا على قيادة المركبة أم لا، خاصّة بعد إصابة الطفل محمد، فهي أخطر، يضيف كريم من السيارة على الطريق السريع، خاصة وأن السائق وبالسرعة التي يقود بها لا بد أن يكون حذرا، وأن يرى كل ما يوجد أمامه، حيث لا يتمكن أحيانا من رؤية الأشخاص وهم يسبحون ويغوصون في المياه، ثم يخرجون فجأة، فنظر سائق المركبة المائية لا بد أن يركز على الأفق، وعلى ما يمكن اعتراضه، على بعد كيلومتر كامل حتى يأخذ احتياطاته.