قال مواطن جزائري إنه شعر بالحزن وهو يتابع لقطات مصوّرة لرجال شرطة بريطانيين يعاملون بعض المحتجّين بطريقة قاسية كما يعامل بعض المختلّين الحيوانات أو أشدّ قسوة، وأنه حزنه هذا انقلب إلى غضب حين تذكّر أن الجزائر التي شهدت في بداية شهر جانفي الماضي أحداث شغب متفرّقة، تعاملت معها مصالح الشرطة والأمن بحكمة جنّبت البلاد والعباد منزلقات خطيرة ومع ذلك تلقّت اللّوم والعتاب من بعض البلدان الغربية التي نصّبت نفسها وصية على العالم· ويذكر الجميع كيف أن الولايات المتّحدة الأمريكية وفرنسا عبّرتا عن (انزعاجهما) ممّا وصفتاه استخدام العنف مع المشاغبين، مع أن الأمن الجزائر التزم بتعليمات مديره العام اللّواء عبد الغني هامل المستمدّة من توجيهات رئيس الجمهورية· ومن حقّ أيّ مواطن جزائري أن يغضب حين يتأمّل هذا النّفاق الغربي المكشوف، فواشنطن التي أزعجها التعامل الحضاري للبوليس الجزائري مع المحتجّين تبدو سعيدة وهي تتفرّج على قمع البوليس البريطاني للمحتجّين، وباريس التي كثيرا ما تنسى أن الجزائر استقلّت سنة 1962 وتحشر أنفها في شؤوننا بمناسبة ومن دونها يبدو أنها لا تتابع ما جرى في بريطانيا، ولا يبدو أن تقتيل البريطانيين على يد الشرطة أمر يثير انزعاجها مثلما أثار انزعاجها حرص الشرطة الجزائرية على فرض الأمن والنّظام العام دون استعمال العنف، إلاّ عند الضرورة القصوى، وذلك في حال الدفاع عن النّفس· لقد فضحت أحداث بريطانيا مرّة أخرى هذا النّفاق الغربي، وقد كان الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد رغم كلّ شيء مُحقّا وشجاعا وهو يدين (صمت) الأمم المتّحدة عن (السلوك الوحشي) للشرطة البريطانية في مواجهة أعمال الشغب التي هزّت بريطانيا· وبنفس الطريقة التي دأبت لندن على مخاطبتنا، وغيرنا بها، قال نجاد إن (السلوك الوحشي للشرطة البريطانية غير مقبول)، مضيفا أنه (بدلا من سلوك كهذا كان على القادة البريطانيين الوقوف في صفّ الشعب والإصغاء إليه وبدلا من إرسال قوّات إلى العراق وأفغانستان وليبيا لنهب النّفط كان من الأفضل لهم التفكير في شعبهم)· وصدق نجاد حين قال إن ما يجري في بريطانيا (اختبار لمجلس الأمن لنرى إذا ما كان سيجرؤ على إدانة أيّ من الدول الدائمة العضوية فيه)· ونجاد وغير نجاد يعرف أن مجلس الأمن سيخفق في هذا الاختبار، ولا يهمّه ذلك مثلما لا يهمّ بريطانيا وأمريكا وفرنسا غير مصالح العصب التي تحكمها·