كبار السن في الجزائر.. سواعد تتحدى ظروف الحياة دور العجزة .. الوجه الآخر للمجتمع على الرغم من إجراءات الرعاية والحماية الاجتماعية لفئة المسنين في الجزائر والتي توليها الدولة بالأهمية القصوى إلا أن كبار السن هم فئة لازالت تعاني من عدة نقائص لاسيما مع ظروف الحياة التي باتت صعبة جدا مما دفع الكثير من المسنين الذين تجاوزوا العقد السابع إلى مواصلة العمل بعد سن التقاعد بامتهان أعمال حرة لتحصيل إضافة إلى عائداتهم على الرغم من حالتهم الصحية المتدهورة الناجمة عن التقدم في السن ناهيك عن الظروف الاجتماعية الأخرى كضعف الرعاية الصحية عبر المستشفيات وركضهم وراء المواعيد الطبية لمداواة أمراضهم وصولا إلى فئة المسنين بدور العجزة الذين يعيشون الحرمان العاطفي من أقرب مقربيهم. نسيمة خباجة الخروج على المعاش قد يرى فيه البعض راحة بعد سنوات مضنية من العمل والجد ويفضل البعض استغراق ما تبقى من حياتهم في السفر والاستجمام بينما الخروج على التقاعد بالنسبة للبعض الآخر لا يعكس أبدا الراحة بل يواصلون العمل في حرف حرة وبسيطة بدافع الحاجة أو لدوافع أخرى كسد الفراغ الذي تنعكس عواقبه أحيانا على الصحة. مُسنّون يتحدّون الزمن اختار العديد من الأشخاص المسنين بولاية البليدة مواصلة العمل بالرغم من تقدمهم في السن لإعالة أنفسهم أو لتمضية الوقت بدل البقاء طيلة اليوم دون القيام بأي نشاط. وعلى عكس المسنين الذين أقعدتهم ظروفهم الصحية أو اختاروا المكوث بالبيت طيلة اليوم فضل آخرون من الجنسين مواصلة حياتهم بشكل عادي ومحاولة ملئ فراغهم حسب ما أوردته وكالة الأنباء الجزائرية تزامنا وإحياء اليوم الوطني للمسنين المصادف ليوم 27 أفريل من كل سنة. ومن بين هؤلاء عمي أحمد صاحب سيارة أجرة الذي اختار مواصلة العمل عقب إحالته على التقاعد بالرغم من تجاوز سنه ال70 سنة مؤكدا أنه لم يتقبل رتابة الحياة اليومية التي فرضت عليه بعد وصوله إلى آخر محطة من مشواره المهني وقرر الخروج للعمل. وقال عمي أحمد إنه بعد مشوار طويل بإحدى المؤسسات العمومية أحيل على التقاعد الأمر الذي غير برنامجه اليومي بالكامل إذ أضحى يقضي يومه الطويل ما بين المنزل والسوق والمسجد وهو الروتين الذي لم يستطع مواصلته وأثر على حالته النفسية. وأضاف المتحدث أن صديق له نصحه بالعمل كونه الحل الوحيد للخروج من الدائرة التي وجد نفسه عالقا فيها ليختار ممارسة مهنة سائق سيارة أجرة باعتباره نشاط لا يحتاج إلى جهد كبير. وإلى جانب ملء وقت فراغه ساعده هذا العمل على تحسين أوضاعه المادية بالإضافة إلى ربط صداقات جديدة كما أشار اليه ناصحا المتقاعدين بالبحث عن عمل جديد للخروج من دوامة الفراغ التي يجد كل شخص نفسه عالقا فيها بعد التقاعد. وإذا كان الدافع وراء مواصلة السيد أحمد العمل بالرغم من تقدمه في السن هو ملء أوقات فراغه فإن خروج خالتي باية للعمل كان بدافع الحاجة لإعالة نفسها وأبناء وحيدها المتوفي. وقالت هذه السيدة التي تتخذ حيزا صغيرا من سوق بلاصة العرب الواقع وسط المدينة لبيع العجار (قطعة قماش تغطي نصف الوجه) بالإضافة إلى بيع الشعير والكسكس المفتول يدويا أنها وجدت نفسها مجبرة على العمل عقب وفاة ابنها الذي كان معيلها الوحيد. وقالت خالتي باية المحبوبة من طرف الجميع أن لديها زبائنها الأوفياء لاسيما النساء اللواتي يقصدنها حتى من الولايات المجاورة على غرار تيبازة والجزائر العاصمة مشيرة إلى أنه بالرغم من تقدمها في السن حيث قاربت 80 سنة إلا أنها مجبرة على العمل لإعالة نفسها وعائلتها. وبدورها لاتزال إحدى المسنات البالغة من العمر 75 سنة والمعروفة في المدينة بتخصصها في تحضير الرشتة ومختلف أنواع المعجنات التقليدية تزاول هذا النشاط الذي ورثته عن جدتها ووالدتها لمساعدة عائلتها ودعم حالتها المادية. فرغم إصابتها بمرض السكري الذي أنهك جسدها إلا أنها لاتزال متمسكة بمزاولة هذا النشاط وتؤكد على أنها لم تتجاوب مع طلب أبنائها الأربعة الذين نصحوها بالتوقف عن العمل حفاظا على صحتها لأن أوضاعهم المادية لا تسمح لها بذلك. وبالنسبة لهذه الأرملة التي تعيش رفقة ابنيها المتزوجين وأحفادها فإن أفضل أوقات يومها هي الفترة التي تقوم فيها بتحضير الرشتة التي يكثر عليها الطلب في الأعياد والمناسبات الدينية خاصة وكذا المعارك و الكسكس مشيرة إلى أنها تشعر بالتعب في حالة عدم القيام بأي عمل وليس العكس. دور العجزة مرافق للتكفل بالمسنين تضمن دار الأشخاص المسنين بوادي الفضة (20 كلم شرق الشلف) التابعة لقطاع التضامن الوطني بالشلف تكفلا مرضيا لفئة المسنين ليس فقط من داخل الولاية بل من الولايات المجاورة أيضا. فبطاقة استيعاب تصل نظريا إلى 80 شخصا فتح هذا المرفق التضامني أبوابه أمام هذه الفئة التي لم تسعفها الظروف الاجتماعية والعائلية لتجد طاقما بشريا مؤهلا وإمكانيات مادية معتبرة تحت تصرفها ضمانا للتكفل الأمثل بها وسعيا لإدماجها في الوسط العائلي والاجتماعي. وتزامنا مع اليوم الوطني للمسنين الموافق للسابع والعشرين من شهر أفريل من كل سنة وقفت وكالة الانباء الجزائرية على أجواء التكفل النفسي والاجتماعي والطبي الذي يوفره طاقم هذا الهيكل الاجتماعي المكون من أخصائيين نفسانيين ومساعدين ووسطاء اجتماعيين وكذا أطباء لفائدة 47 فردا بما فيهم 26 مسنا و21 مسنة من ولايات الشلف تيسمسيلت تيارت عين الدفلى والمدية. وثمن عدد من النزلاء الخدمات المقدمة بهذا المرفق لاسيما ما يتعلق بالرعاية الصحية والمتابعة الطبية والاجتماعية بالإضافة إلى المعاملة الجيدة التي يتلقونها من طرف العمال. كما تشكل ورشات المزرعة البيداغوجية المخصصة لفئة الرجال والخياطة والطبخ الموجهة لفئة النساء عالما بديلا لهم للمضي قدما في الحياة والتمسك ببصيص الأمل في الإدماج الأسري والاجتماعي. إدماج حالات في الوسط الأسري من جهته كشف مدير النشاط الاجتماعي والتضامن عبد القادر دهيمي عن إدماج مصالحه منذ بداية السنة الجارية لخمس حالات في الوسط الأسري بولايات مجاورة معتبرا أن هذه الحصيلة تعد إيجابية مقارنة بنفس الفترة من السنة الفارطة وأكد أن قطاعه يضع عملية إدماج المسنين في الوسط الأسري والاجتماعي والتكفل النفسي والاجتماعي بهم كمرحلة أولى من الأولويات التي من شأنها لم شمل الأسر وترسيخ قيم الصلح والتسامح بين مختلف فئات المجتمع. ولتحقيق هذا الهدف يعمل الوسطاء الاجتماعيون بالتنسيق مع طاقم دار الأشخاص المسنين على إجراء تحقيقات اجتماعية والتنسيق والتواصل مع أسر الأفراد الذين يتم استقبالهم في إطار هذا المسعى (الإدماج الأسري والاجتماعي). من جانبه أفاد مدير دار الأشخاص المسنين بوادي الفضة إبراهيم فرشولي أن إدارته تسجل عددا معتبرا من الحالات التي يتم التكفل بها استعجاليا وتدمج بالوسط الأسري في غضون يوم أو يومين مشيدا بالمناسبة بتضافر وتنسيق جهود جميع الفاعلين في قطاع التضامن الاجتماعي في هذا المجال. وبخصوص مراعاة شروط الوقاية وتوفير الرعاية الصحية لفئة المسنين خلال أزمة جائحة كوفيد-19 أوضح ذات المتحدث أن مصالحه لم تسجل أية إصابة بهذا الفيروس الخطير بفضل التقيد الصارم بالبروتوكول الوقائي الذي لا يزال ساري المفعول وأشار السيد فرشولي إلى أن الدار ستنظم حفلا تكريميا وبرنامجا ثريا لفائدة هذه الفئة بمناسبة الإحتفال بالعيد الوطني لهذه الفئة وكذا إحياء لليلة القدر المباركة مع الحرص على الإلتزام بالإجراءات الوقائية مذكرا بأن الحضور سيقتصر على طاقم ونزلاء دار الأشخاص المسنين. مبادرات لبعث الدفء في نفوس المسنين يتنافس محسنون وجمعيات ونوادي خيرية لبعث الدفء في نفوس المقيمين بدار الأشخاص المسنين الكائنة بحي بوعقال الثالث بمدينة باتنة. ويشهد المرفق منذ فترة لاسيما بعد التخفيف من الإجراءات الاحترازية ضد فيروس كورونا صورا للتضامن الاجتماعي في أسمى معانيها مع هذه الشريحة وتهافتا ملفتا للتضامن معها. فمن وجبات إفطار جماعية وسهرات ذات طابع عائلي إلى خرجات ترفيهية وجولات سياحية تجعل من المقيمين بهذه الدار يتمتعون ولو لسويعات بالدفء الأسري حسبما أكدته لوكالة الانباء الجزائرية مديرة المرفق ليندة حابس. وأضافت ذات المتحدثة سجلنا منذ بداية الشهر الكريم عشرات الطلبات من طرف عديد المحسنين والجمعيات الخيرية من أجل تنظيم مأدبات إفطار أو سهرات رمضانية وحتى خرجات ترفيهية لفائدة المقيمين بالدار مشيرة إلى أن أجواء بهيجة يعيشها تقريبا كل يوم هؤلاء الآباء والأمهات بدار الأشخاص المسنين بباتنة. ولم تخف ذات المسؤولة أن كل هذه المبادرات والزيارات التي عادة ما تزداد وتكون مميزة في المواسم والأعياد تتم بطريقة منظمة ووفق شروط تتم فيها مراعاة راحة ومصلحة المقيمين واحترام رغباتهم لاسيما وأن هذه الشريحة تحظى باهتمام خاص وتكفل من طرف عمال المرفق والمشرفين عليه. ويسجل تهافت كبير على صفحة دار الأشخاص المسنين بباتنة على شبكة التواصل الاجتماعي حسب الوسيط الاجتماعي بالمرفق سيف الدين دواق الذي أكد بأن مبادرة فتح صفحة للدار على شبكة التواصل الاجتماعي كانت تهدف في البداية إلى التعريف بالمؤسسة وأنشطتها لكنها سرعان ما تحولت إلى مقصد للمحسنين الراغبين في التقرب من المقيمين بها. وأصبح لهذه الصفحة في ظرف وجيز -وفق المصدر- صدى كبير وأكثر من 10 آلاف متابع وهي بمثابة الباب التي مكنت شريحة واسعة من المجتمع أن ترى من خلاله دار الأشخاص المسنين في صورتها الحقيقية وتقف على مهامها النبيلة . وكانت جمعية المراسلين والصحفيين الأوراس من بين الذين نجحوا في إضفاء أجواء مميزة في هذا الشهر الفضيل في أوساط مقيمي هذه الدار حيث أكد في هذا الصدد رئيسها الصحفي هشام أرزقي أن الإلتفاتة تدخل ضمن إطار التكافل الاجتماعي وجاءت لخلق جو عائلي ومشاركة هذه الفئة المحرومة الأجواء الرمضانية والتأكيد على أهمية العناية بالمسنين والمقيمين بالمراكز التي أوجدتها الدولة لرعايتهم والتكفل باحتياجاتهم. ولم يخف الكثير من المقيمين سعادتهم بالمبادرة التي تخللها في كل مرة تكريمهم وتقديم هبات وهدايا متنوعة لهم ومنهم السيدة خوخة أكبر مسنة بالدار والبالغة من العمر 103 سنوات والسيدة فاطمة وأيضا السيدة زوينة اللواتي لهن شعبية كبيرة بالمرفق. وتضم دار الأشخاص المسنين الكائنة بوسط مدينة باتنة التي فتحت أبوابها في بداية الثمانينيات 34 مقيما ومقيمة منهم أشخاص من ذوي الإعاقة وتبذل جهود للتكفل الأفضل بهم بالتنسيق مع مديرية النشاط الاجتماعي والتضامن وكذا محسنين وجمعيات خيرية. الدولة توفر الحماية الاجتماعية والصحية للمسنين أكد المدير المحلي للنشاط الاجتماعي والتضامن محمد بهاليل التزام الدولة بتوفير الحماية الاجتماعية والصحية لفئة المسنين قصد ضمان رعايتهم والتكفل بهم وهي الجهود التي تدعمها قوانين خاصة بحمايتهم على غرار المادة 17 الفقرة 6 من الدستور التي تنص على واجب الدولة في مساعدة وحماية المسنين وقال السيد بهاليل أن المديرية المحلية تولي أهمية بالغة للتكفل بهذه الفئة وصون كرامتها لاسيما تلك التي تعاني من ظروف مادية أو اجتماعية صعبة من خلال برمجة زيارات دورية لمقر إقامتهم رفقة أطباء لمعاينة وضعيتهم الصحية خاصة وأن غالبيتهم يعانون من أمراض مزمنة. و تكون الزيارات للاشخاص الذين يطلبون المساعدة مباشرة وأيضا للذين تؤكد تحقيقات جمعيات المجتمع المدني حاجتهم لذلك حسب توضيحات المدير. ومن المساعدات التي تستفيد منها فئة المسنين العينية المتمثلة في ألبسة وأفرشة ومواد غذائية بالإضافة إلى تفقد كافة احتياجاتهم بغية التكفل بما تسمح به صلاحيات وإمكانيات المديرية كما اشار اليه ذات المسؤول. و إلى جانب التكفل الصحي والمادي تحرص المديرية أيضا على التكفل بهذه الفئة التي تحظى بمكانة خاصة في المجتمع من الناحية النفسية سواء من خلال تواصل مساعدين اجتماعيين وأطباء نفسانيين معهم أو عن طريق برمجة زيارات استجمام للذين تسعفهم وضعيتهم الصحية على ذلك.