عادت حمّى التهاب أسعار الخضر والفواكه لتطفو من جديد على السطح في هذه الأيّام قبل أسبوعين من حلول شهر شعبان، والذي تستعدّ فيه كامل العائلات الجزائرية باقتناء العديد من المستلزمات الخاصّة بالبيت من مواد غذائية وأواني تحضيرا لاستقبال شهر رمضان الكريم. وككلّ سنة، تقترن مثل هذه المواعيد بإطلاق التجّار العنان للأسعار التي بدأت في الارتفاع تدريجيا مثلما تمّ الوقوف عنده في العديد من الأسواق، وذلك بالرغم من وفرة الإنتاج الواضح جليا في مختلف الطاولات المعروضة. الخضر والفواكه الموسمية التي كانت تعرض للمواطنين بأسعار تكون غالبا في متناول الجميع كالطماطم، الفلفل الحلو والباذنجان تباع هذه الأيّام بأثمان مرتفعة على عكس العادة، وهو ما وضع المواطن في ريب من أمره وبين مطرقة الرّضوخ للأمر الواقع وسندان العودة من حيث أتى بأياد خاوية لا يمكن أن تملأها إلاّ البطاطا التي تشهد هي الأخرى تذبذبا في الأسعار جعلت المواطن يتساءل إلى أيّ حدّ سيصل الأمر خلال شهر رمضان المقبل الذي يفصلنا عنه أقلّ من شهرين فقط؟ ** سعر المنتوج الموسمي فاق كلّ التصوّرات لعلّ أكثر ما يمكن الحديث عنه مطوّلا هذه الأيّام هي أسعار الخضر والفواكه الموسمية التي لم تعرف استقرارا في ثمنها منذ دخولها إلى السوق شأنها في ذلك شأن الطماطم التي وبالرغم من جودتها وكثرتها في الأسواق إلاّ أن لهيبها لازال يصنع الحدث. ففي الوقت التي كانت تباع فيه بأقلّ من 30 دينارا في مثل هذا الموسم وصلت بالمقابل إلى بين 50 و90 دينارا في معظم الأسواق التي تجوّلنا بها انطلاقا من سوق الأبيار، بن عكنون، علي ملاّح وبلكور. أمّا الفلفل الحلو الذي يعتبر من أهمّ المنتوجات الموسمية فيعرض هذه الأيّام بثمن يتراوح بين 80 و100 دينار للكيلوغرام الواحد، وأمّا الباذنجان فقد وصل سعر المنتوج الرديء منه إلى 50 دينارا و80 دينارا لذات النّوعية الجيّدة شأنه في ذلك شأن البصل الذي بالرغم من وفرته إلاّ أن سعره يتأرجح بين 40 و50 دينارا للكيلوغرام الواحد، في حين كان يعرض في مثل هذا الموسم خلال السنوات الماضية بأقلّ من 20 دينارا. وهي التسعيرة التي باتت غائبة تماما في مختلف الأسواق بالرغم من وفرة المنتوج المعروض، سواء في أسواق التجزئة أو الجملة. اللوبيا ماشطو هي الأخرى أضحت حديث العام والخاصّ لكونها لم تنزل عن ال 70 دينارا، في حين بيعت بحوالي 100 دينار في سوق علي ملاح. الكوسة والجزر وحتى اللّفت لم يستقرّ سعرها منذ موسم الشتاء الماضي، فأسعارها تتضارب ما بين 50 و70 دينارا، في حين لم تشهد البطاطا ذاك المنتوج المفضّل من طرف العائلات الجزائرية باعتبارها أكثر استهلاكا لثمنها الذي يكون عادة في متناول العائلات البسيطة إلاّ أنها لم تشهد استقرارا بعد موسم الشتاء الذي بيعت بأقلّ من 30 دينارا، وها هي اليوم ترتفع من جديد ليصل ثمنها إلى أكثر من 40 دينارا. يحدث هذا بالرغم من الأقاويل التي تشاع من هنا وهناك حول وفرة هذا المنتوج عبر القطر الوطني على غير العادة، أمّا إذا تحدّثنا عن الثوم فهو الآخر لم ينزل من عرشه مثلما جرت العادة، إلاّ أن ذلك لا يؤثّر على المواطنين باعتباره أقلّ إقبالا من طرفهم، إذ يكون قد نزل من 200 دينار ليصل إلى ما بين 80 و100 دينار للكيلوغرام الواحد. ** الفواكه الموسمية.. "اللّي ما شراش يتنزّه " ما يشدّ الانتباه في مختلف أسواق الوطن هو تنوّع الفواكه الموسمية وجودتها حتى أن البائعين يتفنّنون في تزيينها وعرضها على الزبائن، وحتى النّاظر إليها لا يفرّق بين إن كانت حقيقية أم بلاستيكية لنقاوتها وكبر حجمها، وما إن يقترب الزبون منها بعدما تناديه من بعيد حتى يصطدم بالغلاء الفاحش لثمنها. حيث يعرض الكرز والمعروف ب »حب الملوك« بأكثر من 700 دينار، وقد يصل إلى 800 دينار للمنتوج الجيّد، في حين يباع بأقلّ من 300 دينار بالنّسبة للعادي نظرا لقلّته في الأسواق الوطنية بسبب تمركز جنيه في مناطق دون أخرى. علما أن أكثر المناطق المعروفة بهذا المنتوج هي أعالي مدينة مليانة بعين الدفلى. من جهته، يشهد سعر الفرولة ارتفاعا طفيفا، غير أن المنتوج الأقلّ جودة يكون في متناول بعض العائلات، حيث يتراوح سعره بين 200 و500 دينار. أمّا الخوخ فسعره يتراوح من سوق إلى آخر بين 70 و80 إلى غاية 120 دينار لذي النّوعية الجيّدة. المشمش بدأ يعرف تراجعا في ثمنه هذه الأيّام، حيث يعرض ما بين 50 و100 دينار. من جهته، يشهد التين أو الملقّب ب »الباكور« ارتفاعا في أسعاره، حيث وصل إلى 150 دينار للنّوعية الجيّدة في حين لم نعثر لا على البطيخ ولا على الدلاّع في الأسواق، غير أن وجودهما يلازم بعض الطرقات المؤدّية إلى ولاية تيبازة، حيث يباع الكيلوغرام الواحد منها بأكثر من 300 دينار كون موعده لم يحن بعد. هي لوحة فنّية تفنّن بعض البائعين في تزيينها عبر مختلف الطاولات، ممّا جعل المنظر الذي تشتهيه كلّ الأعين محلّ ترويغ الزبائن الذي كان أغلبهم يقول علنا »اللّي ما شراش يتنزّه«. ** في انتظار اللّحوم السودانية! أكّد العديد من بائعي اللّحوم بمختلف الأسواق التي وقفنا عندها أنهم ينتظرون بفارغ الصبر دخول اللّحوم الحمراء من دولة السودان، والتي كانت وزارة الفلاحة قد أعلنت عنه سابقا من أجل كسر الأسعار المعروضة في السوق، خاصّة وأن هذه الفترة تزامنت مع حلول شهر رمضان الكريم الذي من المنتظر أن يمرّ على خير إذا ما تمّت المصادقة على صفقة استيراد اللّحوم السودانية التي يمكنها أن تبعث الأمل في نفوس العائلات الجزائرية من ذوات الدخل المحدود، خاصّة إذا علمنا أن الكيلوغرام الواحد من اللّحوم الحمراء سيكون بحوالي 300 إلى 350 دينار، وهو سعر يقدّر بأكثر من ثلاثة أضعاف من اللّحوم التي بيعت في أغلب قصبات الوطن خلال رمضان المنصرم أين عزفت أغلب الأسر الجزائرية من اقتنائها، خاصّة وأن الفترة تزامنت مع الدخول الاجتماعي. فبين تضارب الآراء وتقاذف التّهم التي لا تنتهي بين تجّار التجزئة والجملة وكذا الفلاح، يبقى أمل المواطن الجزائري قائما في أن تنتهي مثل هذه المسلسلات، وأن تضع الدولة حدّا لبعض بارونات السوق المتحكّمين في الأسعار من أجل أن يعيش المواطن البسيط ولو شهرا في السنة دون عذاب وقيود يجعلانه ينظر إلى مستقبل وطنه نظرة تفاؤل وخير.