مراصد ثقافية إعداد: جمال بوزيان أخبار اليوم ترصد آراء حول الأدعياء وجوب تعزيز التفاعل والتواصل لتنوير المجتمع تَظهر فئة الأدعياء في كثير من المجتمعات لا سيما في بُلدان العالم الثالث ويَنتشر هؤلاء الدخلاء كالنار في الهشيم عبر مجالات الدين والتربية والفكر والسياسة والاقتصاد والثقافة والإعلام والصحافة والأدب والفن.. وغيرها لا يَنصرون معارف تُهذِّب سلوكات الناس ولا يُشجِّعون أفكارا منطقية ومبادرات واقعية ويَجتهدون في تزيين ما يَحلو لهم من هرطقات تُحطِّم مُقدِّرات البُلدان ويَظلُّون منتفعين تحت غطاء الولاء في حين نَجد الكفاءات تُعاني الإقصاء وتُهاجر وتُخاطر بنفسها من أجل لقمة العيش. لا يستوي الجاهل والعالم والكفء وغير الكفء * أ. د. يوسف قسوم كلمة الأدعياء استعارة لفظية ممتازة جدا تليق بوصف هؤلاء الدخلاء لأنهم مجردون من النسب إلى كل ما يمت للعلم والأخلاق والمبادئ كما نجد الأدعياء في واقع الحال يفتقدون شرعية.. وعليه فهذه الأصناف همها بطونها وقبلتها مصالحها كما ذكرتم في سؤالكم.. يستغلون كل وسيلة مشروعة وغير مشروعة يعيشون في ظل بغلة الملك كما يقال باسم الولاء والتأييد والنصرة واختلاق الأكاذيب والإفك ليتسنى لهم البقاء في البطانة ويدورون مع المنظومات حيثما دارت والأمثلة لا تعد ولا تحصى فتجد أدعياء الأدب والشعر والثقافة ينمقون بل يخترعون كل ما يرضي سادتهم من نثر وأشعار ومؤلفات حسب الطلب بغية الاسترضاء والتاريخ مليء بمثل هؤلاء.. أما أدعياء الدين الذين يستغلونه ويطوعون الشرع والآيات الكريمة والأحاديث النبوية لخدمة السلاطين والزعماء باسم عدم الخروج عن الحاكم مهما كان تحت اسم الولاء والبراء وسلطة الأمر الواقع كل ذلك مرتبط بمصالحهم وما يستفيدون منه من ريع وغنائم على حساب المبادئ والأخلاق ويا ويل من لم يفق ويدرك مخاطرهم ومكرهم وخداعهم لأنهم بتصرفاتهم تلك يكونون سببا مباشرا في انهيار الدول والمجتمعات وتآكلها كونهم أبالسة في صور ملائكة.. ولذلك وجب الحذر منهم واللبيب بالإشارة يفهم وأما أدعياء السياسة فهم كذلك يستغلون الأحزاب والمنظمات والمجتمع المدني والإعلام للتزلف والتقرب من مراكز القرار للاستئثار بالريع على حساب الشعوب المنهكة المتعبة ويفترض على أصحاب القرار أن ينتبهوا لمثل هؤلاء وتكون المحاسبة الجدية كما تفعل الدول التي تحترم نفسها حيث تتم محاسبة كل من يصل إلى سدة الحكم أو يقترب منها أو يدور في فلكها ولا مجال للتلاعب مثلما يحدث في دول العالم الثالث.. وأما الكفاءات ففعلا تجدها مهمشة مقصاة مبعدة لأن بعض الأدعياء والدخلاء يحرمونهم من الاقتراب من السلطة الحقيقة ويأتفكون عليهم بحق وبغير حق وهنا وجب على أصحاب القرار أن تكون لهم إرادة حقيقية في التغيير من خلال الاستشارات المستمرة والتنقيب والبحث عن أهل الخبرة والكفاءة وتقريبهم ..وكذلك يجب على من يكون بيده القرار أن يعطي لكل ذي حق حقه فلا يستوي الجاهل والعالم والكفء وغير الكفء لأن الصفوة والنخبة تحتاج عناية خاصة ونظرة احترام وتقدير وتشجيعا ومناخا يسمح لها بالعمل بحرية وبذلك يحصل التوازن ويتحقق الأمل ونقضي على الانتفاعيين والدخلاء والأدعياء. الأدعياء .. فئة التطفّل والتغذي على مكتسبات المجتمعات المتخلفة * أ. سهيلة خير الله نتحدث دائما عن الهوة الحضارية التي تفصل بين العالم المتقدّم والعالم الثالث بل أضحت من الدروس البيداغوجية والنمطية في منهاجنا الدراسي يتلقّاها التلاميذ في دروس التاريخ والجغرافيا للتعرّف عن أسباب التخلّف عند هذه الدول ومظاهره في المجتمع. أما على الصعيد الفكري أو النخبوي نجد العديد من الباحثين طرح المشكلة حول موضوع هذا التخلف ومحاولة تشخيصه من زاويته الخاصة سواء خطابات سياسية كانت أم اقتصادية ولا سيما الدارسين في علم الاجتماع وعلم النفس ومن التحاليل السوسيولوجية المطروحة دار النقاش حول ظاهرة انتشار ما تسمى فئة الأدعياء في المجتمع أي هم نوع من الأفراد يدّعون ما ليس إليهم سواء في العلوم أو المعارف الأخرى وهم غير أهل لها علميا من ناحية التكوين والتخصّص ومع هذا يتغلغل البعض منهم في مشروعه المضلل داخل المجتمع تحت غطاء إشهارات واسعة انتهازية في ميدان الاستثمار لاستقطاب الشعوب والكسب السريع هذا في مجال المشاريع الاقتصادية. أما المجالات الخطابية فتنوّعت أشكالها الثقافية من أدب دين فنون سياسة... كان لها وقعها في عرقلة عجلة التقدّم لهذه الدول. وهنا يطرح سؤالنا وتساؤلات أخرى من أنتج فئات الأدعياء اليوم؟ الإجابة متعدّدة الأوجه ومتشعّبة لكن نقتصر على أهمها وهي مشكلة بنية المجتمع ذاته وتكوينه فالجهل والأمية المتفشية تشل الأفراد عن التفكير أو التمييز أي مجتمع لا يقرأ يسهل إقناعه والتحكّم فيه وتطويعه لأي استلاب ثقافي أو مادي. لأن الوعي المجتمعي مسلوب الإرادة. إذن كيف وصلت مراكز عليا؟ النفوذ وتفشّي لهذه الفئة من الأدعياء في نسيج المجتمع وتلقّي هذا الأخير أنها تحمل المصداقية على حمل الحقيقة والمعرفة في حل مشاكلهم وما تأثير أفكار الأدعياء في سيكولوجية الأفراد الهشة خاصة إذا مسّت الجانب الديني والدعوي منه فيكون الولاء المخدّر ينعكس على سلوكيات الناس ويسهل قياده وتوجيهه بحيث يصبو إليه هؤلاء الأدعياء في ظل صمت الطبقة المثقفة والمصلحون من رجال الدين والكتاب النقاد والصحافيين وغيرهم بالمجتمع. وقد تحضرنا بعض النماذج الحيّة لكلامنا وهي مخاطر صناعة مستحضرات التجميل المغشوشة عن طريق البيع والتشهير بما يعرف ب التجارة الإلكترونية التي انتشرت بكثرة لشركات ومخابر لا علاقة لها بمجال البحث العلمي المتخصّص كونها بعيدة عن الدراسات والتحاليل الطبية التي ترصدها مخابر صيدلانية لها معاييرها الدقيقة وقوانينها العلمية المعمول بها دوليا. ومن مخاطرها على البشرة أنها تحتوي على الألومنيوم والمواد المسرطنة ومستويات خطرة من البكتيريا والرصاص والزرنيخ وعند وضعها على الجلد تعرض صاحبها مكوناتها غير الآمنة على المستعمل لمشاكل صحية طويلة الأمد مثل: الالتهابات والطفح الجلدي وبعض الأحيان تؤدي إلى السرطان. وقد كشفت مجموعة potentash عن تقارير طبية وعن مخاطر استخدامها وحسب الموقع تظهر الأبحاث أن مستحضرات التجميل المزيفة يمكن أن تحوي على ما يصل إلى 19ضعف الكمية الموصى بها من الرصاص وقد يؤدي التعرض للرصاص حتى أجزاء صغيرة إلى حدوث تلف بمرور الوقت وعندما يتراكم الرصاص في الجسم يمكن أن يسبب المزيد من المضاعفات مثل آلام المفاصل وفقدان الذاكرة/ حياة عبد العزيز: صحيفة البلاد الثلاثاء 7سبتمبر2021. قس عن هذه الأمثلة الكثيرة في مجالات أخرى كالخطابات المسومة في الصحف الخاصة والقنوات المتلفزة كالقنوات الدينية أو الإشهارية وغيرها. وهنا نطرح كيفية تصدي المجتمعات النشطة والحكومات المنبثقة عن إرادة شعبية حقيقية للحد من ظاهرة الأدعياء ؟ يكمن العمل في إيجاد حلول ناجعة من بينها تحريك روح التوعية في المجتمع وذلك باتصال جماهيري مباشر بتنظيم الجمعيات حملات ميدانية تحسيسية مع مرشدين متخصصين في الميدان المراد طرحه داخل المؤسسات التربوية أو مراكز التكوين أو الثقافية...وغيرها وكذا الاستفادة من التقدم التكنولوجي من وسائل إعلامية في السوشيال ميديا . أما إذا كان الأدعياء في مجال خطابي فيمكن أن تتحرك الحكومات بقرار رسمي بغلق قنوات تسرّب هذه الخطابات صحف إعلام دور النشر... الشركات المروّجة حسب قوانين الدولة المعمول بها وحق حفظ الممتلكات والأمن العام. ويجرّنا الحديث عن أفضل السبل لعزل الأدعياء كي لا تزداد الأخطار والأزمات والمشكلات؟ كما ذكرنا آنفا أن من بين وسائل العزل لهذه الفئة هو استحداث جبهة مضادة بتمكين خريجي الجامعات من الكفاءات الشابة في الاستثمار الاقتصادي وتشجيع الدولة لفكرة مشاريع المقاولاتية للشباب لترسيخ فكرة الجودة على المنتوجات لتجفيف ينابيع مشاريع الأدعياء وكذا فتح قنوات للنقاش وطرح مشكلات التخلّف ينشطها كوادر وباحثين أكاديميين والاستفادة من التجارب الناجحة في دول أخرى عبر تنظيم ملتقيات دولية.. كما يمكن متابعة قانونية لهذه الفئات من طرف النشيطين في الجمعيات المناهضة لأفكار هذه الفئات وسبل نفوذها والأهم من كل هذا إصلاح المنظومة التربوية ومناهج التعليم وفقا لمتطلّبات العصر وتحدّياته. أمّا ماذا يمكن اقتراحه لإنشاء توازن بين دور الصفوة النخبة لخدمة المجتمعات ربحًا للوقت والجهد؟ ينحني بنا المطاف كخلاصة لهذه القراءة الموجزة هو إيجاد علاقة تربط بين طبقة النخبة ودورها مع المجتمع فيتجلّى في عدّة أعمال نذكر منها: فتح قنوات تواصل حوارية مع فئات المجتمع بمحاولة هؤلاء النخب تأسيس جمعيات ونواد مع الشباب للتوجّيه والإرشاد تطرح انشغالاتهم ومشاكلهم اليومية. تنشيط ندوات علمية تكون موضوع محاورها التعريف عن أعمال هؤلاء الدخلاء من الأدعياء وتعريتها وإيجاد سبل التصدي لها. تنمية إبداعات الشباب بتكرّيس مؤسسات حاضنة لمشاريعهم. تقّيهم شبح البطالة والهجرة. محاولة تجسّيد الأبحاث النظرية العلمية الجامعية والدراسات الميدانية ومتابعة تطبيقها على أرض الواقع. تكوين فرق من خريجي المعاهد ومؤسسات التكوين في الإعلام الآلي وتكنولوجيا الإعلام والاتصال على تحديث موقع يوتيوب وتطبيقات إلكترونية تدعّم المشاريع للشباب والإشهار وتكون منصّة للحوار البنّاء والهادف تساعد كسد منيع يحجب خطابات الأدعياء ويعمل على تعزيز التفاعل والتواصل الاجتماعي لتنوير المجتمع. مشاركة المجتمع المدني الداعم الحقيقي لأي تغيير إيجابي بتأطير النخب العلمية في كل التخصصات * أ. غنية عباسي مَن أنتج فئات الأدعياء ؟ يقول الإمام ابن حزم رحمه الله: لا آفة على العلوم وأهلها أضّر من الدخلاء فيها وهم من غير أهلها . يمكن القول إنّ فئة الأدعياء و الدخلاء جزء من الطبيعة البشرية عندما لا تُحكَم بمنظور قيمي أخلاقي فلا أحد منّا ينكر الانتشار الواسع في عصرنا هذا للفئة الدخيلة في مجالات مختلفة من دين تربية فكر سياسة اقتصاد إعلام وغيرها... فعندما يلبس عباءة الدين من ليس بأهله ويقود القاطرة السياسية رجال جاهلون منافقون ومتلوّنون بألوان الظروف والأفراد وتسند مسؤولية قطاعات مهمة لغير المتخصّصين... نعلم أنّها ثقافة سائدة أنتجتها جهات وظروف متعدّدة محلية وخارجية الاستدمار ليس بريئا منها الانحدار الأخلاقي داخل هذه المجتمعات والذي كرّسه تراجع دور المؤسّسات التربوية والسيادية أحد أسبابها وكذا الإعلام المحكوم بمنظومة قيمية عالمية خادمة لتوجّهات وأطراف معيّنة. وكيف وصلتْ إلى مراكز عليا؟ عندما يكون الأدعياء هم الصورة المصدّرة في المجتمع نعلم أنّ الذي ساعد على انتشارها منظومة أخلاقية داخلية فاسدة من محسوبية وصولية وغيرها وخارجية تديرها لوبيات ومنظمات عالمية. وما أضرارها؟ من المجالات التي استأثر بها الأدعياء المناصب السياسية العليا فالغضب المجتمعي المتكرّر وما عرفه العالم الذي ننتمي إليه من ثورات أطاحت برأس السلطة في منطقتنا العربية والأفريقية ومن ثمّ فضح الفساد الذي مسّ أغلب المجالات إن لم نقل كلّها أحد مظاهرها وما أظهره من فساد صعُب إصلاحه. وكيف تُواجهها المجتمعات النشطة والحكومات المنبثفة عن إرادة شعبية حقيقية؟ عندما يملك المساهم في التغيير داخل هذه المجتمعات الرغبة الحقيقية من منطلق إعادة المنظومة القيمية لها والذي نقصد به رأس السلطة النزيه والشرعي ستكون بداية الإصلاح لكن أيضا بمشاركة المجتمع المدني الداعم الحقيقي لهذا التغيير والذي وجب أن تؤطّره وتحركه النخب العلمية في مختلف التخصّصات. وما أفضل السبل لعزل الأدعياء كي لا تَزداد الأخطار والأزمات والمشكلات؟ لا بد أن يأتي التحرّك من نخب المجتمع في مختلف المجالات لإظهار فساد الدخلاء والمشاركة بدحض مغالطاتهم من خلال نشاط مؤثّر ومواز لما يقومون به من باب نشر الوعي بين الناس وإسكات صوت الباطل وبالرجوع للمثال الذي ذكرته فأحد السبل لإصلاح هذا المجال هو توسيع دائرة المشاركة السياسية بين النخب والتثقيف السياسي المبكّر للفئات الشابة لضمان استمراريتها وتحصينهم تجاه أي مؤثّر خارجي. وماذا تَقترح لإنشاء تَوازن بين دَور الصفوة النخبة لخدمة المجتمعات وربحًا للوقت والجهد والمال؟ سيكون من الصعب إحداث نقلة قيمية في المجتمعات لكن عندما تتوفّر الإرادة السياسية الشرعية ستكون بداية لمرحلة التغييرات التي ستتطلب وقتا لتعميمها على كافة المجالات لكن أثرها سيظهر لتكرّس كثقافة مجتمعية.