في مدينة الأبيض سيدي الشيخ فرنسا وأول تجربة تنصيرية في التاريخ - الجزء الثالث والثلاثون بعد المائة- بقلم: الطيب بن ابراهيم *الخلاف بين رئيس الإرسالية والمحافظ الرسولي ج. 2 في الحلقة الماضية توقفنا عند معارضة المحافظ الرسولي غوستاف نوي لسياسة رئيس إرسالية الأبيض الأب روني فوايوم المنتهجة واتضحت تلك المعارضة من خلال الرسائل التي أرسلها المحافظ الرسولي لسلطاته العليا في روما بالفاتيكان وإلى قيادة الآباء البيض بمدينة الجزائر وهنا نتوقف على الخلاف المباشر بين المحافظ الرسولي نوي وقسِّه فوايوم. لقد تدخَّل المحافظ الرسولي غوستناف نوي بقوة لكبح جماح رئيس إرسالية الأبيض الأب روني فوايوم وأول رفض من طرف المونسنيور نوي Nouet كان سنة 1935 عقب قرار الأب روني فوايوم اتخاذ نص للأذان ينادى به من أعلى منارة الكنيسة بصوت عربي وبما أثاره هذا القرار الخطير من ضجّة ومن ردود الفعل فتدخل الأسقف Nouet برسالة له بتاريخ 17 ماي سنة 1935 لحسم الموقف وإنهاء المشكلة هنا لم يجد مسئول الإرسالية فوايوم بدا من الالتزام بالأمر وتطبيقه فورا وهو مكره وهو الذي سبق له أن رفض ذلك من طرف قادة عسكريين قبل أن يرسل رئيس الإرسالية فوايوم برسالة إلى رئيسه غوستاف نوي بتاريخ 21 ماي سنة 1935 يُعرب له فيها عن الالتزام بتنفيذ الأمر وبرر عمله ذلك أنه ما كان ليَتم إلا إرضاء ليسوع ورغبة في دعوة الناس المحيطين به للإنجيل. *أسرار رغم أن قرار وقف الأذان لم يكن مُرْضِيا لرئيس الإرسالية الذي عبر في إحدى رسائله عن مشاعره اتجاه ذلك قائلا: كان يوما مؤلما حيث أمر المنع . ومع بداية سنة 1936 بلغ الخلاف بينهما ذروته وتكررت الصدامات بين الرجلين لدرجة فقدان الثقة بينهما مما دفع برئيس الإرسالية لتقديم استقالته واقترح اسم خليفة له على رأس الإرسالية هو صديقه الأب مارسال بوشي وهي الاستقالة التي وافق عليها المحافظ الرسولي غوستاف نوي ورد عليها برسالة بتاريخ 31 مارس سنة 1936 يُفْصِح فيها صراحة عن عدم ثقته في الأب روني فوايوم وعن موافقته على طلب استقالته واستخلافه بالأخ مارسيل بوشي وهذا قبل أن يتراجع المعني عن استقالته وأمام هذا الموقف شعر رئيس الإرسالية روني فوايوم بالإهانة حسب تعبيره وبعد شهر ونصف من هذه الرسالة زار المحافظ الرسولي نوي الإرسالية بتاريخ 10 ماي سنة 1936 وبتاريخ 15 ماي انعقد مجلس الإرسالية واتخذ عدة قرارات كلها ضد تَوَجُّه وخيارات رئيس الإرسالية الأب فوايوم أهمها: - أن يدق الجرس في كنيسة الأبيض أثناء صلاة التبشير الملائكي التي تقدم ثلاث مرات في اليوم وهذا ردا على قرار فوايوم بمنع استعمال الجرس في الصلاة حيث قال: الجرس لا يدق في ليل أو نهار في الأبيض أمام ضريح سيدي الشيخ. - أن يوقع الأب وباقي الإخوة إشارة الصليب في المطعم أثناء تبركة المائدة - أن يوضع صليب مرئي على أعلى المنارة وهو ما علق عليه رئيس الإرسالية بقوله: إنه لم يفعل ذلك حتى لا يَصْدِم مشاعر المسلمين. - على الإخوة إزالة الشَّاش من على رؤوسهم في الغرف وأثناء كل الصلوات. كما عرفت سنة 1936 تكرار زيارات المحافظ الرسولي غوستاف نوي لإرسالية الأبيض لمراقبة نشاطها ورئيسها عن قرب. ودائما في اطار الصدام بين رئيس الإرسالية الأب فوايوم ومحافظه الرسولي نوي رفض هذا الأخير مقترح الإرسالية الداعي لتأسيس إرسالية جديدة بدوية متنقلة بين السكان الرحل بمنطقة بادية البنود جنوب مدينة الأبيض سيدي الشيخ خاصة أن رفض المحافظ الرسولي للمشروع جاء بعد الموافقة عليه من قبل الأسقف مارشال المسئول عن مركز الآباء البيض بالحراش بمدينة الجزائر حيث أعطى موافقته على المشروع في رسالة منه أرسلت لرئيس إرسالية الأبيض روني فوايوم بتاريخ 9 أوت سنة 1936 إلا أن الأسقف غوستاف نوي المكلف بالصحراء والمسئول المباشر على الموافقة عارض فكرة مشروع إرسالية حاسي البنود المقترح واقترح بدله العمل في مكان آخر بالصحراء بمدينة بني عباس فرد رئيس الإرسالية ومجموعته برفض مقترح الأسقف نوي وهكذا أجبر الإخوة على التخلي عن مشروع تأسيس إرساليتهم الجديد بالبنود . ونتيجة للضغوط المتواصلة على رئيس الإرسالية الأب فوايوم والتي لا تطاق قدم استقالته للمرة الثانية لمحافظه الرسولي بتاريخ 18 أكتوبر سنة 1939 ولتأكيد ذلك أتبعها برسالة أخرى بعد أربعة أيام يوم 22 أكتوبر من نفس السنة وهي الاستقالة التي لم يكتب لها النجاح. لقد عبر الأب روني فوايوم في أكثر من مناسبة عن معارضته وعدم رضاه عن مواقف وسياسة المحافظ الرسولي غوستاف نوي اتجاه إرساليته وكان ينظر إليه أنه ليس في الأصل أسقفا. واعتبر أن علاقته به كانت تفتقد للحرية والحميمية مقارنة بعلاقته مع بقية أبناء لافيجري الآباء البيض.