عندما تتعانق أمواج البحر الزرقاء مع خضرة الأشجار، نصبح حينها أمام تحفة ربانية مذهلة وقطعة من الجنة، تتلاشى فيها كل المتاعب والضغوط، وتفتح الأبواب واسعة أمام الفرحة والانتعاش والراحة، وإن كانت عائلاتٌ جزائرية كثيرة تعشق البحر وأخرى تعشق الغابات والمساحات الخضراء، فإن عشق الطبيعة يستبد بأصحابه في غابة قورصو بولاية بومرداس، هذه الغابة التي لا يفصل بينها وبين شاطئ البحر غير مساحات من الرمال، أو الطريق المخصص لمرور السيارات، ويخيل إليك وأنت تجلس فيها كأن أشجارها تغتسل بمياه البحر كل ليلة، وقد تسهر تتهامس مع أمواجه إلى الفجر، تودع آخر زوارها عندها، وتستعد لاستقبال أفواج أخرى كثيرة منهم. هو وصف مختصر لجمال الطبيعة بالمنطقة، الطبيعة التي أجبرت عددا كبيرا من المواطنين من مختلف مناطق الجهة الشرقية للوطن وحتى من المناطق الوسطى والعاصمة على التوافد إلى هناك، بصفة يومية، ورغم أن البرودة لازالت تمنع المواطنين من السباحة خلال ساعات المساء، إلا أن ذلك لم يمنعهم من التوجه إلى شاطئ قورصو، وإلى الغابة الموجودة على نفس الشاطئ بتعبير أدق للاستمتاع بالنسمات العليلة المنعشة، والجلوس جماعات، على أكواب الشاي، والمثلجات والمأكولات الخفيفة وغيرها. وتشهد الغابة إقبالا باهرا من طرف المواطنين بصفة يومية، حيث يمتد مكوثهم بها إلى ساعات متأخرة تصل حد الساعة الثالثة صباحا، خصوصا بالنسبة للذين يمتلكون سيارات ووسائل نقل خاصة بهم. وتتميز غابة قورصو ببومرداس بمناظر طبيعية خلابة تزينها الكثير من الأشجار العالية ووارفة الظلال، لاسيما بعد خضوعها لعملية تجديد وتهيئة خلال الموسم الفارط لجعلها تواكب رغبات وتطلعات المصطافين والمواطنين المقبلين عليها، ولا يقتصر الأمر على ساعات النهار فحسب، بل أن التوافد على الغابة وعلى الشاطئ المذكور يرتفع ابتداء من الساعة السابعة أو الثامنة مساء، ولا يتوقف إلا خلال ساعات الفجر الأولى، وأكثر ما يجذب المواطنين إلى المكان هو الصبغة العائلية له، حيث لا مكان للمشاغبين أو المعاكسين أو الأشخاص الذين لا يكنون أدنى احترام لتواجد العائلات، لذلك يحس الجميع براحة البال، كما أنه يفتح المجال للتعارف والتقارب بين العائلات الكثيرة المتوافدة من كل مناطق الوطن. وقد تم تجهيز الغابة التي بقيت حسب بعض المواطنين القاطنين بولاية بومرداس لسنوات عدة عرضة للإهمال والاستغلال غير المدروس من طرف البعض بكل وسائل الراحة وقضاء أوقات ممتعة للعائلات والأطفال طيلة أيام الأسبوع، كما تم تهيئة الطرقات المؤدية إليها وتوفير الكراسي والطاولات الرخامية والإنارة وغيرها من الوسائل التي من شأنها أن تساهم في راحة العائلات المتوافدة التي أبدت الكثير منها إعجابها بها خصوصا وأنها لا تبعد إلا بأمتار قليلة جدا عن البحر ما يوفر لأطفالها جوا ممتعا، وقد ازدادت الغابة جمالا بعد لجوء عدد من الشبان إلى فتح محلات خاصة بالمأكولات وأخرى بالصناعات التقليدية، وكذا مساحات للعب الأطفال ما جعل المكان بحق جنة عائلية يتزايد عدد الوافدين إليها يوما بعد يوم.