بعد ستّة أشهر من المجازر والمعارك الدامية، أعلن المجلس الانتقالي اللّيبي صباح أمس الاثنين الموافق 22 أوت، سيطرة الثوّار على طرابلس واعتقال سيف الإسلام ومحمد والساعدي القذافي· ورغم أنه تردّدت تقارير متضاربة حول فرار القذافي إلى الجزائر أو تشاد أو جنوب إفريقيا، إلاّ أن الثوّار رجّحوا أنه لم يخرج من ليبيا· ويبدو أن تطوّرات الساعات الأخيرة كانت تبشّر بنهاية ديكتاتورية القذافي وبدء ليبيا صفحة جديدة. ففي 20 أوت انتفض المعارضون للقذافي داخل طرابلس، في حين تقدم الثوار من الغرب والشرق نحو العاصمة· وسرعان ما أعلن الثوّار سيطرتهم على مناطق هامّة في طرابلس، بالإضافة إلى تحرير آلاف السجناء السياسيين من سجن الجديدة في العاصمة· ومساء الأحد 21 أوت تلاحقت التطوّرات بصورة متسارعة جدّا، حيث أعلن القذافي أنه سيبقى في طرابلس حتى النّهاية ودعا أنصاره في شتى أنحاء البلاد إلى المساعدة في تحرير العاصمة من هجوم المعارضة، وأضاف في رسالة صوتية بثّها التلفزيون الليبي الرّسمي أنه يخشى أن تحترق طرابلس، وقال إنه سيزوّد أنصاره بالسلاح لمحاربة المعارضة· ولم تكد تمرّ دقائق على التصريحات السابقة حتى أعلن الثوّار الليبيون أن عبد اللّه السنوسي مدير المخابرات في نظام القذافي هرب إلى جنوب البلاد، فيما هرب محمد حويج وزير المالية في حكومته إلى الجبل الغربي· كما نقلت قناة (الجزيرة) عن الثوّار الليبيين قولهم أيضا إنهم دخلوا منزل عائشة ابنة القذافي في بن عاشور وسط العاصمة طرابلس، كما قاموا باعتقال نجليه محمد وسيف الإسلام بعد تحرير معظم مناطق العاصمة بعد اشتباكات عنيفة مع كتائب القذافي التي انسحبت إلى باب العزيزية· وتسارعت الأحداث، حيث أعلن المجلس الانتقالي السيطرة على طرابلس بالكامل بعد أن سلّمت الكتيبة المكلّفة بحماية القذافي نفسها للثوّار، كما كشفت المحكمة الجنائية الدولية أن لديها تأكيدات باعتقال سيف الإسلام القذافي· ورغم أن عبد السلام جلود الذي كان في السابق الذراع الأيمن للقذافي وانشقّ عن نظامه وانضمّ إلى صفوف الثوّار في 19 أوت أعلن في 21 أوت لمحطّة (راي نيوز) التلفزيونية الإيطالية أن الإطاحة بالقذافي ستتمّ في غضون عشرة أيّام على أقصى تقدير، إلاّ أن المفاجأة أنه تمّ الإعلان عن سيطرة الثوّار على طرابلس بشكل أسرع ممّا توقّع الجميع· وأيّا كان مصير القذافي بعد انهيار نظامه، فإنه تبقى عدّة حقائق من شأنها أن تبعث برسالة تحذير قوّية جدّا للرئيسين السوري واليمني من أبرزها أن دخول الثوّار طرابلس جاء قبل أيّام قليلة فقط من احتفال القذافي بالذّكرى ال 42 لتولّيه الحكم، الأمر الذي يؤكِّد أن إرادة الشعب تنتصر دائما مهما كان النّظام يمتلك من وسائل القوّة وبقي عقودا في الحكم· فالقذافي الذي يعتبر ثالث زعيم عربي يتمّ الإطاحة به من خلال ثورة شعبية بعد مبارك في مصر وبن علي في تونس، لم يكن يتصوّر أن يسقط نظامه الذي استمرّ لمدّة 42 عاما خلال 6 أشهر فقط، لذا فإن استمرار عناد بشّار وصالح لن يفيدهما في شيء· وبصفة عامّة، فإن الشعب الليبي على أعتاب مرحلة جديدة في تاريخه وكلّنا أمل في أن ينجح في تجاوز سلبيات الماضي سريعا وتفويت الفرصة على المتربّصين والأعداء الطامعين في ثروته النّفطية عبر بناء دولة ديمقراطية قوية·