مراصد إعداد: جمال بوزيان أخبار اليوم ترصد آراء حول توجس الذكور من المرأة المتعلمة الأنثى الواعية أقدر على فهم شريك حياتها ورعاية أولادها في الأصل المتعلم حقيقة لا يخاف المتعلمة والعكس صحيح.. لكن يظهر في كثير من المجتمعات خوف جلي من أشباه المتعلمين تجاه المتعلمات سواء بين الأشقاء والإخوان أو غيرهم وغيرهن بشأن الذكاء والتعليم والنجاح والتفوق والفكر والثقافة والأدب والرأي والعمل وتقلد الوظائف والنفوذ والميراث بحيث يرى أشباه المتعلمين أن غير المتعلمة يمكن خداعها وهضم حقوقها وغير ذلك والواقع مليء بنماذج لا يتصورها عقل... وقد ترك ذلك كله تأثيرات سلبية ما تزال تنخر جسد المجتمعات وتعاني منه دول العالم الثالث خاصة لعدة اعتبارات متنوعة رغم الأدوار الرئيسة للمرأة في البناء الحضاري. سألنا أساتذة عن الظاهرة وانتشارها في العالم العربي وأسبابه وطلبنا وصفة لعلاجها. ***** التوجس الذكوري من المرأة المتعلمة أ. د. أحمد جاد إن تفشي ظاهرة نفور الشباب وتخوفهم من الارتباط بالفتيات المتعلمات اللاتي على درجة كبيرة من الثقافة والوعي عند إرادة الزواج ظاهرة ينبغي الوقوف أمامها بحق لأن فيها خطرًا كبيرًا على مستقبل الأجيال الناشئة وتكوينها. والحق أن هذا الأمر يتنافى بداية وما يراه بعض الفقهاء من شرط الكفاءة بين الزوجين وإن كان غيرهم يرى أن الكفاءة إنما تكون بالاستقامة والخلق على وجه الخصوص وذلك لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَر وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) [الحجرات:13]. غير أن ثمة أمورًا أخرى لا بد من اعتبارها في الكفاءة منها الحرفة: فإذا كانت المرأة من أسرة تمارس حرفة شريفة فلا يكون صاحب الحرفة الدنيئة كفئاً لها وإذا تقاربت الحرف فلا اعتبار للتفاوت فيها وهو قول للشافعية ورواية عن أحمد وأبي حنيفة. غير أن تلك الفئة من الشباب التي تتخوف من الارتباط بالفتاة المتعلمة المثقفة هم في الحقيقة ينحون ذلك المنحى لأسباب عدة منها: إن كثيرًا منهم من فئة أشباه المتعلمين الذين يحسبون أنفسهم على شيء وما هم على شيء يحسبون أن لهم وزنا ولا وزن لهم ولقناعتهم الداخلية أن ذلك وزنهم ومقدارهم في موازنين البشر يبتعدون كل البعد عن كل ذي علم أو التعامل معه. وكثير منهم من ينحو ذلك النحو لبقايا ميراث عقيم تسرب إلينا من الكتب الصفراء في أيام ضعف الأمة وانحطاطها الفكري كانت تحذر من تعليم الفتيات ومنعها من الخروج حتى إلى الصلاة مستشهدين بنصوص واهية تدعي أن الإسلام ضدّ تعليم المرأة منها بحديث عائشة -رضي الله عنها- مرفوعًا: لا تُنزلوهنَّ الغُرَفَ ولا تُعلمُوهنَّ الكتابةَ وعلِّموهنَّ المِغْزَلَ وسورةَ النّورِ . وهذا الحديث تكلموا في وضعه ونكارته لوجود محمّد بن إبراهيم الشّاميّ في سنده حيث قال ابن الجوزي عنه: هذا الحديث لا يصح لأنّ محمد بن إبراهيم الشامي كان يضع الحديث ونقل الذّهبي عن الدّارقطني تكذيبه وقال ابن حجر: منكر الحديث . وقال شمس الحقّ العظيم آبادي: هو منكر الحديث ومن الوضّاعين وعليه : فهذا الحديث لا يصحّ الاستشهاد به لعدم ثباته وصحّته بينما هناك أحاديث كثيرة تحضّ على العلم للرّجال وللنّساء منها حديث: وَمَن سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فيه عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ له به طَرِيقًا إلى الجَنَّةِ وحديث : طلب العلم فريضة على كل مسلم والخطاب النّبويّ موجّه للرّجال والنّساء بل إن السنة الفعلية على صاحبها أفضل السلام وأتم التسليم تؤكد غير ذلك فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يخص النساء بدروس علم بعد أن يخطب في الرجال وكان يتيح للنساء أن يسألنه في أخص المسائل فمن أين جاء قولهم بالنهي عن تعليم الفتيات؟. غير أن كثيرًا ممن يتجنبون الارتباط بالفتاة المتعلمة والمثقفة يرمون من وراء ذلك السيطرة على زوجة المستقبل سيطرة كاملة لذلك يختارونها رقيقة العلم والثقافة لتتم السيطرة عليها بسهولة ودون عناء أو كثير مشقة كما يرون أن غير المتعلمة يمكن خداعها وهضم حقوقها وغير ذلك. غير أن المرأة قد تكون من الأسباب التي تغذي ذلك الاتجاه وتدفع إليه عن طريق بعض الجمعيات النسوية التي تنظر إلى العلاقة بين الرجل والمرأة علاقة عنصرية وكأن الرجل عدوها الأول والأخير ومن ثم فهي تغذي لدى النساء المنضويات تحت لوائها أحاسيس الكره والعداوة تجاه الرجل كرجل فتكون النتيجة الطبيعية أن يرتد هذا الكره والبغض من الرجل إلى المرأة خاصة المتعلمة ظنا منها أن التعليم كان وراء ذلك التوجه والسبب فيه. والحق أن الرجل والمرأة يكمل بعضهما بعضا ولا غناء للرجل عن المرأة ولا غناء للمرأة عن الرجل لذا يبغي أن تكون العلاقة بينهما علاقة تكاملية من أجل مجتمع متماسك أخلاقيًّا وقيميًّا. والحق أن التعليم يمثل جانبًا أساسيًا من جوانب تكوين شخصية المرأة وبنائها لذلك كان التعليم حقًّا من حقوق الإنسان ذكرا كان أو أنثى بل إن الإسلام قد سبق الأممالمتحدة في ذك سبقا واسعا ففي حين يرى ميثاق الأممالمتحدة لحقوق الإنسان أن التعليم حق لكل إنسان رأى الإسلام منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام أن : طلب العلم فريضة على كل مسلم فهو ليس حقًّا فحسب تفعله أو لا تفعله بل هو فرض عليك أن تفعله وتسعى إليه وإلا كنت آثما فالتعليم ليس مجرد خيار بل هو فرض كالصلاة والصيام والزكاة ولم لا وعليه مدار إيمانه وخشيته من ربه قال تعالى : (إنما يخشى الله من عباده العلماء) وهو السبيل إلى التطور والطريق إلى للتقدم والنهوض. ويلعب التعليم دورًا أساسيًّا في تحسين الجانب النفسيّ للمرأة فهو يعزز من ثقتها بنفسها وتمكينها من اتّخاذ القرارات الصحيحة مما يعود بالأثر الإيجابي على سلامتها النفسية وقدرتها على القيام بواجباتها نحو أولادها ومحيطها الاجتماعي فينعكس ذلك على علاقتها بأسرتها من زوج وأولاد. فالمرأة المتعلمة أكثر قدرة على فهم شريك حياتها وأكثر إقناعا له وأكثر قدرة في القيام بدورها في رعاية أولادها على عكس المرأة غير المتعلمة فإن الفجوة بينها وبين زوجها بل وبين كل محيطها تتسع. فبالعلم والثقافة تستطيع المرأة مجابهة ما يصادفها من مشكلات بطريقة صحيحة بعيدًا عن الأفكار التقليدية والعادات المتوارثة غير السليمة وغير المتماشية مع متطلبات العصر. كما يعود تعلم المرأة بالأثر الحسن على صحة أولادها وصحة أسرتها. ***** ما بين المتعلم والمتعلمة.. خوف أم تفاهم؟ أ. خالد السلامي جرت العادة أن يبحث الشاب المتعلم عن شريكة حياة قريبة من مستواه من حيث التعلم والثقافة وربما المستوى الاجتماعي هذا عدا الأخلاق والسمعة الحسنة وهذا أيضا ينطبق على موافقة الفتاة على المتقدم إليها فهي لا تعطي موافقتها إلا لمن يوافق صفات فارس أحلامها. ما يهمنا في مقالنا هذا هو العلاقة بين الزوج المتعلم وزوجته المتعلمة وكيف يمكن أن تكون تلك العلاقة ومدى تفهمهما لطبيعة هذه العلاقة. وطبيعي أن يعتمد نجاح هذه العلاقة على عدة مقومات أهمها وأولها هي تربية الطرفين والبيئة الأسرية التي خرج منها الزوجان فكلما زرعت تلك التربية في نفوسهما حسن الخلق والاحترام والتواضع والتساهل كلما كانت تلك العلاقة ناجحة ومستمرة ومثمرة لأسرة سعيدة متماسكة حتى وإن اختلفت مستوياتهما العلمية أو الوظيفية أو الاجتماعية والثقافية.. بينما لو تربى احدهما أو كلاهما على التعالي والتنمر والاستياء فستكون نتيجة تلك العلاقة هي التوتر المتواصل خصوصا إذا اختلفت مستوياتهما المذكورة آنفا نتيجة لتعالي أحدهما على الآخر وتنمره عليه للتقليل من شأنه.. وغالبا ما يحدث هذا التعالي والتنمر من قبل بعض الزوجات التي تكون شهادتها وتعليمها وربما منصبها الوظيفي أعلى من زوجها فعند ما يكون الوضع معكوسا يكون الأمر أفضل بعض الشيء لأن من الطبيعي أن يكون الزوج أكبر عمرا من زوجته وبالتالي قد تكون المستويات العلمية متقاربة او متساوية فلا يوجد ما يبرر حالات التعالي والتنمر بينهما. ويبقى سبب تخوف الرجل من المرأة المتعلمة إذا كان مستواها أعلى من مستواه يعود إلى احتمال تعاليها وتنمرها عليه لذا فمن الأفضل أن تكون المستويات متقاربة وإن لم يحصل هذا التساوي فمن الأفضل أن تكون الزوجة اقل مستوى علميا من زوجها والابتعاد قدر الإمكان عن الفارق الكبير بتلك المستويات العلمية والوظيفية والاجتماعية والمالية. ***** من العار أن تمتلئ أروقة المحاكم وتكثر بها قضايا توزيع الميراث أ. وحيدة رجيمي حسب ما ورد في الاستكتاب: في الأصل المتعلم حقيقة لا يخاف المتعلمة والعكس صحيح . إذا اعتمدنا هذا المنطلق وجعلناه أرضية لتحديد شتى التعاملات بين الطرفين ومن مختلف الأمكنة والأزمنة والوظيفة الحياتية.. فالتعليم يشكل حدا أدنى للتفكير والحوار بين الأفراد والمجتمعات خاصة فيما يتعلق بالتقارب بين الأجيال.. هناك الكثير من القواسم المشتركة التي تسهل التقارب والتلاقي.. ولو عددنا هذه القواسم لتبين أنها أكثر من تلك التي تشكل الريبة والتنافر.. الوظائف وتنوعها واختلافها في التعليم والصحة والإدارة والجامعة.. والوظائف السامية مدنية وعسكرية بعيدا عن مقياس الجنس وتجنيس المهام.. فالمرتب لا يفاصل بين جنس وجنس.. وإن اعتمد التصنيف بالرتب والدرجات. ورغم المستويات المتفاوتة فقد تؤدي للاختلاف الذي لا يعني الخلاف والصراع.. ولكن طبيعة المجتمعات هي التي تبعث بين الأفراد هذا التوجس وهذا التفاضل من خلال تلك العقد والشعور بالنقص لقد أثبتت الكثير من المهن والمسؤوليات أن هذه الاعتبارات تجاوزها الزمن نجار.. ممرض مع طبيبة مختصة والعكس.. شكلت عامل نجاح بعيدا عن المستوى التعليمي والثقافي والاجتماعي واختارت التكاملية.. فالمجتمعات المغلقة ما زال تمارس وتعيش هذا الارتباك في التفكير وتعاني من عقدة الشعور بالنقص والتعاطي بها.. رغم أنها داخل الأسرة الواحدة فإنها تعيش الشعور بالتباهي والإحساس بالفخر لنجاح وتفوق أحد أفرادها.. بعيدا عن حاجز الجنس وتجاوزه وخارج الحيز الضيق نجد هذا التمييز يصبح باهتا.. فقد تلعب التربية دورا مساهما في هذا التناقض تفضيل هذا على تلك وهي ناجمة عن موروث تجذر لاعتبارات ليست شرعية ولا قانونية ولكن هي تراكمية في المجتمعات المغلقة التي تستند على مبررات غير عقلانية.. فالشعور بالغيرة أو التزمت الذي يستند على أن المتعلمة مصيرها البيت وكأنها تعلمت لتصبح سجينة بحكم غيرها الذي لا تتقبله.. وهناك مجتمعات تحجب وتمنع عن المرأة حقها في الميراث رغم قناعاتها واقتناعها بعدالة ذلك وهي من الحقوق التي أقرها الشرع وعارضها الجهل. بينما نرى في المجتمعات المنفتحة على الحياة وهي أساسا مجتمعات ذات نسيج اجتماعي متنوع يتميز بقابليته للتأثر والتأثير يتصرف بمنطق ويحتكم إلى العدل. إن المجتمعات المنفتحة عندها قابلية للتزود بالمعرفة البناءة بينما غيرها ما يزال يتنازع فيما أقره الشرع يقبلون بعض الأحكام ويعترضون على غيرها. للأسف الشديد والمحزن ونحن في هذا العصر الذي تتطور فيه العلوم والتكنولوجيا فإن كثيرا من مجتمعاتنا ما تزال تتصرف بمنطق التخلف وتعترض على كثير من الأمور التي فصل فيها العلم والشرع والقانون فمن العار أن تمتلئ أروقة المحاكم وتكثر بها قضايا توزيع الميراث.. وغيرها من الحالات. ونحن في هذا القرن ما يزال بعض الأزواج يتحكمون في مرتبات زوجاتهم عنوة حتى لا تتكرم ببعض منه على والدها أو مساندة مريض من عائلتها. عند ما نتعمق في مجتمعنا وفي بعض المناطق نكشف بمرارة أننا ما نزال نعيش البداوة ونحن نلبس لباس العلم والحضارة. لقد تعددت الأسباب وتكاثرت ولكل منطقة وجهة أسبابها ومسبباتها وإن غلب عليها التعنت والغلو في فرض أحكام ما أنزل الله بها من سلطان. ومن أجل تجاوز هذه السلبية ومظاهرها.. يجب مقاومتها والاعتراض عليها بمنطق التوافق والانسجام بعيدا عن التصادم والتعنت وتكريس منطق الاحترام أثناء معالجة القضايا بعيدا عن الصراخ والعنف.. والتدرج في إيجاد صيغ تفاهم ستخفف من كل التشنجات والعصبية.