قُلتُم في أحد الأجوبة أنّ طلاق المرأة وهي حائض طلاق بدعي، فهل معنى هذا أنّه لا يقع؟ l الطلاق البدعي هو الّذي يوقعه الزوج خلاف السُنّة، كأن يطلّقها وهي حائض، أو كأن يطلّقها في طُهر مسّها فيه، أو كأن يُكرّر لفظ الطلاق ثلاثًا أو أكثر في مجلس واحد. فهذه صور من صور الطلاق البدعي، وحُكمه أنّه يقع عند جمهور العلماء ويُحتسَب تطليقة، ولا بد من تحرّي الطلاق السني المشروع الّذي يُحقّق المصالح لجميع الأطراف، فما شُرع الطلاق إلاّ في مثل الحالات الّتي تستحيل فيها المعاشرة بين الزّوجين. وصورة الطلاق السني هو أن ينتظرها إذا حاضت حتّى تطهر ولا يُجامعها بعد طهرها، ثم يشهد شاهدين عدلين على طلاقها. كما يُشرَع الخُلع إذا وجدت الزوجة ضررًا في حياتها إن بقيت مع زوجها، كأن أصبحت حياتها في غمّ وكرب، فتطلب من زوجها أن يخلعها من عصمته وتعطيه مبلغًا من المال، من الأفضل أن لا يزيد عن مهره الّذي أعطاه لها. قال تعالى: {فإِنْ خِفتُم ألاَّ يُقيمَا حدودَ الله فلا جُناحَ عليهما فيما افْتَدَتْ به}، البقرة .229 نسأل الله أن يُصلح أحوال جميع الأزواج. توفي أب وترك تركة ذات وزن، لكن أولاده حرموا أخواتهم من الميراث؟ l يجب العدل في قسمة الميراث بين الأولاد، بإعطاء كلّ ذي حقّ حقَّه، كما بيّن ذلك ربُّ العِزّة في القرآن، قال تعالى: {يُوصيكُم الله في أولادِكُم لِلذَّكَر مثْلُ حظِّ الأُنْثَيَيْنِ فإنْ كُنَّ نساء فوقَ اثنَتَيْن فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَك وإنْ كانت واحدةٌ فلهَا النِّصفُ ولِأَبَويهِ لكُلّ واحدٍ منهما السُّدُسُ ممّا ترك إنْ كان له ولدٌ فإنْ لم يكن له ولدٌ وَوَرِثَهُ أبواهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُث فإنْ كان لهُ إخوةٌ فَلأُمِّه السُّدس مِن بعدِ وصيَّةٍ يُوصي بها أو دَيْن آباؤُكُمْ وأبناؤكم لا تدرون أهُم أقربُ لكُم نَفْعًا فريضةً من الله إنّ الله كان عليمًا حكيمًا}، النساء .11 فهذه الآية والّتي تليها والآية الّتي في خاتمة سورة النساء هي آيات عِلم الفرائض، وقد تولّى الله عزّ وجلّ تقسيم الميراث بين مستحقّيه، لأهمية هذا الموضوع في حياة النّاس، وعلاقتهم في الأسرة الواحدة والعائلة الواحدة، والّتي يجب أن يسودها التّعاون والوحدة والاتّفاق، ولرفع الظلم الّذي كان في الجاهلية، حيث كانت المرأة تحرم من حقّها في الميراث احتقارًا لها وحيفًا. ومن المؤسف أن نسمع عن أناس اليوم يفكّرون بتفكير الجاهلية، ويحرمون الأنثى من حقّها الّذي بيّنه الله من فوق سبع سموات وأنزله قرآنًا يُتلى، ليكون حجة على جميع مَن سوّلَت لهم أنفسهم عدم العدل في قسمة الميراث. عن عبد الله بن عمرو، رضي الله عنهما، أنّ رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، قال: ''العلم ثلاثة وما سِوى ذلك فهو فضل: آية محكمة، أو سُنّة قائمة، أو فريضة عادلة''، رواه أبو داود وابن ماجه. وإنّ هذا التّقسيم الإلهي لدليل على رحمة الله سبحانه وتعالى بعباده. يقول ابن كثير في تفسير الآية الّتي ذكرناها: ''وقد استنبط بعض الأذكياء من هذه الآية أنّه تعالى أرحَم بخلقه من الوالد بولده، حيث أوصى الوالدين بأولادهم فعلم أنّه أرحم بهم منهم، كما جاء في الحديث الصحيح أنّه، صلّى الله عليه وسلّم، رأى امرأة من السبي تدور على ولدها، فلمّا وجدته، أخذته فألصقته بصدرها وأرضعته، فقال صلّى الله عليه وسلّم لأصحابه: ''أترون هذه طارحة ولدها في النّار وهي قادرة على ذلك؟ قالوا: لا يا رسول الله. قال: فوالله لله أرحَم بعباده من هذه بولدها''، أخرجه البخاري ومسلم. وقد تنادي بعض النساء الغافلات اللواتي أعمت الغفلة قلوبهنّ وعقولهنّ عن فهم هذه النّصوص الشّرعية وإدراك مقاصدها والعمل بها بل وفي كلّ شيء تحديًا للتّقسيم الإلهي، تعالى الله عن تلك الصفات علوًا كبيرًا. فلتبادر هؤلاء النساء إلى التوبة الصادقة وإلى الاستسلام لأوامر الله سبحانه وتعالى قبل فوات الأوان. فإعطاء الذَّكَر مثل حظ الأنثيين لا يعني أنّه انتقاص من جنس النساء، وإنّما ذلك من العدل بينهم، لما يترتّب على الرجل من مؤنة النّفقة والكلفة وغير ذلك ممّا تتطلّبه التزامات الرجل العائلية والاجتماعية.