في مدينة الأبيض سيدي الشيخ فرنسا وأول تجربة تنصيرية في التاريخ -الجزء السادس والستون بعد المائة- بقلم: الطيب بن ابراهيم *مادلين تسافر من الأبيض إلى بني عباس سيرا على الأقدام كانت المنصرة مادلين اوتان مؤسسة إرسالية أخوات يسوع الصغيرات بالأبيض سيدي الشيخ نسخة مشابهة لزميلها وقدوتها الأب روني فوايوم حيث اتبعت خطواته وقلدته في جل نشاطاته فكما أسس إرسالية بالمدينة وإرسالية بالبادية فعلت نفس الشيء وكما كان يُرسل تقارير عمله ونشاطه للبابا شخصيا ويلتقي معه فعلت نفس العمل وكما قام برحلة سير على الأقدام عبر الصحراء لمئات الكيلومترات من مدينة الأبيض سيدي الشيخ إلى مدينة المنيعة لزيارة قبر شيخه شارل دي فوكو قامت مادلين أوتان هي الأخرى برحلة عبر الصحراء سيرا على الأقدام من مدينة الأبيض إلى مدينة بني عباس إلى أول صومعة لشيخها شارل دي فوكو أيضا بالإضافة لذلك شاركت الأب روني فوايوم في رحلاته انطلاقا من صحراء الجزائر إلى دول إفريقية مثل (الكاميرون) على متن سيارة خاصة كما شاركته في جميع رحلاته حول العالم غربا وشرقا وصولا إلى ألاسكا في القطب الشمالي!. *رحلات التبشير كان زعماء إرساليتي الإخوة والأخوات يرغبون أن يكونوا قدوة ومضرب المثل لطلبتهم من المتكونين والمتكونات الشاب في التضحية والفداء من أجل الكنيسة ويسوع وقد تمثلت تلك التضحية في الرحلات الصحراوية الطويلة المسافات التي قام بها رئيس الإرسالية الأب روني فوايوم سيرا على الأقدام انطلاقا من مدينة الأبيض سيدي الشيخ وصولا إلى مدينة المنيعة بالجنوب الشرقي وأكثر من رحلة قام بها خليفته على رأس الإرسالية الأب ميلاد عيسى بزيارة مدينة بني عباس انطلاقا من مدينة الأبيض سيرا على الأقدام وهو نفس العمل الذي قامت به العجوز مادلين اوتان برحلتها الشاقة والتاريخية انطلاقا من مدينة الأبيض سيدي الشيخ وصولا إلى مدينة بني عباس بأقصى الجنوب الغربي والتي تبعد عن مدينة الابيض سيدي الشيخ بحوالي 600 كيلومتر وكانت مادلين قد تجاوز عمرها خمسين سنة وهي المولودة سنة 1898 والمعلولة صحيا وقد تمت تلك الرحلة في السنة التي انسحبت فيها من على مسرح الأحداث وتركت المسئولية لخليفتها الأخت جين jeanne في نهاية السنة أي كانت رحلتها قبل شهرين فقط من مغادرتها للأبيض والجزائر نهائيا. انطلقت رحلة مادلين اوتان من مدينة الأبيض سيدي الشيخ يوم الأحد 27 فبراير سنة 1949 على الساعة العاشرة والنصف صباحا وبعد أن قضت ليلتها الأولى في الصحراء تحت الخيمة مرت صبيحة يوم الاثنين 28 فبراير سنة 1949 رفقة الوفد المرافق لها ببادية مشاقين وهي منطقة تعرفها مادلين جيدا وقد سبق لها أن زارتها أكثر من مرة ويوم الثلاثاء الأول من شهر مارس من نفس السنة كانوا ضيوفا عند السي البشير بن عيسى (الحاج البشير) بالخرواعة وفي ذلك اليوم راسلت الأخت مادلين زميلها الأب روني فوايوم . وفي اليوم الرابع من شهر مارس 1949 كانت القافلة في اتجاه واد الناموس لتغادره يوم السبت الخامس من نفس الشهر ويوم 6 مارس مرت القافلة بواد الصفصاف وكان مبيتهم في ذلك اليوم بواد الزوبيا ويوم الثلاثاء 8 مارس حلوا ببني ونيف ومن هناك راسلت مادلين مرة أخرى الأب روني فوايوم عن رحلتها وأهم محطاتها ومشاعرها وبعد أسبوع من السير على الأقدام وصلت الأخت مادلين ومرافقوها إلى مدينة بشار يوم 14 مارس ثم واصلت مادلين والوفد الموافق لها الرحلة إلى مدينة بني عباس التي حلت بها يوم الأربعاء 16 مارس سنة 1949. كانت القافلة مكونة من سبعة أشخاص خمسة أخوات ورجل يرافقهن بالإضافة لدليلهم من سكان المدينة وهو نفسه دليل رئيسي الإرسالية السابق واللاحق روني فوايوم وميلاد عيسى إنه الشيخ بن بحوص وهو صاحب الجمال الخمسة التي كانت تحمل خيمهم ومؤونتهم وأفرشتهم وأوانيهم وكل أمتعتهم وكان سيرهم متواصلا يوميا لمدة ثلاث ساعات صباحا وثلاث ساعات مساء وما تبقى من وقت يخصص لنصب الخيم وتحضير الطعام وبعض الراحة قبل النوم. *رحلة مادلين كان الحنين يشد تلامذة شارل دي فوكو لزيارة وتفقد مناطق تواجد شيخهم بصحراء الجزائر من بني عباس غربا الى المنيعة شرقا إلى تامنراست في أقصى الجنوب الشرقي وهو العمل الذي قامت به الأخت مادلين برحلتها الشاقة إلى مدينة بني عباس حيث أول صومعة أقامها زعيمهم الروحي شارل دي فوكو بأرض الجزائر بمدينة عين بني عباس التي حلّ بها أول مرة سنة سنة 1901. أخيرا وصلت الأخت مادلين لمدينة بني عباس يوم 16 مارس 1949 على متن شاحنة نقلتها من مدينة بشار بعد أن انهارت قوتها وعجزت على مواصلة الرحلة سيرا على الأقدام ومع ذلك تبقى المرأة الحديدية التي لا تعرف الكلل ولا الملل في التنقل سيرا على الأقدام عبر الصحراء التي هي بيئة غريبة عليها قاطعة مسافة مئات الكيلومترات خلال عشرات الأيام دون أن تفقد الأمل في تنصير طفل يتيم أو فقير أو مريض وهكذا كان يحذو كل أعضاء حزبها حذوها من الرجال والنساء. وهي التي سبق لها أن جالت في صحراء الجزائر وزارت المدن التالية: العين الصفراء بشار المنيعة توقرت بوسعادةورقلةغردايةبسكرة تامنراست. مكثت مادلين عند صومعة شيخها هناك مدة أسبوعين لتعود الى مدينة الأبيض سيدي الشيخ يوم 28 مارس من نفس الشهر. ويظهر أن مادلين اتخذت من هذه الرحلة الشاقة والتاريخية حدثا كبيرا تختم به حياتها في الجزائر إذ بعد شهر فقط من إنهاء رحلتها تلك قررت مغادرة الجزائر والتخلي عن مسئوليتها القيادية وتمت فعلا مغادرة مادلين للأبيض سيدي الشيخ نهائيا يوم 23 افريل سنة 1949 باتجاه مدينة وهران ومنها نحو فرنسا حيث استقرت نهائيا هناك ولم تعد تربطها بمدينة الابيض إلا تلك الزيارات خاصة بالمناسبات كمناسبة تأسيس إرسالية البادية سنة 1951 وهكذا كان حال الأب فوايم هو الآخر يتردد على زيارة مدينة الأبيض بين الفينة والأخرى قبل أن يفقد بصره ويبلغ عجزه مداه وكانت وفاته سنة 2003 بعد أن توفت مادلين قبله سنة 1989. يتبع...