قررت كافة التيارات الإسلامية المصرية مقاطعة المليونية التي دعت إليها بعض الائتلافات والحركات والأحزاب يوم الجمعة 9 سبتمبر، تحت شعار "جمعة تصحيح مسار الثورة"، والتي تدعو خصوصًا إلى المطالبة بإنهاء الحكم العسكري وتشكيل مجلس رئاسي مدني، وهي المطالب التي تمثل برأي الرافضين محاولة للتحايل على نتائج التعديلات الدستورية واستحقاقات المرحلة الانتقالية وتعبر بشكل أو بآخر عن الدعوة لوضع "الدستور أولاً"، التي قوبلت بالرفض القاطع من قبل الإسلاميين. وصرح الدكتور محمود غزلان المتحدث الرسمي باسم جماعة "الإخوان المسلمين" ل "المصريون"، أن الجماعة لن تشارك في مليونية الجمعة القادمة، لأن "المظاهرات والمليونيات في حد ذاتها ليست هدفا، وخاصة حينما تتحول لدى البعض إلى هدف لتعطيل مسيرة الحياة في البلد والمرحلة الانتقالية". وأضاف: حينما نضطر أن نتظاهر فلابد أن يكون هناك أسباب قوية ومقنعة، الأمر الذي لا يتوفر في الدعوة للمليونية القادمة. ووصع المطالب بتشكيل مجلس رئاسي مدني وغيرها من مطالب يرفعها الداعون إلى مليونية 9 سبتمبر بأنه حلقة من مسلسل "الدستور أولا"، مشيرا إلى أن تلك المطالب سبق أن طرحت قبل ذلك "مليون مرة" ولم تحظ بتأييد من قبل الجماهير ولم يكن هناك التفاف حولها. وشاطره الرأي الدكتور طارق الزمر القيادي البارز بمجلس شورى "الجماعة الإسلامية"، مبديا رفضه المشاركة في المليونية القادمة، باعتبارها محاولة الالتفاف على نتيجة استفتاء 19 مارس، والإرادة الشعبية للمصريين التي تجسدت في التصويت عليه ب "نعم" بأغلبية كبيرة، ووصف تلك المليونية بأنها "صورة من صور الحركات الانقلابية وليست الثورية"، وأكد أن الجماعة ستعلن بشكل رسمي موقفها النهائي من تلك المليونية غدًا. من جانبه، أكد الدكتور كمال حبيب وكيل مؤسسي حزب "السلامة والتنمية"- تحت التأسيس- أن الدعوة إلى مليونية 9 سبتمبر دون الرجوع من قبل الداعين إلى كافة الفصائل الوطنية والسياسية لا يلزم إلا القوى الدعية لها التي قررت التظاهر دون الرجوع إلى القوة الوطنية الأخرى. وقلل حبيب من جدوى الدعوة إلى المليونيات دون أن يكون هناك اتفاق مسبق على قائمة المطالب التي سيتم رفعها، مؤكدا أن هناك بعض القوى السياسية لا يشغلها سوى الدعوة إلى تنظيم المليونيات في حين أن التظاهر لا يمثل بحد ذاته الهدف، بل أن هناك أهداف أخرى بعيدا عن تنظيم المليونيات. وتابع: الدعوات ذات الطابع المتطرف من قبيل محاكمة المشير محمد حسين طنطاوي، وخلق المشاكل مع المجلس العسكري لا مجال لها لدينا، معتبرا أن هذا ليس "ممايعة" مع المجلس العسكري لكنه حفاظ على الدولة المصرية، لأنه في النهاية إذا سقط المجلس فسندخل في مرحلة لن نعرف مدى نهايتها إلى جانب أننا لن نجد مفاوضا نتفاوض معه إذا سقط المجلس. وأكد حبيب، أن المطالبة بتغيير مسار المرحلة الانتقالية والبدء بتشكيل مجلس رئاسي مدني هو كلام مرفوض جملة وتفصيلا، ورأى أن هذا الأمر محاولة لقطع الطريق على "خارطة الطريق" التي وافق عليها الشعب المصري بشأن العملية الانتقالية. متفقا معه في الرأي، أعلن حزب "الإصلاح والنهضة" على لسان متحدثه الرسمي عصام زيدان رفضه المشاركة في مليونية الجمعة القادمة، لأنه يري عدم جدوى الدعوة لمليونيات ولن تكون لها فائدة بخاصة في تلك المرحلة، خاصة مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات البرلمانية والتي تمهد بشكل كبير لنقل السلطة للمدنيين. وأضاف أن الدعوة إلي تشكيل مجلس رئاسي مدني والحديث عن تغيير للمسار الطبيعي والدستوري للمرحلة الانتقالية هو خروج عن الشرعية والإرادة الشعبية، ويجب أن تنتهي المرحلة الانتقالية بالشكل الذي ارتضاه الشعب المصري، معتبرا أن مطالب تلك المليونية هي حلقة من حلقات مسلسل المطالبين بالدستور أولا ولن يرضى بها أحد. من ناحيته، كذّب الدكتور محمد أمام الأستاذ بجامعة الأزهر، عضو المكتب السياسي بحزب الفضيلة السلفي -تحت التأسيس- ما ذكرته جريدة "المصري اليوم" عن اعتزام الحزب المشاركة في مليونية 9 سبتمبر. وقال، إن الحزب لن يشارك في تلك المليونية لأنه لم يعرف طبيعة وحقيقة أهدافها، وبالتالي فلن يشارك فيها، مضيفا: ليس كل من توجه إلى ميدان التحرير ينبغي علينا نهرول خلفه ونلبي نداءه، ولابد من معرفة أهدافه الحقيقية والغايات المقصودة، وإلا فإننا نشتم رائحة غير جيدة من مليونية 9 سبتمبر. وأبدى إمام رفضه الضغط على المجلس العسكري في المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد، مؤكدا رفضه أيضا استبدال عملية الإحلال والتجديد المستمرة التي ينادي بها بعض التيارات والقوة الوطنية. وأضاف: الحزب لا يحبذ وجود مجلس رئاسي مدني في تلك المرحلة، فالمجلس العسكري قد توافقت إرادة الشعب عليه وهو ممثل شرعي بموجب الاستفتاء الأخير والإرادة الشعبية، معتبرا أن المجلس يشكل ضمانه قوية لإنهاء المرحلة الانتقالية وتسليم السلطة إلى المدنيين، رافضا أن يكون ذلك من قبيا المداهنة للمجلس العسكري، لكنه قال إنه يخشى إصابة البلد بحالة من الاضطراب في هذه المرحلة الهامة. بدوره أكد الدكتور خالد سعيد المتحدث باسم الجبهة السلفية عدم مشاركة الجبهة في المليونية القادمة، مكذبا ما أعلنت "المصري اليوم" بهذا الشأن، متوقعا ألا تجد الدعوة لها صدى كبير وأن يكون الفشل مصيرها. وأكد أنها لن تكون "ثورة غضب ثالثة"، لأن الداعين له أهدافهم غير واضحة، خاصة وأنهم تقدموا في البداية بمطالب تسليم المجلس العسكري للسلطة لمجلس مدني غير منتخب، ما يعني تأجيل الانتخابات وبالتالي تعطيل المسار الدستوري للمرحلة الانتقالية.