القاهرة - تتزايد ضغوط القوى السياسية في مصر على المجلس العسكري القائم بإدارة الامور في البلاد منذ تنحي الرئيس السابق حسني مبارك لتغيير الاجندة الوطنية بوضع دستور جديد قبل اجراء الانتخابات البرلمانية المقررة في سبتمبر القادم. وقد دخل على خط الدعوة لتأجيل الانتخابات التشريعية رئيس مجلس الوزراء عصام شرف الذي أكد ميله لوضع الدستور اولا . وقال انه يفضل بشكل شخصي اتاحة وقت اضافي قبل اجراء تلك الانتخابات. واضاف ان الساحة السياسية تشهد حاليا حوارات بين التيارات السياسية المختلفة وان البعض طالب بالتأجيل لإعطاء فرصة تبلور الحراك السياسي وصولا إلى نتائج ملموسة. ولكن شدد على ان قرار المواطنين في هذا الشأن هو الفيصل وان اختاروا التغيير في هذا التوقيت فلا بد من الاستجابة لهم. وكان المجلس الاعلى العسكري قد اصدر في وقت سابق اعلانا دستوريا يحدد خريطة الطريق لانتقال السلطة في البلاد يتضمن اجراء الانتخابات البرلمانية في سبتمبر المقبل على ان يتولى النواب تشكيل لجنة لصياغة دستور جديد. وترفض قوى سياسية ليبرالية ويسارية اجراء الانتخابات التشريعية قبل وضع دستور جديد معربة عن تخوفها من هيمنة الاسلاميين على مقاعد البرلمان مما قد يؤدي إلى دستور يحمل "صبغة دينية تتنافى ومبادئ الدولة المدنية". في حين تعارض التيارات الإسلامية بشدة وفي مقدمتها جماعة "الإخوان المسلمين" وضع دستور اولا معتبرة أن اتخاذ مثل تلك الخطوة "افتئات على إرادة الشعب الذي صوتت غالبيته لمصلحة التعديلات الدستورية". و دعت سبع منظمات حقوقية في بيان مشترك المجلس الأعلى للقوات المسلحة ب "التفاعل البناء مع مطالب قوى الثورة بإعادة النظر في ترتيب أولويات المرحلة الانتقالية بما يضمن إعطاء الأولوية لإعداد دستور جديد للبلاد تنتظم في ظل قواعده مؤسسات نظام حكم ديموقراطي بديل وتجري بعده الانتخابات الرئاسية والنيابية وفقا لهذه القواعد". و اعتبرت أن الاستجابة لمطلب "الدستور أولا" يشكل خطوة منطقية يقضيها الانحياز المعلن من جانب الجيش لمشروعية الثورة ورأت أن تشييد مؤسسات "النظام الجديد" وفقا للقواعد الدستورية للنظام القديم "إحياء للنظام القديم". وفي سياق متصل اعلنت اليوم الثلاثاء مصادر من الجمعية الوطنية للتغيير التي أطلقها في شهر فبراير من العام الماضي المعارض البرادعي المرشح المحتمل للرئاسة في مصر ان وفدا عنها يتوجه إلى رئيس مجلس الوزراء عصام شرف لتسليمه خطابا يطالبونه فيه باستطلاع رأى المحكمة الدستورية العليا أو لجنة الفتوى والتشريع بمجلس الدولة لحسم أزمة "الدستور أولا". ورغم تأكيد النائب الأول لرئيس مجلس الدولة رئيس الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع المستشار محمد عطية أن "الهيئات القضائية غير مختصة بحسم المسألة" فان للفقيه الدستوري محمد نور فرحات عضو الجمعية راي اخر يستند حسب مصادر اعلامية إلى "قانون مجلس الدولة الذى يجيز إبداء الرأي في المسائل الدستورية المحالة إليه من رئيس الجمهورية". وفي محاولة لإيجاد صيغة توافقية اعلن حزب الوفد الليبرالي عن طرحه فكرة خوض الانتخابات التشريعية بالقائمة الموحدة بين الحزب وجماعة الاخوان المسلمين دون اقصاء اي فصيل سياسي او حزبي اخر حتى لا يستأثر فريق او حزب بمجلس الشعب المقبل. وقال العضو القيادي في الحزب بهاء ابو شقة ان هذا النظام الذي وافقت عليه الجماعة يتيح تمثيلا افضل لكل التيارات السياسية وان تكون الحكومة القادمة ائتلافية وتعبر عن جميع القوى السياسية.