أمطار وثلوج على عدد من الولايات    وساطة الجمهورية تنظم ندوة حول تعزيز حوكمة المرفق العام بعنابة    بوجمعة يعقد اجتماعا مع الرؤساء والنواب العامين للمجالس القضائية    الدراج الجزائري ياسين حمزة يحتفظ بالقميص الأصفر    سفيرتنا لدى إثيوبيا تفوز بمنصب نائب رئيس المفوضية    الطيب زيتوني..تم إطلاق 565 سوقًا عبر كامل التراب الوطني    وزارة الصحة تنظم فعاليات الأسبوع الوطني للوقاية في تيبازة    الصحفية "بوظراف أسماء"صوت آخر لقطاع الثقافة بالولاية    الشهداء يختفون في مدينة عين التوتة    غريب يؤكد على دور المديريات الولائية للقطاع في إعداد خارطة النسيج الصناعي    خنشلة.. انطلاق قافلة تضامنية محملة ب54 طنا من المساعدات الإنسانية لفائدة سكان قطاع غزة بفلسطين    انخفاض حرائق الغابات ب91 بالمائة في 2024    جانت.. إقبال كبير للجمهور على الأيام الإعلامية حول الحرس الجمهوري    عطاف يتلقى اتصالا هاتفيا من قبل رئيس الحكومة اللبنانية    هذه رسالة بلمهدي للأئمة    تسويق حليب البقر المدعم سمح بخفض فاتورة استيراد مسحوق الحليب ب 17 مليون دولار    فريقا مقرة وبسكرة يتعثران    الجزائر تواجه الفائز من لقاء غامبيا الغابون    متعامل النقال جازي يسجل ارتفاعا ب10 بالمائة في رقم الأعمال خلال 2024    بداري يرافع لتكوين ذي جودة للطالب    معرض دولي للبلاستيك بالجزائر    وزير العدل يجتمع برؤساء ومحافظي الدولة    أمن البليدة يرافق مستعملي الطرقات ويردع المتجاوزين لقانون المرور    توفير 300 ألف مقعد بيداغوجي جديد    هكذا ردّت المقاومة على مؤامرة ترامب    حملات إعلامية تضليلية تستهدف الجزائر    قِطاف من بساتين الشعر العربي    كِتاب يُعرّي كُتّاباً خاضعين للاستعمار الجديد    هكذا يمكنك استغلال ما تبقى من شعبان    شايب يشارك في لقاء تشاوري مع جمعية الأطباء الجزائريين في ألمانيا    الجيش الصحراوي يستهدف قواعد جنود الاحتلال المغربي بقطاع الفرسية    محمد مصطفى يؤكد رفض مخططات التهجير من غزة والضفة الغربية المحتلتين    عرض فيلم "أرض الانتقام" للمخرج أنيس جعاد بسينماتيك الجزائر    المغرب: تحذيرات من التبعات الخطيرة لاستمرار تفشي الفساد    الرابطة الأولى: نجم مقرة واتحاد بسكرة يتعثران داخل قواعدهما و"العميد " في الريادة    موجب صفقة التبادل.. 369 أسيراً فلسطينياً ينتزعون حريتهم    الذكرى ال30 لرحيله : برنامج تكريمي للفنان عز الدين مجوبي    إعفاء الخضر من خوض المرحلة الأولى : الجزائر تشارك في تصفيات "شان 2025"    سلمى حدادي تفتك منصب نائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي    تضاعف عمليات التحويل عبر الهاتف النقّال خلال سنة    6 معارض اقتصادية دولية خارج البرنامج الرسمي    الديوان الوطني للمطاعم المدرسية يرى النور قريبا    "سوناطراك" تدعّم جمعيات وأندية رياضية ببني عباس    انطلاق التسجيلات للتعليم القرآني بجامع الجزائر    تنسيق بين "أوندا" والمنظمة العالمية للملكية الفكرية    22 نشاطا مقترحا للمستثمرين وحاملي المشاريع    حمّاد يعلن ترشحه لعهدة جديدة    دراجات: طواف الجزائر 2025 / الجزائري ياسين حمزة يفوز بالمرحلة السابعة و يحتفظ بالقميص الأصفر    محرز ينال تقييما متوسطا    كيف كان يقضي الرسول الكريم يوم الجمعة؟    سايحي يواصل مشاوراته..    صناعة صيدلانية : قويدري يبحث مع نظيره العماني سبل تعزيز التعاون الثنائي    وزير الصحة يستقبل وفدا عن النقابة الوطنية لأساتذة التعليم شبه الطبي    وزير الصحة يستمع لانشغالاتهم..النقابة الوطنية للأسلاك المشتركة تطالب بنظام تعويضي خاص    وزير الصحة يلتقي بأعضاء النقابة الوطنية للأسلاك المشتركة للصحة العمومية    هذه ضوابط التفضيل بين الأبناء في العطية    أدعية شهر شعبان المأثورة    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فيروس ستاكس نت الصهيوني يهاجم إيران!
نشر في أخبار اليوم يوم 06 - 09 - 2011

هاجمت وكالة الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية، الموساد، برنامج إيران النووي عبر استعمال فيروس إلكتروني بالغ التطوّر اسمه {ستاكس نت} (Stuxnet). إنه السلاح الرقمي الأول الذي يحتل أهمية جيوسياسية كبرى ويمكنه أن يغيّر طريقة خوض الحروب، لكنه لن يكون آخر اعتداء من نوعه. لتقرأ ما كتبته مجلة {شبيغل} الألمانية في هذا الإطار..
على التلة بالقرب من تقاطعٍ على الطريق السريع الذي يصل بين تل أبيب وحيفا، يقع مبنى معروف بكل بساطة باسم {التلة} في اسرائيل. تساوي مساحة هذا الموقع مساحة عدد من ملاعب كرة القدم، وهو معزول عن العالم الخارجي، له جدران عالية، وتحيط به أسلاك شائكة. إنه أشبه بقلعة معاصرة ترمز إلى معركة إسرائيل للصمود في الشرق الأوسط. بما أن هذه القلعة المحصّنة هي مقر وكالة الموساد الاستخبارية الخارجية في إسرائيل، يُعتبر هذا المكان محظوراً على السياسيين والصحافيين في آن. في الأحوال الطبيعية، فريق الموساد هو الذي يزور هذا المقر وليس العكس.
طرأ تعديل موقّت على سياسة الوكالة التي تمنع دخول الزوار في أحد أيام الخميس من شهر يناير الماضي، حين ركنت حافلة صغيرة لها نوافذ سوداء في موقف السيارات أمام دار سينما مجاور للمنطقة. فطُلب من الصحافيين في الداخل أن يسلّموا هواتفهم الخليوية ومسجِّلاتهم. ثم دعاهم مير داغان، رئيس الموساد النافذ، للدخول إلى المنشأة. كان ذلك يومه الأخير في هذا المنصب الذي تولاه طوال سبع سنوات. في ذلك اليوم من شهر يناير، حضر الصحافيون إلى المكان كي يشهدوا على الإرث الذي سيخلّفه داغان: معركة الموساد ضد برنامج إيران النووي.
تحدّث داغان بكل حماسة عن مخاطر تنفيذ ضربة عسكرية محتملة ضد إيران، معتبراً أن أي اعتداء مماثل سيؤدي إلى اشتعال الوضع في المنطقة، بما يشمل اندلاع حرب مع حزب الله وحماس، وربما سورية. كل من يظن أن توجيه ضربة عسكرية يمكن أن يضع حداً لبرنامج إيران النووي هو على خطأ، بحسب قول داغان. وأضاف أن هذه الخطوة قد تبطئ مسار البرنامج، لكن بشكل موقت فحسب. لهذا السبب، كان رئيس الموساد المنتهية ولايته يعارض استعمال القنابل، ولكنه كان يؤيد في المقابل أي خطوة من شأنها إعاقة برنامج إيران النووي من دون شن حرب تقليدية.
هكذا أصبح مصطلح {التأخير} الكلمة السحرية الجديدة. لتحقيق هذه الغاية، ابتكر رئيس الموساد سلاحاً عجيباً كان يعرف عنه جميع الحاضرين في قاعة الاجتماعات في ذلك اليوم من شهر يناير، ولكنّ داغان لم يذكره بالإسم: إنه فيروس {ستاكس نت}!
}ستاكس نت} فيروس إلكتروني يمكنه اختراق أكثر الحواسيب أماناً والتي لا تتصل بشبكة الإنترنت، وهو إنجاز كان يُعتبر مستحيلاً سابقاً. دخل هذا الفيروس على الساحة السياسية العالمية منذ أكثر من سنة، في شهر يونيو من العام 2010. هاجم الفيروس الحواسيب في منشأة نطنز النووية في إيران، حيث يعمل العلماء على تخصيب اليورانيوم، وتلاعب بأجهزة الطرد المركزي لجعلها ذاتية التدمير. وبذلك اخترق الاعتداء عمق برنامج إيران النووي.
«ستاكس نت} أول سلاح إلكتروني له أهمية جيوسياسية في العالم. عمد فرانك ريغر، من منظمة القرصنة الألمانية الأسطورية، {نادي فوضى الحواسيب} (Chaos Computer Club )، إلى وصف الفيروس بعبارة {خارق التحصينات الرقمي}. يمثل الفيروس إضافة جديدة وأساسية إلى ترسانة الحرب المعاصرة. فهو يسهّل شن اعتداء عسكري عبر استعمال برنامج محوسب مصمّم لتحقيق هدف معين.
بعد مرور عام على ظهور الاختراع، تحرص جميع شركات أمن الإنترنت وحكومات البلدان الكبرى على معالجة مشكلة فيروس {ستاكس نت} وتداعياته، فضلاً عن اتخاذ التدابير اللازمة نتيجةً لذلك. لاكتشاف المزيد عن {ستاكس نت} وفهم المعطيات الكامنة وراء هذا الفيروس، سافر فريق عمل صحيفة {شبيغل} إلى اسرائيل حيث ابتُكر هذا السلاح الإلكتروني.
تعقّب مصدر الاعتداء
يقع مقر الفرع الإسرائيلي التابع لشركة أمن الحواسيب الأميركية {سيمانتك} (Symantec) في مبنى عادي معاصر في تل أبيب، على بُعد 15 دقيقة بالسيارة من مطار بن غوريون الدولي. يقابل سام أنجل، رئيس فرع {سيمانتك} في اسرائيل، الزوار في المرآب تحت الأرض ويصطحبهم إلى قاعة الاجتماعات في الطابق الرابع. في بداية عرضه عبر برنامج {باور بوينت} (PowerPoint)، يقول أنجل: {ستاكس نت هو أكثر الاعتداءات تطوراً على الإطلاق. ويُعتبر هذا النوع من الاعتداءات على نظام صناعي متطوّر ومعزول عملية غير مألوفة}. ثم يعرض خارطة على الجدار تُظهر البلدان التي تعرّضت لهذا الاعتداء: إيران، أندونيسيا، ماليزيا، وبيلاروسيا حيث اكتشف رجل اسمه سيرغي أولاسين فيروس {ستاكس نت}.
تلقى أولاسين، الذي يعمل في قسم الأبحاث والتنمية في شركة {فيروس بلوكادا} (VirusBlokada) الأمنية في مينسك رسالة إلكترونية بدت عادية نسبياً في 17 يونيو 2010. كانت إحدى الشركات الإيرانية تتذمّر من أن حواسيبها تعمل بشكل غريب، كونها تُغلَق وحدها ثم يُعاد تشغيلها تلقائياً. أمضى أولاسين وزميل له أسبوعاً كاملاً في فحص الأجهزة، ثم اكتشفا فيروس {ستاكس نت}. فأرسلت {فيروس بلوكادا} بلاغاً بهذه المعلومات إلى شركات أخرى معنيّة بهذا القطاع، بما في ذلك {سيمانتك}.
عندما بدأ المهندسون في {سيمانتك} العمل، رصدوا جهازين كانا قد وجّها تلك الاعتداءات. كان أحد خادمَي الشبكة يقع في ماليزيا والآخر في الدنمارك، وكان يمكن تعقّبهما عبر العنوانين الإلكترونيين (www.todaysfutbol.com) و(www.mypremierfutbol.com). لقد حصل التسجيل بأسماء مزيّفة وعبر استعمال بطاقة ائتمان مزوّرة، عن طريق إحدى أكبر شركات خدمة الإنترنت في العالم، وهي شركة تقع في ولاية أريزونا الأميركية. أعادت {سيمانتك} توجيه الاتصالات الواردة والصادرة في خادمَي الشبكة نحو مركز الحواسيب في دابلن، فتمكّنت بذلك من مراقبة حركة الفيروس. بغض النظر عن هوية الجهة التي أطلقت فيروس {ستاكس نت}، يبدو أنها أفلتت بفعلتها. لكن تستطيع {سيمانتك} على الأقل تعقّب الأثر الذي تركته وراءها.
ساهمت عملية إعادة توجيه الاتصالات في الحصول على لمحة عن البلدان التي ينشط فيها الفيروس. استناداً إلى نتائج تلك التحليلات، طاول {ستاكس نت} حوالى 100 ألف حاسوب في العالم، منها أكثر من 60 ألف جهاز في إيران، وأكثر من 10 آلاف في أندونيسيا، وأكثر من 5 آلاف في الهند. حرص مخترعو {ستاكس نت} على برمجة الفيروس بطريقة تمكّنه في المقام الأول من إبلاغ خادمَي التحكم والقيادة بما إذا كان الحاسوب الذي طاوله الفيروس يشغّل برنامج {ستيب 7} (Step 7)، وهو برنامج خاص بالبرمجيات الصناعية طوّرته شركة الهندسة الألمانية {سيمنز} (Siemens). يُستعمل {ستيب 7} لإدارة أجهزة الطرد المركزي في منشأة نطنز الإيرانية.
يقع المصنع بالقرب من نطنز في الصحراء، على بُعد 250 كيلومتراً من جنوب طهران، وهو محصّن جيداً لأن المنطقة تخضع لحماية الأمن العسكري. يبلغ طول مراكز الألمنيوم للطرد المركزي متراً و8 سنتيمترات وقطرها 10 سنتيمترات، وهدفها زيادة نسبة اليورانيوم 235 (النظير الانشطاري لليورانيوم) تدريجياً. ثمة محرّك دوّار داخل أجهزة الطرد المركزي وهو يدور بسرعة ألف مرة في الثانية. في خضم هذه العملية، يُضخّ غاز سادس فلوريد اليورانيوم كي يتراكم اليورانيوم 235 في المركز. تخضع هذه العملية لرقابة نظام شركة {سيمنز} الذي يعمل وفق برنامج التشغيل {مايكروسوفت ويندوز} (Microsoft Windows).
ثغرات أمنيَّة
تُعتبر الحيلة التي تسهّل تنفيذ الاعتداء بسيطة ومبتكرة في آن. يستفيد فيروس {ستاكس نت} من الثغرة الأمنية الموجودة في برنامج {ويندوز} كونها تمكّن من التلاعب بالنظام. نتيجة هذا الخطأ في البرمجة، يمكن أن يخترق الفيروس النظام عبر مشغّل ذاكرة الفلاش (USB flash drive) مثلاً. حالما يتّصل مشغّل الذاكرة بأي حاسوب ضمن النظام، تبدأ عملية التحميل من دون أن يلاحظ أحد.
يبحث {ستاكس نت} في البداية عن برامج مكافحة الفيروسات. تكون الشيفرة مصمّمة لتجاوز تلك البرامج أو لتفكيك نفسها إذا عجزت عن ذلك. خلال فترة طويلة، كانت إحدى الأولويات تقضي بعدم ترك أي آثار تشير إلى حصول هذه العملية.
في المرحلة الثانية، يستقر {ستاكس نت} داخل الجزء الذي يدير مشغّل ذاكرة فلاش في نظام التشغيل حيث تحصل عملية كشف الجمع (checksum)، وهو الهدف الذي لا يزال غامضاً حتى الآن. تتوقّف عملية نشر الفيروس عندما تبلغ هذه القيمة عتبة 19790509. تتوقّع {سيمانتك} أن يكون هذا الرقم نوعاً من الرموز. عند قراءة الرقم بشكل معاكس، سنجد أنه يمثّل تاريخ 9 مايو 1979، أي اليوم الذي أُعدم فيه رجل الأعمال اليهودي حبيب الغنيان في طهران. هل الأمر مجرّد صدفة، أم عمل استفزازي مقصود، أم هي مناورة {الرنجة الحمراء} (أي تحويل الانتباه عن المسألة الرئيسة)؟
لم يتّضح بعد كيف تمكّن الإسرائيليون من إيصال الفيروس إلى نطنز. من بين المصطلحات المتخصّصة التي يستعملها الخبراء في قطاع الحواسيب، تُسمى الثغرات الأمنية التي كانت مجهولة سابقاً، مثل الثغرة في نظام تشغيل ويندوز، ببرنامج {استغلال نقاط الضعف في يوم الصفر}. ترتكز عملية البحث عن نقاط الضعف هذه على مزيج من تحديات القرصنة ونماذج الأعمال. المعرفة ميزة قيّمة، وتبرز اليوم سوق سوداء حيث قد تبلغ قيمة نقاط الضعف المجهولة سابقاً ما يساوي مئة ألف دولار أو أكثر. يستغل {ستاكس نت} أربع من هذه الجواهر الرقمية على الأقل.
وحدها الدول تستطيع إنتاجه
يشير تحليل قامت به وكالة استخبارية أوروبية مصنّفة تحت خانة السرية إلى أن أي مبرمج كان ليحتاج إلى ثلاث سنوات على الأقل لتطوير {ستاكس نت}، وكانت هذه العملية لتكلّفه الملايين. بحسب تقديرا {سيمانتك}، كانت الاختبارات الحاصلة في المنشأة النموذجية لِتشغل بين خمسة وعشرة مبرمجين طوال نصف عام. وفق التحليل الاستخباري، يمكن استبعاد النظرية القائلة بأن أشخاصاً فرديين هم الذين اخترعوا {ستاكس نت} بمعزل عن الحكومات. إنه الاستنتاج نفسه الذي توصّل إليه أعضاء مجلس الأمن الفدرالي في ألمانيا – وهو عبارة عن لجنة حكومية معنيّة بالشؤون الدفاعية تعقد اجتماعاتها في السر- عندما اجتمعوا في برلين بتاريخ 25 نوفمبر 2010.
قال وزير الداخلية آنذاك توماس دي ميزيير، الذي أصبح اليوم وزير الدفاع الألماني، إن {ستاكس نت} يبيّن ما قد يحصل حين ينشط المعتدون البارعون. كل من يريد استثمار هذا الكم من الأموال والموارد يدرك جيداً ما يفعله، بحسب قول دي ميزيير. أجمع أعضاء المجلس على أن الفيروس هو من ابتكار دولة مستقلّة حتماً.
أعلن فريق عمل دي ميزيير عن رصد 15 نقطة ضعف في برامج الحواسيب النموذجية يومياً، مع التأكيد على أن عشرات آلاف المواقع الإلكترونية تُصاب بالاختلالات يومياً في أنحاء العالم. في نهاية الاجتماع، قرّر المجلس تأسيس مركز وطني للدفاع الإلكتروني. ثم أعلنت وثيقة صادرة عن الحكومة لاحقاً أن التجارب مع {ستاكس نت} تشير إلى أن المجالات الأساسية في البنية التحتية الصناعية لم تعد آمنة في وجه الاعتداءات الإلكترونية المستهدفة.
غيّر هذا الفيروس الطريقة التي ننظر فيها إلى الاعتداءات الرقمية بشكل جذري. أصدرت الحكومة الأميركية حديثاً عقيدة جديدة عن الحرب الإلكترونية لتعريف الاعتداء الإلكتروني باعتباره شكلاً من أشكال الحرب التقليدية. في الأسبوع الماضي، حذّرت روبرتا ستامبفلي من وزارة الأمن الوطني في الولايات المتحدة من أن شيفرة {ستاكس نت}، التي أصبحت معلنة أمام الجميع اليوم، قد تلهم المقلّدين للقيام بالمثل.
في السنة الماضية، تبنّت الحكومة البريطانية استراتيجية أمنية جديدة، وقد أقرت مبلغ 650 مليون جنيه استرليني (أو 1070 مليون دولار) لتمويل الخطة. قال نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي، دان مريدور، في خطاب ألقاه في القدس في شهر فبراير الماضي: {سيكتسب العالم الإلكتروني أهمية كبيرة في الصراع بين الدول. إنها معركة من نوع جديد وهي لا ترتكز على استعمال الأسلحة بل على عوامل أخرى}.
النجاح يساوي فك اللغز
ينظر الموساد إلى {ستاكس نت} باعتباره نجاحاً عظيماً، بما يساوي فك آلية التشفير الألمانية الغامضة من البولنديين والبريطانيين خلال الحرب العالمية الثانية. لكن لا يشعر الجيش الإسرائيلي بالبهجة نفسها. فهو يعتبر أن اكتشاف {ستاكس نت} كان ثمناً باهظاً اضطرّ إلى دفعه، على رغم الانتكاسة التي ألحقها بنظام الملالي في إيران.
كانت تلك الانتكاسة مؤلمة بالفعل. عادةً ما يدور جهاز الطرد المركزي للأشعة تحت الحمراء (IR-1) على وتيرة 1064 هيرتز أو دورة في الثانية. حين بدأت الأجهزة الدوّارة بالعمل بطريقة غريبة، زاد تردّدها إلى 1410 هيرتز خلال 15 دقيقة، قبل أن تعود إلى تردّدها الطبيعي. بعد ذلك، عاد الفيروس ليفرض سيطرته بعد 27 يوماً، لكنه أبطأ عمل الأجهزة الدوّارة هذه المرة وفق تردّد يبلغ بضع مئات الهيرتزات طوال 50 دقيقة كاملة. أدت قوة الطرد المركزي المفرطة والناجمة عن هذه العملية إلى تمدّد أنابيب الألمنيوم، ما أدى إلى رفع خطر احتكاك الأجزاء ببعضها البعض ثم تدمير أجهزة الطرد المركزي.
أشارت التقارير إلى تحطّم ست وحدات تحتوي على 164 جهازاً للطرد المركزي بهذه الطريقة. تعتبر السلطات المعنية ببرنامج إيران النووي، مثل دايفيد أولبرايت من معهد العلوم والأمن الدولي في واشنطن، أن {ستاكس نت} دمّر حوالى ألف جهاز طرد مركزي. اعترفت إيران من جهتها بأن برنامجها النووي واجه انتكاسة كبيرة. بحسب قول غلام رضا جلالي، رئيس منظمة الدفاع المدني في إيران، تعرّض البرنامج لضرر كبير على الأرجح.
حقّق رئيس الموساد الأسبق، مير داغان، هدفه بتخريب البرنامج النووي من دون شن حرب جديدة في الشرق الأوسط. لكن لا تزال إيران تملك 8 آلاف جهاز للطرد المركزي، فضلاً عن أجهزة أخرى أكثر تطوراً من الجيل الثاني تكون مزوّدة بأجهزة دوّارة من ألياف الكربون وتستطيع العمل بسهولة حتى على مقياس 1400 هيرتز. لم تتأثر هذه الأجهزة بالنسخة المتوافرة من برمجيات التخريب. لذا قد يحتاج الموساد إلى فيروس جديد على المدى القريب. وسيعني استعماله إطلاق الجولة التالية من الحرب الإلكترونية الضمنية.
{شين بيت}
جلس شابان إسرائيليان يعملان مع الحكومة بطريقة غير مباشرة في أحد مقاهي تل أبيب المعاصرة. يدير الرجلان شركة تتعامل مع الموساد ووكالة الاستخبارات المحلية {شين بيت}. ابتسم الشابان وقالا إن الاعتداء الرقمي، وليس الدفاع، هو القاعدة التي يتبعانها. وفق شائعات متداولة في القدس وتل أبيب، نفّذ الرجلان مهمات أساسية لصالح الموساد في مجال تطوير {ستاكس نت}.
لفت أحد القراصنة: {لم يشاهد الناس ما يشبه فيروس {ستاكس نت} سابقاً إلا في الأفلام. أما الآن، فيمكنهم رؤيته على أرض الواقع}. كان يتحدث بلهجة تنمّ عن الفخر حين قال: {في أوساط المعتدين، لم يكن هذا الوضع جديداً}. سبق واستُعملت جميع نقاط الضعف تقريباً في اعتداء سابق، بحسب قوله، لكنها لم تُستخدم أبداً في الوقت نفسه. وشرح أن التحدي الحقيقي عند شن اعتداء بفيروس مثل {ستاكس نت} يكمن في اختراق نظام غير متّصل بشبكة الإنترنت.
ما هي عواقب {ستاكس نت}؟
سكت الرجلان لبرهة... فهما ينظران إلى الأمور من وجهة نظر المعتدين. ثم أضاف أحدهما: {كان اكتشاف {ستاكس نت} ضربة قاسية بالنسبة إلينا. لقد كان الأمر مزعجاً لنا بسبب الإفصاح عن هذه الطريقة الناجحة}.
يبدو أن مخترعي {ستاكس نت} أعدوا خططاً إضافية لاستعمال منتجهم. منذ ذلك الحين، اكتشفت {سيمانتك} نسخة جديدة من هذا الفيروس تحتوي على شيفرة أكثر تعقيداً ومصمّمة لاستهداف تكنولوجيا سيمنز المتطوّرة للتحكّم، لكن لم يتم تشغيلها بعد. يقول العاملون في {سيمانتك} إن {ستاكس نت} هو {تهديد من النوع الذي لا نريد مواجهته مجدداً}.
لكن من المستبعد أن تتحقّق هذه الأمنية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.