"الشبيحة" كلمة أصبحت تتردد كثيراً في وسائل الإعلام خلال الاحتجاجات الشعبية السورية، وقد أصبحت صِنْو كلمتي الجيش والأمن، فمن هم الشبيحة وما حقيقة وجودهم ولماذا أطلقت عليهم هذه التسمية؟ لم يكن أحد خارج سوريا يعرف ما الذي تعنيه كلمة "الشبيحة" قبل ترددها بكثافة في مختلف القنوات التلفزيونية منذ بداية الاحتجاجات التي تعم المدن السورية منذ خمسة أشهر ولا تزال مستمرة حتى اليوم. لكن هذه الكلمة التي تطلق على مجموعات احترفت ترويع المواطنين سُمعت لأول مرة مع ظهور الموديل القديم من سيارات المرسيدس الذي أطلق عليه اسم (الشبح)، حيث اشتق اسم الشبيحة من اسم هذا الموديل باعتبار أن أغلب زعماء الشبيحة كانوا يفضلون ركوب هذا النوع من السيارات. ورغم أن الشبيحة هي عصابات خارجة على القانون في عُرف الدولة، وأقرب في تركيبتها إلى عصابات المافيا، إلا أنها غالباً ما كانت تحظى برعاية خاصة تسمح لها بممارسة التهريب نظراً لكون أغلب زعمائها يمتون بصلات قرابة إلى عائلة الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، ويقال إن اسمهم مشتق من "الأشباح"، حيث يقومون بترويع المتظاهرين وأهاليهم وترهيبهم كما يفعل الأشباح. لكن هذه الرعاية شبه العلنية للشبيحة لم تمنع السلطات السورية من القيام بحملات دهم وملاحقة لها في جبال اللاذقية مرة في عهد الأسد الأب وعلى يد ابنه الأكبر باسل، ضمن جزء من حملة انتخابية أثناء تحضيره لرئاسة الجمهورية، قبل أن يقضي بحادث سير، ومرة ثانية مع مجيء الأسد الابن على يد شقيقه الأصغر ماهر، كجزء من حملته لمحاربة الفساد، وهي حملات كانت أقرب إلى التأديبية منها إلى التطهيرية. وفي الاحتجاجات الأخيرة التي عمّت المدن السورية، تحوّل دور الشبيحة من عصابات تهريب، إلى مشاركين رئيسيين في قمع الاحتجاجات، وسُلحوا بالعصي الكهربائية والهراوات أولاً، ثم بالأسلحة النارية. كما تم ضم أعداد كبيرة من الشبان العاطلين على العمل إلى صفوفهم، مقابل مبالغ مالية مرتفعة. ويمارس الشبيحة دورا كبيرا في قمع الاحتجاجات ويهاجمون المتظاهرين بضراوة، وتفيد التقارير أنهم ارتكبوا جرائم فظيعة وانتهاكات لحقوق الانسان، إلا أن تصاعد قمعهم ووحشيتهم كان لها مفعول عكسي حيث أدى إلى تصاعد الاحتجاجات الشعبية على نطاق واسع في مختلف المدن السورية.