السفير الأمريكي الحالي في سوريا، السابق في الجزائر روبرت ستيفن فورد يعتبر حالة دبلوماسية فريدة من نوعها في شذوذها عن الأعراف الدبلوماسية المعمول بها، حيث المفترض أن يمثل بلاده لدى حكومة البلد المضيف، والمفترض كذلك أن تركز مهمته الأولى على تحسين العلاقات الثنائية بين البلدين وبين الحكومتين· لكن فورد يعتبر نفسه ويعتبره كثيرون من صانعي السياسة الخارجية الأمريكيون مبعوثا للولايات المتحدة لدى (المعارضة) التي تسعى علنا وصراحة إلى (إسقاط النظام) الحاكم الذي اعتمده مبعوثا لبلاده في العاصمة السورية، ويسعى جاهدا إلى (توحيد) المعارضة كي تتأهل بصورة أفضل من أجل عدم التخلي عن هذا الهدف، ويصف رأس النظام، أي الرئيس بشار الأسد، بأنه (شر)، ولا يتردد مثلا في (التسلل) خفية إلى حماة دون علم الحكومة المضيفة بينما المدينة في حالة تمرد على الحكومة الشرعية أخرجتها لفترة وجيزة عن سيطرة السلطة المركزية، مما أثار أزمة دبلوماسية كادت تقطع العلاقات بين البلدين، وقادت إلى تقييد حركة دبلوماسيي السفارة الأمريكية ضمن حدود خمسة وعشرين كيلومترا، وسط تكهنات سياسية وإعلامية تتوقع إما طرده من سورية أو سحب واشنطن له منها· وقد لخّصت ال (سي إن إن) حالة روبرت فورد الشاذة، وضعا ومهمة، في عنوان مدونة لها في الثامن من سبتمبر الجاري هو: (دبلوماسي أمريكا غير الدبلوماسي في سورية)· والمفارقة أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما كان قد عينه في منصبه في أواخر عام 2010 كأول سفير أمريكي في دمشق منذ عام 2005 عندما سحب سلف أوباما، جورج دبليو· بوش، السفير السابق نتيجة لمضاعفات اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، بهدف تطبيع العلاقات الثنائية، وقد عينه دون مصادقة الكونغرس على تعيينه، مستغلا كون الكونغرس في عطلة، بسبب معارضة الكونغرس لتطبيع العلاقات مع سورية لا بسبب معارضته لتعيين فورد شخصيا· وإذا لم يصادق مجلس الشيوخ الأمريكي على تعيينه قبل نهاية ديسمبر المقبل، يتوجب على فورد أن يعود إلى بلاده قبل حلول العام الجديد· وبالتالي فإنه يعمل حاليا بصفة (ممثل شخصي) للرئيس الأمريكي في العاصمة السورية بمرتبة سفير لم تصادق السلطة التشريعية على عمله "سفيرا" بصفة رسمية، في مظهر آخر لحالته الدبلوماسية الشاذة·