كان موقع المكوث الأوّل في مدينة »سياتل« التابعة لولاية واشنطن أقصى غرب الولايات المتّحدة الأمريكية، أوّل شقّة للجاسوسين الرّوسيين ميشيل زوتولي وباتريشيا ميلز اللذين كانا يستخدمانها كشقّة مثالية للتجسّس، وهي بمثابة نقطة الإنطلاق والشروع في العمل قبل التوجّه إلى ولاية فرجينيا. ففي حديث مع جون موريسون، مدير شركة بلمونت كورت في مدينة سياتل، وهو الشخص الذي منح إيجار الشقّة للرّوسيين، بشأن ملابسات ما حدث قال: »إن الغريب في الأمر أن الزّوجين لم يسألاني ولم يطلبا تفعيل خطّ خدمة الأنترنت طيلة إقامتهما في الشقّة كما يفعل المستأجرون عادة، ولم يكن لديهما أجهزة حاسوب محمول، ولم يكن في المكان جهاز كمبيوتر أيضا ولا أيّ أجهزة كهربائية للاتّصال أو الاستمتاع مثل الرّاديو. حتى أنني لم أر جهازا خلويا في المكان إطلاقا، ولم يزوّداني بأيّ رقم سوى الرّقم الأرضي الموجود أصلا في الشقّة«. وحسب وزارة العدل الأمريكية، فإن عملاء الاستخبارات الأمريكية فتّشوا في عام 2006 منازل عدد من المشتبه فيهم، وحاولوا فكّ الرّسائل المشفّرة بين الجواسيس ونظرائهم الرّوس، حتى أنه تمّ وضع أجهزة تنصّت في بعض المنازل، إلاّ أن عملية الاعتقال أُجّلت بسبب توارد معلومات جديدة يوميا، »إذ جمعت السلطات الأمريكية معلومات استخباراتية حول تكتيك وتقنيات موسكو للتجسس«، حسب ما قال مسؤول طلب عدم كشف اسمه. وأضاف موريسون، صاحب شركة العقار، قائلاً: »عاش الزّوجان في هذه الشقّة المطلّة على منطقة كابيتول هل مع طفلهما الصغير الذي يدعى كيني، وأخبراني ذات مرّة بأنهما أحبّا هذا المكان لأنه يشرف على فضاء واسع يمكنهما من مشاهدة معالم المدينة بوضوح«. وتابع موريسون وهو يتجوّل في الغرفة مشيرا إلى المكان قائلا إن »هذه هي غرفة النّوم الرئيسية التي كانت مخصّصة للزّوجين، وأشار يمينا إلى غرفة مجاورة صغيرة بأنها غرفة الطفل الصغر كيني«. ووصف مورس تعامل الجاسوسيين بالقول: »لم يكن أحد يتوقّع أن الزّوجين يعملان كجاسوسين، فتعاملهما مع النّاس لطيف جدّا، وكانا يعيشان بلا ضوضاء أو حفلات أو دعوات، ولم يُسمع لهما ضجيج ولم تسجّل ضدهما شكوى من الساكنين جوارهما إطلاقا«. وفي حديث مع الجار المجاور لشقّة ميشيل زوتولي وباتريشيا ميلز، وهو مواطن أمريكي يدعى مورغن (25 عاما) قال إن »الغريب أن مكان الشقّة لم يكن للمتزوّجين، بل هو مكان للأشخاص المتقاعدين الذين يعيشون عادة بمفردهم، أو قد يقصد هذا المكان أحيانا الأشخاص الأصغر سنّا ليأتي هو وصديقته لقضاء ليلة أو ليلتين، لكن الغريب أن الرّوسيين استأجرا الشقّة لفترة طويلة وكان لديهما طفل«. وأضاف مورغن قائلاً: »المستأجرون الجدد يعيشون في شقّة وليس لديهم أيّ شكوك بأن وكالة المخابرات المركزية وضعت أجهزة تنصّت في الفضاء، فبعد تفتيش الغرفة من قبل المختصّين علمت بأنهما قاما بفتح جهاز تحسّس الحرائق وأبدلا ستائر البيت الشفّافة بأخرى معتّمة للغاية لا تنفذ منها أشّعة الشمس ولا الضوء القوي. لقد وجدت في الشقّة بعد أن تمّ التحرّي فيها أجواء فيلم بوليسي حقّا«. المكان كان يحتوي على أشجار ظلّ وعلى أقمشة بيضاء تغطّي بعض قطع الأثاث، بالإضافة إلى أجهزة لقاتل الحشرات وضعت في فتحات المفاتيح الكهربائية. من جهته، قال جون إيفانز شريك صاحب شركة بلمونت كورت: »قبل أن ينتقل الزّوجان إلى ولاية فرجينيا رزقا بطفل ثانٍ وتذرّعا بأن الشقّة لم تعد تكفيهم جميعا، خصوصا بعد أن زاد عدد أفراد الأسرة بطفل صغير«. وتابع جون قائلا: »بقيت الشقّة على حالها دون أن يستأجرها أحد، وفي التفتيش الذي جرى أخيرا عثر المسؤولون الأمنيون على أوراق مكتوبة بخطّ اليد تحوي رموزا سرّية وشفرات يعتقد أنها لغة التخاطب مع باقي المجموعة التي ألقي القبض عليها أخيرا«. وتؤكّد مصادر أمنية أمريكية أن الطفلين سيرسلان إلى موسكو قريبا.