لم يعد ظهور "الشبيحة" مقتصراً على شوارع وأحياء المدن السورية، ولكن يبدو أن نشاطهم وصل إلى موسكو، ربما باعتبارها البلد "الصديق" الذي عارض أي إدانة من جانب المجتمع الدولي لممارسات الأجهزة القمعية السورية ضد المتظاهرين. وظهور "شبيحة" حكم الأسد في العاصمة الروسية كان في أكثر من مناسبة، لكن الأبرز فيها عندما تجمع عشرات "الشبيحة" أمام مبنى وكالة أنباء "نوفوستي" الحكومية، خلال زيارة وفد المعارضة السورية إلى العاصمة الروسية قبل نحو ثلاثة شهور. وكانت البداية في مؤتمر صحافي عقده وفد المعارضة السورية بمقر وكالة "نوفوستي" الحكومية، حيث لجأ "الشبيحة" إلى إطلاق الاتهامات والتلويح بتهديدات مختلفة لأعضاء وفد المعارضة بدلاً من توجيه أسئلة، ثم واصلت هذه المجموعة جهودها خارج المبنى، حيث انضمت إليهم مجموعة أخرى، وحاولوا الاعتداء بالضرب على وفد المعارضة السورية، ولم ينقذ الوفدَ سوى تدخل الشرطة الروسية التي قامت باحتجاز أنصار الأسد عدة ساعات، حتى تمكن وفد المعارضة من مغادرة المكان. اللافت أن نشاط "الشبيحة" في موسكو لم يقتصر على تهديد المعارضين السوريين، بل تجاوز ذلك إلى الاعتداء بالضرب على بعض الناشطين في موسكو، كما حدث مع عدد من الطلاب السوريين بجامعة الصداقة، ومنهم مجد حذيفة ومنذر مرعب. واستمر نشاط "الشبيحة" في موسكو على شكل محاولة تكميم أفواه الصحافيين العرب الذين تعاملوا مع ملف الأزمة السورية بحيادية ولفتوا الأنظار نحو أعمال العنف التي تمارسها قوات أمن حكم الأسد ضد المتظاهرين العزل. ومنذ انفتاح موسكو على ملف الأزمة السورية واستقبالها وفود المعارضة والحكومة، تنامى نشاط "الشبيحة" ليس في تغطية هذه الزيارات وإنما في التجول داخل قاعات المؤتمرات الصحافية التي تستضيف وفود الحكومة السورية وتحذير "الزملاء" من "إحراج" الضيف عبر التهديد بالويلات إذا سوّلت لهم أنفسهم توجيه أسئلة "محرجة" إلى المسؤولين السوريين الرسميين، وأكثر من ذلك فقد أطلق "الشبيحة" حملة تضمنت توجيه اتهامات وتشهير ضد صحافيين عرب لم تخلُ من إطلاق التوصيفات المختلفة، بما في ذلك التهم بالعمالة لإسرائيل أو لأجهزة الأمن الغربية، باعتبار أن من يعارض "نظاماً وطنياً" لابد أن يكون "عميلاً ومرتبطاً بأجندات أجنبية". ولم يقف هذا التحرك السوري على هؤلاء وحدهم، فقد انضم إلى شخصيات رسمية قريبة من السفارة السورية عندما وجهت "تحذيرات" إلى صحافيين لأنهم "حادوا عن الحيادية" في تغطياتهم للحدث.